الانسحاب الامريكي من افغانستان ..."طالبان"
:انتصرنا...!!!
اذا كان عهد الرئيس بوش تميز بالتعذيب وخاصة
في سجن غوانتانانمو ،فان الرئيس اوباما الذي اعيد انتخابه لولاية ثانية، تميزت فترة حكمه الاولى بالقتل من خلال اعطاء الأوامر
والسماح لاستعمال الطائرات بدون طيار التي
يعد استعمالها خارج الاطر القانونية وغير خاضعة لأي تحقيقات وبخاصة الرئيس اوباما قادم من تدريس القانون الدستوري
،فكيف سيتعامل اليوم مع مشكلة العصر ،مشكلة افغانستان ،لكونها اطول حرب وضعت
امريكا نفسها في هذا المستنقع لمحاربة الارهاب من خلال تحالف دولي شن عام 2001 ،للقضاء
على الارهاب وبناء دولة ديمقراطية في بلد يعاني التشرذم والانقسام والانهيار بعد
حربا طويلة ضد الامبراطورية السوفياتية وحربا اخرى ضد الامبراطورية الامريكية .
لقد حدد اوباما موعدا نهائيا لخروج جيشه من المستنقع الافغاني
عام 2014 ،يحاول تطبيق ما وعود به سابقا بالرغم من ان الحملة الانتخابية الثانية ،
لم تهتم بالمشاكل الخارجية بل اقتضت على معالجة القضايا الداخلية والانكفاء نحو الداخل والمحافظة على الدولة الامريكية والابقاء
على الإمبراطورية في اطار حدودها الحالي دون ادخالها في حروب مميته وبخاصة بظل الازمة
الاقتصادية والسياسية التي تعانيها امريكا .
في الوقت التي تستعد الادارة الجديدة لطرح
استراتيجية جديدة من افغانستان تتعرض ادارة اوباما لا قوى ضربة في المؤسسة العسكرية والامنية بعد
استقالة اقوى جنرالين"ديفيد بترايوس ،وكيل الاستخبارات وجون الن قائد قوات
حلف الاطلسي في افغانستان بسبب تعرضهم للفضائح الجنسية التي تناولتهم واعترفوا بها
.
طالبان وعودتها الى المسرح السياسي
:
بظل الترتيبات الامنية والعسكرية التي تجريها
ادارة اوباما في كيفية ترتيب الانسحابات والخروج الامن من افغانستان من خلال توقيع
معاهدة عسكرية بين البلدين للإبقاء على
قواعد عسكرية وتواجد عسكري تراوح عدد
جنودها ما بين عشرة الالا لف والخمسة وعشرين، والذي سيبت سريعا فورا تولي قيادة
امنية وتعين وزير جديد للدفاع .
يخرج مجددا السؤال العلني الذي يطرح نفسه
بقوة لمن سيتوؤل دفة القيادة في افغانستان
بعد الخروج الامريكي من بلاد الحروب الدائمة؟ .
امريكا اليوم ترى حركة طالبان هي الفصيل
الاقوى والاكثر تنظيما والتي حاولت منذ اذار الماضي فتح باب التفاوض معها بسبب قدرتها على البقاء
بالرغم من الحرب الطويلة والشرسة التي شنت ضدها طوال الفترة الماضية اضافة الى
تمتع حركة طالبان بغطاء شعبي كبير مركب من الاغلبية البشتونية التي تشكل القسم
الاكبر من مكونات الدولة الافغانية ولارتباطها بعلاقات عرقية مع دولة افغانستان من
خلال منطقة القبائل في وزير ستان التي تشكل منطقة عسكرية لم تستطع الدولة
الباكستانية السيطرة عليها ولا ضربات الجيش الامريكي المستمرة على هذا الاقليم
الملتهب ذي الارتباط العرقي مما ساعد على تشكيل مكان آمن لحركة طالبان الافغانية
بسبب نشوء حركة حقاني المتشددة والتي وضعتها امريكا في خانة الارهاب الدولي.
الساحة الافغانية مصدر القوة :
جاء تصريح قادة الحركة الاخيرة مفاجئا
للقيادة الامريكية :"بانها توافق على أي اتفاق يجريه الملا محمد عمر بشان
الانساب والتفاوض على مصير الدولة الافغانية وهي بالتالي تستطيع ان تفاوض وان
تمارس عملها العسكري لأنها اقوى من أي وقت مضى، وسوف تواصل الضغط العسكري على قوى
التحالف الغربي حتى يتحقق لها ما تريد. و"الامريكي" كما تصفه حركة حقاني
المتشددة ينزف اليوم ويخسر قواه العسكرية
في هذه المعركة . لذلك لبد من التسريع بالانسحاب من المستنقع الافغاني، ونحن اقتربنا من النصر وباستطاعتنا
تشكيل حكومة اسلامية في كل البلاد". لم
تستطيع امريكا تحقيق اهدافها العسكرية والامنية في افغانستان طوال الفترة السابقة
التي خاضت حملتها العسكرية العالمية ضد الارهاب وها هي حركة طالبان تخرج مجددا
للساحة السياسية اقوى وانضج بحسب تصريحات قادتها بانهم سوف والكثرين من المحللين السياسيين
والخبراء بالشؤون الافغانية، وان الحركة باستطاعتها قيادة البلد بطريقة مختلفة وجديدة عكس ما كنت عليه
حالة الحركة عام 2000 في فترة تشكيل امارة طالبان الاسلامية ،لكن امريكا التي
تعاني من المستنقع الافغاني ، استطاعت بالدرجة الاولى :
-التقليل
من خسائرها خلال واستعدادها لعملية الانسحاب القادمة.
- فك الارتباط بين طالبان والقاعدة واحتواء
القوى المعارضة في الباكستان وتوحيدها ضمها تحت عباءة حركة طالبان .
-فتح باب التفاوض مع الباكستان مجددا بعد ان
اضحت علاقات البلدين في مهاب الريح نتيجة استباحت امريكا للقتل الجماعي على
الاراضي الباكستانية، بعد ان اضحت بكستان
غير قادرة على السيطرة على حركة طالبان بعد ان كانت غطاء منذ تأسيسها عام 1994،
عودة طالبان سوف يحد من دور ايران التي المتنامي
في افغانستان مما يضعها في مواجهة مع
حكومة باكستان السنية ، وعودة طالبان تعني عودة الود مع الدول الخليجية وخاصة دولة
قطر التي تم فتح مكتب تمثيل ، وايضا مع دول الربيع العربي ذات المرجعية
السنية ،عودة طالبان سوف يضمن لأمريكا موقعا متقدما في اسيا الوسطى، ولكن السؤال
الذي يبقى غائبا بظل ترتيب الانفراج في العلاقات القادمة التي باتت تظهر على
المسرح السياسي من خلال الافراج عن العديد من المعتقلين الطالبان من معتقلات وسجون
الحكومة الافغانية الحالية ،كيف ستكون علاقات حركة طالبان بروسيا "العدو "
التاريخي للحركة المجاورة لدول اسيا الوسطى ذات التواجد السني الكثيف ؟ هل ستدخل
الحركة بمواجهة مع موسكو بظل موقف روسيا من الازمة السورية ،وتقع ادرأه بوتين في
مرمى نار الحركة نتيجة مواقف روسيا المتشددة من الاسلاميين ووصفها للربيع العربي
انه "اسلامي".
نقلا عن جريدة الرواد اللبنانية العدد 78
التاريخ26 نوفمبر تشرين الثاني 2012 الصفحة12
دخالد ممدوح العزي
كاتب وباحث في الاعلام السياسي والدعاية
Dr_izzi2007@hotmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق