الثلاثاء، 26 يوليو 2011

احتجاجات مستمرة في سورية ، والنظام يتحول إلى عصابات.

احتجاجات مستمرة في سورية ، والنظام يتحول إلى عصابات.
لقد خرجت المظاهرات في سورية من جديد هذا الأسبوع بتاريخ 22 تموز"يوليو"2011 تحت اسم "جمعة خالد ابن الوليد" الصحابي الإسلامي وسيف الله المسلول تضامنا مع حمص وأهلها المحاصرين، من قبل قوات الأمن والجيش السوري ورفضا للصراع الطائفي المفتعل. حمص التي لفتت أنظار الجميع إليها هذا الأسبوع نتيجة الأعمال الإجرامية الذي يحاول النظام تنفيذها بحق العيش المشترك في المدينة وبث حالة رعب فيها. لذا كانت هذه الجمعة ،هي جمعة الوحدة الوطنية بين فئات الشعب السوري وتحديدا بين الأكثرية السورية السنية والأقلية العلوية. التي يراهن عليها النظام في حماية وجوده والوقوف إلى جانبه في تنفيذ مجازره البشعة.
لقد تميزت تظاهرات جمعة أحفاد خالد بأنها شكلت نقطة تحول فعلية في احتجاجات الشعب السوري ، فالمظاهرات التي اعتمدت على نهار الجمعة للخروج إلى الشوارع والسبت لتشيع جاثمين الشهداء أصبحت يومية ليلا نهار مستمرة في كل مدن سورية.لكن حماة أدهشت العالم كله من خلال استمرارها للأسبوع الرابع بالتظاهر وخروج مئات الألف إلى الشوارع دون حصول تصادم مع الأمن والتي تعتبر نفسه محررة من سلطة الدولة السورية ،والتي تبث للسورين والعالم بفشل مقولة النظام بوجود عناصر إرهابية تقتل وان وجود الأمن يؤدي إلى قتل المتظاهرين. حماة ليست "قندهار الأفغانية"، كما وصفها إعلام وكتاب النظام السوري وحلفاءه، لان تاريخ حماة الوطني والقومي اقوي واعلي من كل الذين يحاولون تشويه صورتها القومية والوطنية والإسلامية .
لكن النظام السوري فجاءه رد الشباب العلوي التنصل من الدخول في حرب طائفية كما يحاول النظام التمهيد لها منذ طويلة ، و إعطاءه الحق بممارسة الإطباق العسكري والأمني على المدن السورية وسكانها.
النظام السوري فشل في إقناع العالم منذ بداية الانتفاضة الشعبية بتسميتها ونعتها بالعديد من التسميات "الإرهابية والسلفية والخارجين عن القانون والمأجورين والجراثيم ليستقر بالنهاية على كونها عصابات مسلحة فهذه التسمية تشمل كل شيء.
فالنظام الذي يعتمد في حربه لقمع الانتفاضة على:
1- تركيبة الجيش الفوقية نتيجة سيطرة ضباط الطائفة العلوية على المراكز العلية والحساسة للجيش العربي السوري ،
2- تجار حلب ودمشق التي ارتبطت مصالحهم الشخصية بنظام العائلة الحاكمة ،
3-الطائفة العلوية التي تستفيد من نظام الأسد وحزب البعث،
4- المنتسبين إلى حزب البعث والمستفيدين من وجوه في السلطة.
5- الأعلام الماكر التي تسيطر عليه الأجهزة الأمنية، ويعبرعن سلطة النظام،
6- شبيحة الإعلام الذين يسوقون للسلطة ويتراكضون من قناة إلى قناة في طرح كميات هائلة من الكذب الإعلامي، في محاولة لتشويش عقول المشاهدين من خلال القصص والراويات التي يطرحونها على الهواء المباشر.
7- الغزل الدبلوماسية الذي يقوم به نظام الأسد ،مع العالم الغربي الذي لا يزال يراهن على تغيرات وإصلاحات يجريها النظام السوري الحالي.
لذا عمد النظام منذ البداية على جز الجيش بحرب داخلية ضد الشعب كي لا يقف الجيش موقف الدول الأخرى الذي حسم الصراع فيها لصالح الشعب المنتفض،ومنع القادة العسكريين من الخروج من ثكنة الجيش السوري كي لا يتعاطفوا مع المتظاهرين، لقد سلح النظام السوري الطائفة العلوية كي تحمي النظام من خلال المهمة الموكلة لها بقمع المتظاهرين الذين يحاولون السيطرة على النظام وتجريدهم من حقوقهم الخاصة بقيادة السلطة،إضافة إلى طبقة التجار السوريين التي لا تزال تراهن على قدرة النظام السوري في قمع الحراك الشعبي واستتباب الأمن والحفاظ على مصالحهم المالية الضيقة .
بناء لذلك أجاز النظام السوري لنفسه القتل والبطش واعتقال المتظاهرين واحتلال المدن وتصدير أزمته إلى الدول المحيطة بالحدود السورية ،ومنع التغطية الإعلامية الخارجية، وعدم بث المعلومات ونقلها إلى العالم الخارجي، وكذلك عدم السماح لدخول منظمات المجتمع الدولي إلى مكان الحدث،والعمل في سورية بحرية ،كي لا تتمكن هذه القوى المستقلة من تكوين صورة حقيقية عما يجري في سورية من خلال عملها ،وتكوين قوة ضغط حقيقية تجبر حكومات بلادها على تغير مواقفها من النظام السوري الذي لا يزال يراهن على التعاطي السلس معه ومطالبته بإجراء إصلاحات صورية وتغير سلوكه مع الاحتجاجات الشعبية وامتصاص النقمة الثورية وإخماد صوتها.
لكن الحركة الشعبية السورية تغيرت تغيرا أجابيا نحو الأفضل من خلال توسع رقعة المظاهرات في المدن وزيادة عدد المتظاهرين فيها "وانضمام فئات شعبية كانت صامتة و تنظر إلى تطور الانتفاضة الثورية، و بدأت تحسم آمرها فالأقلية العلوية التي يراهن عليها النظام بدأت تنحرف نحو التظاهر وتأيد الثورة ،وهذا ما عبرا عنه بيان الشباب العلوي في حمص وزيارة الفنانة فدوا سليمان إلى مدينة الغابون للتعزية فيها بشهداء الانتفاضة . كذلك التظاهر في السويداء مدينة جبل العرب الدرزية، ومواقف منتهى الأطرش ابنة الراحل سلطان الأطرش قائد الثورة السورية الكبرى، من النظام السوري إضافة إلى اعتقال الفنانة ريما فليحان في تظاهرات المثقفين السورين، موقف الفنان فارس الحلو الذي ذهب إلى الغابون أول الفنانين وهتف باسم سورية الحرة فيها،واعتقال الفنانة مي سكاف في تظاهرات المثقفين السورين وهما من الطوائف المسيحية ،مما يدل على التأكيد الفعلي على وحدة الحراك الشعبي في سورية من خلال التأيد الكامل للثورة التي تطالب بإسقاط النظام السوري ورحيل يشار الأسد.
الصورة هذه لا يحبها النظام السوري لكونها تفشل مقولته القائمة على أن التظاهرات هي مأجورة ومن دول مجاورة تمد الإرهاب، فهو يحاول منذ البداية العمل على عسكرة الانتفاضة لكي يبرر أفعاله الإجرامية أمام العالم، بأنه يدافع عن نظامه ضد جماعة إرهابية تهدد أمنه القومي ،ويحاول اقتباس تجربة صديقه الليبي،بعد أن فشل في ترويج تجربة صديقة على عبد الله صالح بإخراج مظاهرات مؤيدة له مقابل مظاهرات المعارضة،والعمل على تصعيد ميداني شارع ضد شارع.
لقد دخل النظام السوري في تكتيك جديد لمحاربة الثورة،والذي يحاول من خلاله الانقضاض على سلمية الثورة المستمرة في سورية، منذ 5 شهور بالرغم من ارتفاع عدد القتلى والجرحى والاعتقالات الواسعة التي يشنها النظام بين المحتجين، وكل هذه الإعمال الوحشية،لم تفلح حتى اليوم بالقبض على أي إرهابي أو مقاتل متطرف،كما يروج نظام الأسد وإعلامه، بل كل المعتقلين هم شباب علمانيون، ومفكرين وصحافيين ومثقفين وفنانين وطلاب مدارس وجامعات. لكن الشعب السوري لم يحاول الرد على تصرفات رجال امن النظام الذين مارسوا أبشع الممارسات بحق المدنيين" الذين اعتدوا على الكرامة والعرض وعلى كل ما يشبه ذلك، والتي كانت أخرها إخراج معتقلين سوريين ونزعت الألبسة عنهم وجرهم كالكلاب، وهذه مناظر شنيعة نشرت صورها على كل العديد من المواقع الكترونية، وتعتبر فضيحة كبرى للنظام هي أبشع من صور سجن أبو غريب العراقي، فالسلطة تقول للشعب ردوا على انتهاكات كرمتكم ارفعوا السلاح قاموا ضدي، اثأروا لشرفكم، فالسلطة تريد عسكرة الانتفاضة وتجهد بكل الوسائل لتنفيذ هدفها الاسمى .
في جمعة أحفاد خالد والذي خرج فيها أعددا هائلة من المحتجين إلى الشوارع والإعداد سوف تزداد مع قدوم شهر رمضان المبارك، والتي سوف تضع السلطة السورية على محك حرج لأنها لم تستطيع قمع الحراك ولا تنفيذ الإصلاحات،فالجمهور الساكت أو المنتظر على الكراسي للمراقبة، بداء يحسم أمره والاتجاه نحو الثورة و تأيد الحراك الشعبي والخروج إلى الشارع لنصرة المدن المحاصرة وهذا ما حصل مع الفنانين المثقفين السورين الذين هتفوا على الهواء تعيش سورية حرة ويسقط بشار الأسد . عمد النظام السوري إلى خلق مجزرة في حمص مفتعلة تحرف الانتفاضة عن سيرها وخطها الحقيقي وصفاتها السلمية،وإدخالها في حرب طائفية،تم تفجير خط أنبوب النفط، كذلك تم تفجير القطار المدني في ضواحي حمص، وصولا إلى ضرب الكلية الحربية في حمص بالطائرات العمودية،ليقول للعالم بأكمله والشعب السوري هذه العصابات التي نحاربها،ونحاول إجهاضها، هي المسئولة عن قتل المدنين والعسكريين. طبعا كل الإعمال العسكرية المفتعلة الذي يقوم بها النظام تأتي ضمن نطاق عسكرة الانتفاضة وإدخال البلاد في حرب أهلية،لان كل هذه الخطوات المذكورة، والتي يمكن أن تتطور لاحقا إلى أكثر من ذلك ما هي إلا سيناريوهات يعمل النظام على تنفيذها لقمع ولجم الحراك الشعبي الممتد إلى كل النواحي السورية .
النظام يحاول أظاهر سورية بأنها دولة فاشلة، لا تستطيع السير أو التحول نحو الديمقراطية وممارسة إصلاحات حقيقية دون نظام الأسد،لان نظام الأسد هو الكفيل باستقرار سورية ودول الجوار ،لان أي تغير مفتعل للنظام سوف يهدد امن المنطقة كلها وتحديدا إسرائيل .
بناء على طرح الأسد لا تزال المواقف الدولية والعربية صامتة عن الجرائم التي ترتكب يوميا بحق الشعب السوري والتي يمكن أن تصف تلقائيا بجرائم ضد الإنسانية، واضعين مصالحهم الخاصة مع النظام السوري في الدرجة الأولى وغير مهتمين لما يحدث للشعب.
الموقف التركي: الذي يحاول أخراج النظام السوري من مأزقه، من خلال تشكيل حكومة معارضة بقيادة حركة الإخوان المسلمين،وأبقى الأسد في السلطة وأجرى إصلاحات في تركيبة النظام السوري وحل حزب البعث السوري من خلال إلغاء المادة الثامن من الدستور السوري،وهذا ما يوافق عليه الأسد و يمكنه التضحية بالحزب ،وبذلك يمكن إخراج الأخوان من حركة الاحتجاج وإضعاف العلمانيين وإبعاد الأكراد عن المشاركة الفعلية نتيجة خوف تركية من خروج الحالة التركية مجددا إلى العلن ،وهذا ما عملت عليه تركية أثناء مؤتمر المعارضة في اسطنبول و الضغط الشديد على رئيس المؤتمر السوري للأنقاض هيثم المالح من عدم تشكيل حكومة منفى وتهميش الدور الكردي والعلماني في تشكيلة القوى الجديدة، وتقديم مشاركة كثيفة للإخوان في كافة المؤتمرات، ويبدوا هذه الخطوة الانقضاضية للنظام هي فكرة تم تنسيقها بين الموقف التركي - الإيراني على اثر اجتماع وزير الخارجية الإيراني مع التركي في اسطنبول.
لكن السؤال المهم الذي يطرح نفسه على تركيا، هل تقبل أمريكا بهذا الاتفاق، وهل تركيا تستطيع ضبط حركة الشارع السوري الثائر. الجواب طبعا لا حماة المدينة الثائرة الذي خرج أهلها إلى ساحة العاصي يرددون أغنية الشهيد إبراهيم القاشوش، مغني الثورة السورية الذي نحر على يد عصابات النظام، حماة التي تخرج للمرة الثالثة بهذه الأعداد الغفيرة إلى الساحات ،لتقل بالصوت العالي بأنها لن تقبل بوجود بشار بالسلطة، ولن تتحاور معه،لان حركة الإخوان في حماة أخذت قرارها النهائي بعدم القبول بنظام بشار الأسد . فإذا وافقت حركة الأخوان على مقترح تركيا السري سوف تكون غلطة شنيعة ترتكبها الحركة وسوف تفقد الشارع التي هي لا تمثل فيه سوى 15 %منه، وتفقد ثقة الشعب السوري الذي لا يزال يرها اكبر من الدخول في مفاوضات من اجل الكرسي والتي يمكن أن تصل إلى هذا الموقع الرفيع من خلال موافقة الشعب السوري في انتخابات ديمقراطية حقيقية وان لا تتحول إلى حزب بعث جديد.
الموقف الإيراني :بالرغم من المشاكل الذي يعاني منها المجتمع الإيراني والانقسام الكبير في داخل صفوفه ،لكن سورية بالنسبة للنظام مشكلة كبيرة وشوك يابس في خاصرة النظام الإيراني لان سقوط سورية وتغير نظامها سوف يفقد إيران حليف استراتيجي كبير،يحد من دور إيران في منطقة الشرق الأوسط التي باتت تواجه العالم الغربي كله من خلال حلفائها الموجودين في هذه المنطقة، لذلك تقاتل ايران بكل قدراتها السياسية والاستخباراتية والأمنية والعسكرية من خلال قيادة المعركة الميدانية ،ومحاولتها لقمع قوى الحراك بكل قدراتها المالية والنفطية والحربية والأمنية .
إن موقف إيران بالنسبة للثورة السورية كان مختلفا جدا عن كل الثورات التي عمت العالم العربي، لان سورية بنظامها الحالي هو الحليف العربي الوحيد للثورة الإسلامية ومدخلها على الدول العربية وحركاته المقاومة والمعادية للامبريالية العالمية والصهيونية ،هي التي تدخل معها في حلف ممانعة إضافة إلى نظام العراق وحزب الله وحماس وتحاول ضم تركيا إلى هذا الحلف .
منذ بداية الحراك الشعبي السوري وقف السيد علي الخمئني ضده معتبره مؤامرة غربية صهيونية ضد سورية المقاومة ،بل اصدر فتوى شرعية إلى قيادة الحرس الجمهوري السوري بسحق هؤلاء الكفار، الذين يحتجون على نظام الممانعة ، فكان الدعم البشري من خلال مشاركة مجموعات من الحرس الثوري وسرايا من حزب الله اللبناني في إخماد الثورة جانبا إلى جنب الفرقة الرابعة وقوات الحرس الجمهوري إضافة إلى إمداد سورية بالمال الذي خصصه الإمام لسورية الأسد ب 5,5 مليار دولار أمريكي إضافة للبترول والعتاد اللوجستي والأجهزة الالكترونية التي تشوش على وسائل الاتصال الاجتماعي والانترنت والهواتف المحمولة ،إضافة إلى الهراوات والغاز المحرم دوليا وخبراء من قيادة الحرس الثوري الذين أصبحت لديهم خبرات واسعة في التصدي للحراك الشعبي وقمع التظاهرات السلمية ،إضافة إلى إعلام الجمهورية الإسلامية الناطق بالعربي والانكليزي والفارسي ،و إعلام حلفاء إيران والنظام السوري في لبنان والدول العربية.
ليس غريبا أن تدافع إيران عن موقع جغرافي لها في الشرق الأوسط وحليفا قديم معرض اليوم للزوال ،فالجماهير السورية أصبحت ترى في إيران عدو حقيقي يهدد أمنها ووجودها ،لذا كانت الهتافات من قبل الشعب تنعت إيران وحزب الله "الشعب يريد رئيس يخاف الله لا لإيران وحزب الله "وأضحى المتظاهرون يحرقون علم إيران وحزب الله اللبناني في كل ساحة الاعتصام نتيجة السخط والتململ الشعبي من تصرفات إيران حيال الشعب السوري لان إيران تتحالف مع نظام الأسد ذات الأقلية العلوية وليس مع الشعب السوري.
وبظل الحالة السورية المتوترة ترتفع أصوات من داخل الجيش السوري معلنة انشقاقها عن وحداته وانضمامها إلى الثوار،ومحاولتها حماية مظاهراتهم السلمية والتي تجبرهم في بعض الأحيان إلى رفع السلاح ضد قوات النظام وفرق موته، بالطبع هناك قوة كبيرة من الجيش لم تعد تتحمل أن تكون شاهدة و مشاركة بإعمال النظام الإرهابية والتي يرتكبها يوميا ،لذلك تخرج هذه العناصر وتنظم إلى الثوار،لكن هذا السلاح الذي يرفع ضد قوات الجيش الأخرى سوف يكون الخطر الأول على سلمية التظاهرات أذا لم يكن هناك انشقاق كبير وسلمي في صفوف الجيش العربي السوري يستطيع أن ينقذ سورية وشعبها ،فالمطلوب من قيادة المنسيقيات السورية الانتباه الجيد لعدم انزلاق هذه الوحدات في قتال عسكري يجرها النظام إليه لكي يعسكر الانتفاضة ويعمل على سحق الثورة بسرعة،فعلى على المنشقين الخروج من وحدات الجيش والانضمام إلى الثورة دون استخدام السلاح كي تبقى الثورة سلمية ... طبعا النظام لن يبقيها سلمية دون إن تسيل دماء السورين في ساحات وشوارع سورية. فالمحللون السياسيون والمراقبون والخبراء الدوليون يقولون بان النظام لن يترك الحركة الاحتجاجية تسير بسلميتها،وخاصة بعد جمعة أحفاد خالد،وهذا ما عبرت عنه الناطقة الإعلامية بثينة شعبان في حديثها في 23 تموز "يوليو " بان سورية لن تسمح لقطعي الطرق والمخربين باستخدام ورقة التظاهر وللعبث بالأمن السوري ،وعلى المتظاهرين السلميين أن يحصلوا على أذن مسبق بالتظاهر وتحديد سير ألتظاهرها ومكانها.
الثوار لا يزالوا يرهنون على أنفسهم وانضمام كتل كبيرة من الشعب السوري التي لم تحسم خياره النهائي نتيجة خوفها الطبيعي من النظام السوري ،لكن اتساع رقعة المظاهرات في القطر السوري من خلال مشاركة حلب وسكانها وأهلها في مظاهرات الثورة السورية سوف يكون له نتائج أجابية على تطور الحراك الشعبي، لان حلب هي الجوهرة الكبيرة التي سوف تفرط عقد النظام السوري نظرا لما تمثله حلب من قوة بشارية واقتصادية وعلمية،فحلب تغلي من الداخل والنظام يراهن بشكل كبير على تحيد حلب العاصمة الاقتصادية والمدينة الثانية في سورية ،ويعمد على عدم نشر الجيش فيها بالرغم من التواجد الكبير والهائل للقوى الأمنية المنتشرة في المدينة بثياب مدنية،لكن فتيل الثورة في حلب يشتعل ببطء من خلال جامعتها وبعض إحياءها التي سوف تنظم للثورة .
لكن الشعب في حماة و المدن الأخرى خرج إلى الشوارع رافض النظام الذي يتفرد في السلطة وإلغاء الحريات العامة والتحكم بالثروة المالية ،فالتظاهر هو رد شعبي شرعي على ممارسة النظام السوري منذ أكثر من 50 عاما، ردا على القتل والاعتقال الذي يمارسه النظام اليوم في قمع الحراك . من هنا جئت جمعة أحفاد خالد ابن الوليد جمعة الوحدة الوطنية لسحب كل الألاعيب من يد النظام الهادف لجز البلد وشعبها بحرب طائفية يكون هو المستفيد من إشعال لهيبها، وتعويم نفسه مجددا كاللاعب قوي في الساحة السورية ،فكان بيان الشباب العلوي في حمص والنابذ للفتنة الطائفية والداعي إلى جمعة الوحدة الوطنية .
النظام بأزمة ومحشور في خانة إليك ،ويحاول افتعال أي شيء من اجل إخراجه من عمق الزجاجة،فعلى المعارضة"الكردية والعربية" والتنسيقيات والأقليات والقوى العسكرية والمثقفين والطلاب الانتباه الجيد لما سيقوم النظام بفعله كردة فعل على تطور ونوعية المظاهرات التي تشد الخناق على عنقه، جمعة بعد جمعة ،فالانتباه الجيد لخطوات المعارضة الشعبية والتأكد منها يجعلها أقوى وانضج في محاربة النظام .
فالمثل الفرنسي يقول عندما يدفن الأبناء إبائهم تكون حالة طبيعية ،لكن عندما يدفن الإباء أبنائهم فهذه حالة غير طبيعية وهذا ما يحصل في سورية تماما، إضافة لذلك نقول عندما تعلن نتائج امتحانات الثانويات العامة والجامعات، ويقتل طلبها الفائزين قبل أن يعرفوا نتائجها، فهذا شيء مخيف جدا .
لننتظر سويا ماذا يخبئ النظام السوري من مفاجآت سارة في تصرفات مخابراته الأمنية والسياسية وردت فعله الانتقامية .
د.خالد ممدوح العزي
صحافي وباحث إعلامي،و مختص بالإعلام السياسي والدعاية.
Dr_izzi2007@hotmail.com

جرائم ضد الإنسانية: يرتكبها ملك ملوك إفريقيا وأسد اسود الشام.

جرائم ضد الإنسانية: يرتكبها ملك ملوك إفريقيا وأسد اسود الشام.
أجرت جريدة الحياة اللندنية في 9 تموز "يوليو من هذا العام ، مقابلة خاصة مع عبد الرحمان شلقم مندوب ليبيا في الأمم المتحدة ومساعد وزير الخارجية الليبي السابق والمنشق حاليا عن النظام الليبي، يؤكد فيها عل جرائم النظام الليبي والعقيد ألقذافي ،مما جعلني أعيد ترجمة مقالة طبعت باللغة الروسية في العام 2007 ونشرت في المجلات العلمية تحضيرا لنيل شهادة دكتوراه دولة في العلاقات السياسية الخارجية،ومضمون هذه المقالة تنص على :" ان ليبيا الذي يحتقرها العقيد أبو منيار ألقذافي و يدير إدارتها بدون قانون ودستور وغياب الجيش الوطني الشرعي ، لقد بدد العقيد ثروات ليبيا المالية كلها نتيجة هوس شخصي ينتابه ، باعتباره ثائر من ثوار العالم الحر كتب العقيد قانون ليبيا الخاص بها وبقيادته الذي يمتلك امتيازها الشخصي،من خلال كتابه الأخضر.
تدخل ألقذافي بكل شؤون العالم، ودعم كل المعارضات العالمية ابتداء من إفريقيا إلى أمريكا اللاتينية حتى ايرلندا والجيش الأحمر الياباني، مرورا بزنوج أميركا،والمعارضات العربية،و دعم جيوش كبيرة من الإرهابيين العالمين، أمثال كارلوس وأبو نضال صبري ألبنا وجماعة جبريل وأبو موسى. قدم ألقذافي نفسه للشعوب العربية على كونه خليفة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ووريث القومية العربية ومكمل طريقها،لكنه فتح في ليبيا فروع لكل مدارس الإرهاب العالمية وأصبحت الجماهيرية مأوى لكل الخارجين عن القانون، والمعارضين لدولهم لقد بذر ثروات الشعب الليبي الخاصة، لم يعمل ألقذافي على بناء اقتصاد ليبيا القومي والعلمي المنظم ،لم يستثمر الأموال العامة في مشاريع اقتصادية كبيرة ،لكي تساعد شعوب الدول العربية الفقيرة ،ولم يقم على بناء شراكة اقتصادية عربية حقيقية مع العالم الأخر .
لقد اخفق في دعم القضية الفلسطينية، نتيجة كره شخصي لعرافات ، فكان دعمه المطلق لكل المعارضين للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، والذين خربوا بدورهم القضية الفلسطيني وقسموا الشعب من خلال الانشقاقات الداخلية، لم ينجح ألقذافي في كسب قلوب وعقول العرب من خلال دعمه لحركات المعارضة العربية والعالمية، ولتي كانت تسمى في القرن الماضي حركات التحرر، و تعتبر اليوم حركات تخريبية إرهابية و غير مرغوبة اليوم ،عندها ترك العقيد هذا الخيار الفاشل إلى صديقه الرئيس الإيراني احمد محمود نجاد الذي ورث هذه الأفكار الثورية، وأصر الثوري الجديد على التدخل والعبث بأوضاع الدول الداخلية ،و منها الدول العربية،ليذهب ألقذافي إلى ابعد من ذلك ليشن حرب ضروسة جديدة ضد الامبريالية العالمية، مستخدما أحزابا إرهابية دولية لشن هجمات عسكرية على ممتلكات هذا الدول ومواطنيها،عندها تمت تفجر أهداف عالمية كانت أخرها طائرة" بان اميركان"فوق لوكربي" التي أدت هذه العملية البشعة لمحاصرة الشعب الليبي كلها لمدة 15 عام، وتم قصف مقر العقيد في طرابلس ، فاتهمت سورية وتم شطب اسمها من هذه الجريمة المشتركة بين النظامان السوري والليبي ، بسبب موفقة سورية ومشاركتها في عاصفة الصحراء ضد النظام العراقي . لكن العقيد أنهى فيما بعد، هذه الأزمة بدفع تعويضات هائلة على حساب الشعب الليبي ،تاركا الإرهاب الدولي إلى صديقه الجديد أسامة بن لادن، صديقا أخرا يتفرغ لمحاربة العالم باسم الإسلام والدين الإسلامي ، وليس باسم الأممية العالمية، بل باسم الدين ، لقد ورث ألقذافي تنظيم القاعدة القيام بهذه هذه الأعمال الإرهابية ضد العالم ، لكن ألقذافي ذهب بعيدا هذه المرة إلى قلب الصحراء والبادية الإفريقية محاولا إعلان نفسه ملاكا على إفريقيا".
كلام شلقم لم يكن جديد على احد لكنه لم يكن موثق من قبل ،بالوقت الذي جاء متأخر من مسئول ليبي كانت له مسؤولية خاصة في هذا النظام المجرم ، فالقذافي هو "اركوز" الساسة العرب، والذي يطرح البسمة على ثغور الشعوب العربية في خطاباته المميزة بالسخرية والتهريج ، بالرغم من سيطرة الدكتاتوريات على أحوالهم وقلوبهم .
الليبي والسوري شريكان :
ألقذافي مجرم بحق ليبيا والشعوب العربية، فالنظام الليبي لا يختلف عن النظام السوري لا في الإجرام ولا الإرهاب لأنهما عملة واحدة، وشركاء في المذهب والجرم ، لقد دعم النظام الليبي سورية الأسد أثناء ارتكابها مجازر حماة في العام 1982 على يد رجال الرئيس الراحل حافظ الأسد، فكانت التغطية الليبية أثناء ارتكاب هذه المجزرة الشنيعة من خلال مد سورية بالأسلحة والذخيرة الروسية، والمال والبترول والعتاد،والتأيد المعنوي،لذلك لا غرابة أبدا من الأسد الابن أن يرد الجميل للقائد معمر ألقذافي في حربه الجديدة مع الإرهاب الموجه ضد الشعب الليبي في حركة الحراك الاحتجاجي التي قامت في 17شباط "فبراير" من هذا العام، وأرسل سفينة محملة بالسلاح والعتاد وبالسيارات ذات الدفع الرباعي من ميناء طرطوس إلى ميناء طرابلس. ولم يكن غريبا أن يشارك الطيارون السوريون بقصف مدينة مصراته في بداية الحرب الذي شنها العقيد على شعبه بالطائرات الجوية والتي يقودها ضباط سوريون مرتزقة يحاربون مع النظام الليبي، لقد اسقط الثوار طياران سوريان ،ووقعا في الأسر،فالخبراء السورين يقاتلون مع جيش العقيد منذ زمن طويل وخاصة عندما اندلعت شرارة الحرب الأولى بين تشاد وليبيا على خليج اوزو في العام 1987،فكان الاستنجاد السريع بالمرتزقة العرب من خلال الجيش السوري وفصائل الحركة الوطنية اللبنانية ، والتنظيمات الفلسطينية ذات الدعم الليبي،" كالقيادة العامة الجبهة الشعبية التي لا يزال مقاتليها يقاتلون في شوارع طرابلس حتى اليوم ضد الثوار الليبيين .
مشكلة العقيد النفسية :
العقيد لم يكن يحب أي قائد عربي يحاول الدفاع عن الحقوق العربية، لكونه هو العربي الأول، وهذا ما جمعه مع حافظ الأسد في كرهما للعراق ودعمهما المطلق لإيران الخميني ،لذا شكلت ليبيا وسورية جسرا جويا ومعنويا لإيران في حربها ضد العراق،لقد مد العقيد إيران بأحدث الأسلحة والصواريخ الروسية التي سوف تطلق على العراق بواسطة الخبراء السوريون الذين ذهبوا لمساعدة النظام التوليتاري الإيراني،هذان النظام اللذان اسقطا التسمية الفعلية عن الحرب العربية –الفارسية بالرغم من الأعمال الشنيعة التي تقوم بها إيران ضد العرب والعروبة،بالرغم من عدم صحة اندلاع الحرب واستمراريتها الطويلة والتي انتهت بانتصار العراق.
ليبيا والإمام الصدر:
لم يكن غريبا أبدا كلام عبد الرحمان شلقم عن حادثة اختفاء الإمام موسى الصدر رئيس المجلس الشيعي الأعلى في لبنان في العام 1977 ،فالصدر ذهب إلى ليبيا بدعوة شخصية من العقيد الذي حاول دعم الجنوب اللبناني من خلال الأمام الصدر ،ففي ليبيا اختلاف الأمام مع العقيد وأمر العقيد بتصفيته هو ورفاقه في مدينة سبها الليبية حسب معلومات ليبية ،فالجريمة الذي ارتكبها ألقذافي ليس بحق الصدر أو الطائفة الشيعية في لبنان بل بحق كل لبنان نظر لما كان يمثله الإمام،فهرع العقيد إلى صديقه الحميم الأسد الأب لحل هذه الورطة ،فكان القصة المتداولة لعملية الاختفاء من صنع الأسد الأب والتي تقول بأنه غادر ليبيا إلى ايطاليا ،لقد تم السكوت على جريمة ألقذافي التي أخرجها الرئيس الأسد ،والغربي في الأمر بان القيمون على متابعة فكر السيد موسى لم يطلبوا مساعدة سورية وإيران،أصدقاء العقيد لكشف خيوط الجريمة،بالرغم من واسطة ،قام بها إحدى القادة السياسيين أللبنانين الراحلين ،والتي تقوم على اعتراف ألقذافي بارتكاب الجريمة،مقابل تنفيذ مشاريع كبيرة في الجنوب اللبناني حيث تواجد الطائفة الشيعية الكثيف بالرغم من الموافقة اللبنانية على هذا الاقتراح لكن هذا الطرح سحب من التداول بأوامر سورية .
جرائم ألقذافي والغطاء السوري :
ليس غريبا بان يأمر ألقذافي بمحاولة اغتيال الأمير عبد الله بن عبد العزيز، بسبب سعيه الدءوب لتفتت المملكة السعودية من خلال دعم حركة الحوثيين، والحراك الجنوبي في اليمن، ودعم المعارضة السعودية في لندن ، هو الحاقد على السعودية بالرغم من تسامح الملك عبد الله ،لقد تدخل في السودان ودعم تمر دارفور، ووفر لقادة التمرد السوداني ملجئا أمنا في ليبيا، ليس غريبا من ألقذافي أن يقتل وزير دفاعه منصور الكيخيا الذي سلمته المخابرات المصرية ،أو يشتري المخابرات التونسية،وان يدفع راتب شهري للرئيس زين العابدين ، لقد اشترى عمر سليمان في مصر والعديد من نواب المعارضة ،أو شراء طائرة خاصة حسني مبارك رئيس مصر المخلوع، اشترى كتاب عرب وسياسيين من كل الوطن العربي وكذلك صحافيين وفنانين وحتى وسائل إعلامية،حتى خبيرة الإعشاب اللبنانية مريم نون،والفنان دريد لحام الذي زاره في بيته في سورية ،وأستاذة في الجامعات العربية المختلفة.
فالقذافي كان يخاف من الأميركيين وأن أجهزته زودت في السنوات الأخيرة الاستخبارات الأميركية بمعلومات عن تنظيم “القاعدة”والإسلاميين.فحسب وصف عبد الرحمان شلقم بان العقيد أُصيب في السنوات الأخيرة بهاجس احتمال أن يواجه مصيراً مشابهاً لمصير صدام حسين. بالرغم من أن العقيد يكره الرئيس الراحل صدام منذ البداية ،وهذا ما يفسره خطاب العقيد في القمة العربية في سورية حيث يطالب القادة المجتمعون في الجلسة والتحقيق بعملية إعدام صدام ويقول لهم بصوت جهور ، بان الدور قادم عليكم انتم الرؤساء ، هذا "الروليك" الدعائي الذي يتم عرضه باستمرار على تلفزيون العربية . لكن الخوف اجبر ألقذافي عن التنازل الفوري عن البرنامج النووي بعد احتلال العراق وتسليمه للوكالة الدولية المعنية بالطاقة الذرية وفتح ليبيا أما المجتمع الدولي ،والسماح السريع للشركات الأوروبية ولأمريكية بالاستثمار في حقول النفط والتنقيب عنه ،مما جعل الغرب يغض النظر عن كل تصرفات العقيد ويصبح توني بلير سمسار للنظام الليبي
فأن خيبة ألقذافي من العرب دفعته إلى القول: “أنا رجل غير مسبوق، وسأعلن نفسي ملكاً لملوك أفريقيا”، فان سيف الإسلام، نجل العقيد، بكى حين عرف أن والده سيصبح ملكاً للملوك. فالمرتزق الأفارقة التي تخوض المعارك الدامية ضد الثوار لم يكون وليدة الصدفة كما تدعي المعارضة الليبية ،فالعقيد منذ زمن طويل يعتمد على المرتزقة الصربية والأوكرانية والباكستانية والجزائرية والبيلاروسية والكرواتية والسورية،فهم عماد كتائبه الأمنية التي شكلت لتحمي نظامه لذلك تم تجهيزها بأحدث الأسلحة والعتاد وتم تدريبها بأفضل التدريب،ودعمت ماليا بشكل كبير ،لقد تولى قيادتها أبناء ألقذافي لكي تحمي العائلة من أي انقلاب قد يحدث في ليبيا على حساب الجيش الوطني النظامي لذلك كانت تتواجد هذه الكتائب بالعاصمة ومركز ابار النفط ،لان النفط هو ثورة ليبيا ومعمر مالك ليبيا فالنفط حقه الطبيعي،وهذا حال النظام السوري فالمال السوري هو ملك خاص للعائلة الحاكمة ،والجيش التقليدي بعيد عن مركز الحدث ،فالكتائب الأمنية وفرق الموت والشبيحة هم المدافعين عن وجود النظام السوري الاستبدادي ،وهذه القوى مجهزة أيضا بأحدث الأسلحة والعتاد وأفضل التدريبات العسكرية،ويقود هزة الأجهزة اخو الرئيس وصهره وأولاد خالته، لان العائلة الحاكمة في سورية تقود البلد عسكريا وامنيا وسياسيا .
الجرائم السورية لا تزال مسطورة :
فإذا كانت جرائم ألقذافي تم تفسيرها وعرضها من قبل منشقين عن النظام الليبي فان جرائم النظام السوري لا تقل أهمية،عن جرائم العقيد ،فالنظام السورية له تاريخ حافل في الداخل السوري من خلال التصفية والاختلال والحبس الدائم وتركيب التهم وفبركتها ،من مجازر حماة إلى مجازر لبنان في طرابلس وبيروت الشرقية وزحلة ،ومجازر ضد الجيش اللبناني في العام 1991 ،مرورا مجازر تل الزعتر وحرب المخيمات الفلسطينية ومحاصرتها،ودكها بالأسلحة الثقيلة، الى اجتياح لبنان في العام 1976والعام 1987 ،وصولا إلى الاغتيالات التي مارستها سورية من العام 1977 بحق قيادة سياسية وإعلامية وعسكرية ونقابية ،ابتدأ من اغتيال كمال جنبلاط حتى اغتيال الحريري ورفاقه القادة في ثورة الأرز في العام 2005-2008 مرورا بالرؤساء أللبنانين بشير الجميل ورينه معوض والمفتي حسن خالد . لهذا السبب أيد الشعب اللبناني أنشاء محكمة دولية تهتم بالجرائم التي تمت في بلد صغير مثل لبنان،والتي سوف تكون الرادع الفعلي ضد استمرار عمليات الاغتيال إلذي يمارسها النظام السوري ضد القادة اللبنانيين الذين يختلفون مع النظام الأمني السوري ،وسوف تكون المحكمة الدولية سيف ماضي يسلط على رقبة النظام في كبح استمرار القتل في لبنان والدول العربية،وان أي اتهام رسمي دولي لجند النظام سوف يسقط القناع عن النظام السوري داخليا وخارجيا وهذا بدوره سوف يحمي لبنان والدول العربية من طول يد النظام السوري المستبد .
مجازر السجون في ليبيا وسورية :
طبعا لسورية تاريخ حافل بالاعتقال والزج في السجون لان التهم كانت ولا تزال جاهزة فالمعتقلات السورية كبيرة وتعج بالمعتقلين السورين واللبنانيين والفلسطينيين والعراقيين ،منذ اليوم الأول للانقلاب الذي نفذه الراحل حافظ الأسد،لقد فتحت المعتقلات على مصراعيها لإدخال كل المعارضين لسياسته القمعية ،فادخل الأسد رفاقه ،الذين نفذوا معه الانقلاب العسكري الأول، وتم ادعاهم السجن تحت تهمة مركبة لا يستطيع العام فهمها، لكونهم بعثين يمينين وكان البعث يوجد فيه يميني ويساري،فصلاح شديد كان من أوائل البعثين اليمنيين الذين تم سجنهم،وحتى يومنا هذا السجون لم تقفل بل تحولت هذه السجون إلى سجون الأعداد والذي يحمل بها السجين رقما ومن ثم يتم نسيان الأسماء الشخصية، فالنظام السوري ينكر وجود أعداد هائلة من المساجين التي تحبس في سجون الأرقام، ويشرف عليها النظام العسكرية السوري ،مما سمح لهذا النظام بتنفيذ عمليات إعدامات واسعة في السجون،والذي كان سجن مدينة تدمر الصحراوي، في ثمانيات القرن الماضي وتم دفنهم في صحراء تدمر،وبعدها الإعدامات في سجن صدنايا والتي كانت أخرها حيث اندلع تمرد ضخم في هذا المعتقل في العام الماضي ،ممن دفع باخ الرئيس السوري ماهر الأسد بالإشراف الشخصي على قمع هذا التمرد ،وارتكاب مجزرة شنيعة ،والذي ذهب ضحيتها أعدادا هائلة من المعتقلين والذي لم يتم الكشف عن أسماءهم، والسلطة لم تعترف ولم تقر بهذه الجريمة البغيضة ، بالرغم من الصور التي سربت إلى العديد من المواقع الالكترونية وصور شخصية لماهر الأسد ،وهو يلتقط صورا للجثث المعدومة أمام باحت السجن، فالنظام السوري لا يزال يرتكب المجازر تلوى المجازر حتى هذه اللحظة في المدن السورية منذ اندلاع الانتفاضة السورية ويحاول إخماد نارها بطريقته الخاصة من خلال القمع العسكري والأمني ، واحتلال المدن والقرى السورية ، وقصفها بالأسلحة الثقيلة ،إضافة إلى الاعتقالات الكثيفة التي تقوم بها القوى الأمنية وفرق الموت الموجه ضد الشعب السوري ،مما يهدد بكوارث كبيرة تقضي بقتل الكثيرين من المعتقلين تحت التعذيب القصري دون الإعلان عنها .
وهنا لا يختلف الوضع الليبي عن سورية فالعقيد جز بالكثيرين من المعارضين والرافضين للنظام الليبي في سجون الدولة وزنزانتها،و ارتكب أبشع المجاز بحق المعتقلين في السجون وكانت أشهرها جريمة القتل الجماعي في "سجن أبو سليم "وهن لبد من المقارنة الفعلية بين سجن أبو سليم الليبي وسجن تدمر وصدنايا في السوري. فالعقيد الذي هدد شعبه بأنه لم يستعمل القوة بعد ضدهم بعد خطابه الشهير والذي أعطى فيه الأمثلة الكثيرة والعديدة على جرائم الدول العالمية الكبرى ضد شعوبها،و التي استعملت القوة فيها لقمع شعوبها المحتجة وسحق التمرد والتظاهر ، كروسيا والصين وأمريكا،وإسرائيل. فالقذاف من خلال هذا التهديد المباشرة للشعب الليبي ، أجاز لنفسه قصف المدن الليبية بصواريخ الغراد الروسية والطائرات العمودية ،واصفا شباب الحراك الشعبي بالإرهابيين والمهلوسين الحشاشين،وأجاز لقواته الأمنية والإرهابية بقتل الشعب مما اجبر الثوار المحتجين في الساحات لرفع السلاح بوجه النظام بالرغم من عدم تكافئ القدرة العسكرية بينهما ،لقد نجح العقيد أن يبعد الثورة عن مسلكها السلمي المطالب بالتغير والحرية ويعمل إلى عسكرتها ،وهذا ما يفعله الأسد ضد شعبه الذي وصفهم بالعصابات المسلحة والجراثيم التي تغزي سورية مجيزا لقواته الأمنية وفرق الموت بارتكاب الجرائم اليومية ضد الشعب السوري الأعزل المطالب بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية،النظام السوري يمارس القاتل بدم بارد مستخدم كل الآلة الحديدة الحديثة التي يحاول بها قمع الشعب والإطباق على المدن وإخماد صوت الجمهور الثائر والمنتفض عليه ،لقد قتل الأطفال واتهمها بالسلفية وأطلق النار على النساء وقتل الشيوخ وهرب الشعب السورية إلى مخيمات الدول المجاورة لسورية في لبنان وتركية.
النظامان السوري والليبي صديقان في القتل :
النظامان السوري والليبي هما عملة واحدة لوجه واحدة لكنها مختلف في الإرهاب والإجرام، ومكانهما الطبيعي في المحكمة الدولية في "لاهاي" لكونهم ارتكب جرائم بشعة ضد الإنسانية، كما كان حال النظام الصربي وقيادته التي قدمت إلى المحاكم الدولية،فالسكوت الدولي هو الجريمة الفعلية على فعل هذه الأنظمة الدكتاتورية،هو تشجيع فعلي لأنظمة أخرى ممارسة الأسلوب نفسه دون الخوف والاهتمام لأحد،كفى للأنظمة الدولية غض النظر نتيجة مصالح شخصية صغيرة ضيقة لبعض المستفيدين من وجود هذه الأنظمة،انتهى عهد الدكتاتوريات العالمية،لأننا دخلنا في الألفية الثالثة والتي تعتبر عهد المحاسبات الدولية ومحاكمتها،لأننا اليوم أمام احتجاج جماعي يصعب ضبطه والتحكم به نتيجة الوعي الاجتماعي والإعلامي والشخصي،فالشعب اخذ قراره النهائي الذي لا عودة في إسقاط النظام ورموزه وحتى معارضته الكلاسيكية التي أصبحت جزاءا من هذه الأنظمة القمعية والاستبدادية.
لكن أهل حمص في جمعة "أحفاد خالد ابن الوليد" في تاريخ 22 تموز"يوليو "2011 اعنوا اعترافهم بالمجلس الانتقالي الليبي نكاية بالنظام السوري الذي يدعم العقيد ويغطي جرائمه البشعة التي يرتكبها ضد شعب ليبيا. لكننا مهما استعرضنا جرائم الأنظمة العربية الكثيرة بحق شعوبها ، لكن إجرامها الكبير لن يشكل ذرة صغيرة من جرائم النظام الليبي والسوري لأنهما تفوقا على الجميع في الكذب والدعاية والقمع والتعذيب والقتل والبطش والتنكيل ضد شعوبهما والعالم كله،لذلك يجب الحد الفعلي من جبروت نظام ملك ملوك إفريقيا، وأسد اسود الشام، بسرعة وانتزاع الشرعية الدولية عنهما حتى يتمكن الشعب من تغيرهما والانقضاض على استبداديتهما وشموليتهما وفاشيتهما.
د.خالد ممدوح العزي
صحافي وباحث إعلامي، و مختص بالإعلام السياسي والدعاية.
Dr_izzi2007@hotmail.com

الأحد، 24 يوليو 2011

المثقف السوري: ودوره في حركات التغير الحالية، بظل الاستبداد والقمع، الذي يمارسه نظام الممانعة والمقاومة.

المثقف السوري: ودوره في حركات التغير الحالية، بظل الاستبداد والقمع، الذي يمارسه نظام الممانعة والمقاومة.
يكتب الدكتور عبد السلام المسدي في كتابه الذي تم طبعه تحت عنوان"نحو ثقافي جديد الصادر عن دار الصدى للنشر والإعلام في دبي، قبل اندلاع ربيع الثورات العربية بشهور" في آذار "مارس" من العام 2010، كمقدمة لانتقاد دور المثقف العربي وسكوته،والتركيز على الوضع الرديء في الدول العربية، من خلال سيطرة الفساد المالي والعائلات الحاكمة والأجهزة الأمنية في دول أصبحت شعوبها تحرك كدمى من قبل هذه الأنظمة الفاسدة، يكتب:"ما من مثقف ملتزم سياسيا يمعن في إجلاء الوجه الأول لتوظيف التنوير ويسكت عن الوجه الثاني في إرساء دعائم الحرية الفكرية إلا وهو ظالم لطه حسين أولا،وظالم لنفسه ثانيا،وظالم للنظام السياسي الذي هو منخرط فيه باسم عقلانية الدولة الحديثة ،فلا يجرؤ على مقاومة التحجر الفكري،إلا عقل قادر على مجادلة المؤسسة السياسية بما يكفل له الرؤية النقدية البناءة".
طبعا ليست امتنا العربية في حاجة إلى شيء ونحن على عتبات وعي ثقافي جديد مثلما هي في حاجة إلى مثقفيها حتى يؤدوا رسالتهم الكبرى عند اندلاع معركة الصراع الثقافي على الواجهة الكونية الجديدة التي تحمل طعم الحرية المعبرة عن وجه الحضارة العربية الحقيقية لكل دولة ، لان كل نظام من الأنظمة العربية يستمد وجوده من شرعية مشكوك بها، ويدعم وجودها بعض المثقفين الذين ينظرون له ويدعمون وجوده ،حينما يتسلط المتسلطون على السيادة الوطنية ،في كلياتها أو في بعض مقوماتها ،فينطلقون في ممارسة لعبة الإعلام الكيدية المقنع من خلال محطات كبيرة فتحة وتم تمويلها من أموال الشعوب المسلوبة، لتدافع عن هذه الأنظمة مزودة بشبيحة الإعلام الجدد التي تكمن مهمتهم في بث اكبر كمية من المعلومات الكاذبة على هذه المحطات لكي تصل إلى عامة الجمهور البسيط، و هم بالأصل غير مقتنعون بها لكن مهمتهم تكمن بتنفيذ ذلك من اجل تشويش عقول المشاهدين في خلط الأوراق الفكرية المتنافرة ومحاولة قلب الطاولة. بالضبط كما يفعله اليوم شبيحة الإعلام في النظام السوري الذين يطلون على القنوات العربية والناطقة بالعربي من اجل تجميل صورة وصوت النظام الذي يرتكب أبشع المجازر بحق شعبه الأعزل.
من هو المثقف :المثقف هو الكائن الحي الذي يبحث دوما في الخروج على المتن السائد لأنه يريد أن يحمي الفكر يحمله ويناضل من اجله،الفكر الحر هو وحده الكفيل بحمل الجماهير على التسليم بمقولة الاستقرار لأنه هو الحر القائم بحد ذاته ويستطيع أن يقول للناس الحقيقية في اللحظة الحرجة والتاريخية ويواكب هموم الناس ويقف معهم ، من هنا صاغ ليني دور الحزبي المثقف بان يقف حيث تقف الجماهير الشعبية وان يلتزم مواقفها ويحاول إرشادها من حيث هي تكون ،لذلك أطلق على الحزب الشيوعي حزب الجماهير الفقيرة . فالمثقف ليس من يحمل الشهادات العالية من المعاهد الكبر ويتكلم اللغات المختلفة ،ويركب الجمل الجميلة ،ويستعمل المصطلحات الكبيرة التي يصعب على الإنسان العادي فهمها،فالمثقف الحقيقي هو من يحمل رسالة كبرى في دفاعه عن الشعب والطبقة العاملة ،هو من يتقدم صفوفهم في أيام السلام وأيام الحرب،لأنه صاحب فكر حقيقي يناضل من اجله،لان المثقف عاشق الحرية الفكرية. فان الفكر الحر الذي يمثله المثقف هو الوجه الغائب للحقيقة الحاضرة، فالسياسة تعد بالمستحيل وتنجز الممكن ،والفكر يطلب المستحيل ليظفر بالممكن ،فالذي هو استئثار عند السياسي يتحول إلى إيثار عند المثقف،ولا غضاضة على السياسي أن ظل الفكر حرا،ولا غضاضة على الفكر إن ظلت السياسة وفية للفكر.
نعم يوجد فكر حر في عالمنا العربي بالرغم من القبضة الحقيقية التي تحاول الأنظمة الدكتاتورية فرضها على شعوبها ، يقاوم الاستبداد ، يقف بوجه ظلم الطاغية والاستبداد ،ولاسيما في دائرة الحوار بين الشأن الثقافي والشأن السياسي ،والحرية في هذا التقاطع الدقيق متحدة بغياب التوظيف الحزبي الذي تم توظيفه لحزب واحد سيطر على عقول الشعب طوال 50 عام ،لان شان الفكر النقدي لا يأتمر بأوامر حزبية من حزب هرم عاجز عن تجديد نفسه وكوادره ويعيش اللحظة الحالية، في ظل العولمة والتطور التكنولوجي، الفكر الحر لا يستطيع أن يكون خادما للمذهبية الأيديولوجية،لان الفكر مرجعه العقل الخالص الذي هو مطابق لمواثيق العلم وقواعد المعرفة ومحاضن الموضوعية .
لكن المثقف في عالم وبلادنا أنواع عديدة نذكر منها ؟؟ هناك المثقف الذي تنتفع به السلطة ويظل المجتمع معترفا له بأنه مثقف ،وهناك المثقف المحسوب على السلطة والنظام والذي ينقسم المجتمع بآمره ففي سوريه هؤلاء كثر،بعض الناس يصغون إليه والبعض الأخر يديرون الرأس.وهناك مثقف الجمهور والذي لا رغبة له في معاداة السلطة ،وهناك مثقف الجمهور الذي يشتري رضاء الجماهير بمعاداة السلطة والنظام الحالي وهؤلاء هم المثقفون الحقيقيون الذين يقفون بصف الجمهور والثورة السورية والنظام يمارس بحقهم أبشع أنواع التعذيب والاعتقال ويلصق بهم العديد من التهم لأنهم اخذوا طريق الثورة والشعب،وهناك المثقف الذي يغازل السلطة من وراء الجماهير ،وهناك المثقف الذي يتطوع بالانتقال من مترجم عن خلجات المحكومين إلى مترجم لمقاصد الحاكمين ،لأنه يستطيب أن يتحول من مبدع للمتن إلى حاشية على هامش المجتمع وهؤلاء كثر جدا ويوميا نراهم يستشرسون في الدفاع عن النظام ويبررون أخطاءه التي لأتعد ولا تغتفر على شاشات القنوات العربية المتعددة.وفي سورية أصبحنا نرى المثقف المستقل والمثقف المستقيل عن دوره في المجتمع نتيجة الخوف والقهر الذي مارسه النظام طوال حقبة وجوده في السلطة،وهناك المثقف المتعفف الذي يعيش على الكفاف ،ويرضى بالكائن وينع بالموجود ،ولا يجادل بتغير الأوضاع لأنه المكتفي بالحاصل ،أن لم يكن مستسلما كل الاستسلام وهو راضي وينفر من الخط والساخطين،وهو بانتظار من يناديه في السير باتجاه التغير وهذه الفئة موجودة في سورية ولم تحدد موقفها من الأحداث بانتظار دعوتها وحثها لاتخاذ الموقف السليم والحر.
حرية المثقف: لنعلم بان حرية الرأي وحرية التعبير وحرية التفكير، عبارات ثلاثة تجري على السنة الناس بين عامتهم وخاصتهم مجرى من المرادفات رغم اختلافهم في المنشأ والدلالة والمقصد ،والسبب في هذا الترادف المخلوع عليها هو دورانها في فلك واحد على وجه العموم وعلى وجه الخصوص ،وبناء لذلك استعمل الناس هذه الكلمة لكي تستعمل في مفهوم واحد تطلق على كل لسان لتعبر عن هدف واحد هو الخاص من السيطرة والمحكمة للأنظمة المستبدة. فالحرية هي مطلب الشعب السوري الذي يخرج في المظاهرات والاحتجاجات ليطالب بالحرية المفقودة، لان حرية التعبير الفكرية التي تعني في الاعتراف السائدة بين شرائح المجتمعات الإنسانية التي أسست النهضة الإنسانية الحديثة منذ قرنين ونصف في حق الأفراد في أن يصدحوا برأيهم ،ويعبروا عن رؤيتهم ،ويصوروا رؤاهم كما لو أنها الأحلام التي يتمنوها أن يرفل تحت أجنحتها الناس كافة .
فالمثقف الحر لا يطلب جزاء ولا يترجي شكورا من سلطة أو نظام بائد دكتاتور ،وهذا ليس تفاضلا منه ولا تعفف باسم، الأخلاق ،و ما هو بشهامة من شهامات المروءة إطلاقا ،هو ليس شيئا من ذلك ،والسبب قاهر وغلاب ،فاشكر والجزاء لا هما استئجار والأجر ناسف للحرية التي يموت من اجلها شباب ونساء سورية في الساحات والشوارع ،من اجل أغلى شيء في حياة الإنسان وهي الحرية .
كم هي امتنا العربية و أوطننا المعذبة بحاجة إلى شيء واحد هو الحرية،وخاصة نحن على عتبات وعي ثقافي جديد تمثل في الغاليان العربي الشعبي التي مثلته الانتفاضات السلمية في الدول العربية المطالبة بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية التي غيبتها الأنظمة الدكتاتورية الفاسدة، والتي قادتها الشباب الثائرة الرافضة لهذه الأنظمة العفنة ، مثلما هي بحاجة إلى الحرية هي بحاجة إلى مثقفيها حتى يساهموا في بلورة وعي اجتماعي جديد تتطلبه هذه المرحلة الجديدة ،بظل التغيرات الحالية الذي فرضها الواقع الجديد والقوى الشابة من خلال مواجهتهم لكل أسلحة ونار الأنظمة القمعية المستعملة ضد شعوبها العزل.
و لكن العجيب كما يكتب د. عبد السلام المسيدي"هو أن جمعا غفيرا من المثقفين في أقطار عديدة من وطننا العربي تراهم اليوم بين جوانحهم أمنية كبرى بحجم المدارات، وهي أن ينعموا ألان بما كان ينعم به طه حسين من حرية الرأي ،وحرية القلم ،وحرية الناشر في الصحافة ،ثم حرية التأليف في الكتب ،من عامة الناس من دخلوا الزمن الجديد وكلهم أسى وكلهم حسرات"، لقد وضعت الأنظمة العفنة كل المثقفين في السجون واخفت أصواتهم ،لكن النظام السوري كان الأكثر حقدا واستأثرا في قمع هذه الطبقة التي شكلت خطرا كبيرا على وجوده،فلم تستطيع هذه الطبقة الصراخ بوجه الحاكم كما فعل الأديب الفرنسي الشهير"أميل زولا" حين صاح صيحته "إني لا اتهم "فغير تاريخ فرنسا في المسألة التي قسمت شعب فرنسا إلى قسمين، وهي قضية "درايفوس"،أو كالذي فعله من بعدهما جون بول سارتر حين تمر عام 1970 على السلطة فحكم عليه القضاء بالسجن ،فاضطر الرئيس جورج بومبيدو أن يتدخل قائلا:"أني لا استطيع أن أزج في الثقافة خلف القضبان ".لكن نظام الرئيس الأسد في سورية منذ توليه السلطة وهو يزج بالثقافة والمثقفين السورين خلف القضبان الحديدية بتهمة التأمر على سورية والتي تعتبر ملك النظام الحاكم وليس للشعب أي حق بهذه الملكية،وهذا ما يروج له أعلام النظام وأزلامه الذين يعتبرون نفسهم من المثقفين لكن التابعين لشخص النظام ولي نعمتهم .
فمن أولويات المثقفون الأحرار بالتصدي لأجهزة الإعلام الماكر،ومن اقدر من المفكرين النبلاء على كشف الأعيب الخطاب الموجه الذي يمارسه النظام "النظام السور" لان من حق النخبة العلمية خوض معركة الإنصاف المعرفي مع الأنظمة الاستبدادية التي تتطلبها جماهير غفيرة بحاجة إلى المعرفة الحقيقية والموضوعية.
وهنا نوجه التحية إلى المفكر العربي عزم بشارة الذي كان السباق مع غيره في كشف خطط الإعلام الماكر وتحديه بالوقوف إلى جانب الجمهور العربي ، فالنخبة السورية العلمية بدأت معركة حقيقية مع النظام السوري من خلال مظاهرة المثقفين التي أجبرت النظام السوري على اعتقال العديد من الفنانين والمثقفين ،الذين اخذوا الموقف الصريح والعلني ضد النظام والانضمام إلى حركة الشارع المحتج الثائر على السلطة ورموزها، ،هذه الحركة الاعتراضية الذي نفذها الفنانون والمثقفون السوريون ،ما هي إلا وقفة صحيحة إلى جانب بقية المثقفين السياسيين والفكريين والإعلاميين الذين وقفوا منذ البداية إلى جانب الثورة الشعبية . تحية إلى الفنانة مي سكاف وكل رفاقها المثقفين الذي كان لهم الشرف الاعتقال والقبوع في زنازين النظام،أفضل من تماسيح السلطة الذي تميز بها فنانين البلاط.
إن الأمة الحق هي الأمة القادرة على صناعة الرموز وعلى إنتاج الرموز،وعلى التعامل مع منظومة الرموز،والأمة في حد ذاتها ،من حيث هي مفهوم متحقق، ما هي إلا رمز،فكيف يكون الرجال هم الآخرون رموزا ؟؟؟ لذلك استقرت الأعراف على أن الأمة لا يكتب لها الخلود إلا إذا اهتدت إلى المسلك التي بها تعترف كيف تخلد رمزها ،فكيف يمكن أن تكون الرئاسة حقرا على إلا الأسد طالما أن سورية متعددة الرموز وعريقة الشخصيات الوطنية التي يمكن أن تكون واجهة حقيقية لسورية الجديدة التي تحترم أشخاصها وفي مقدمتهم هيثم المالح وبرهان غليون وصدر الدين البيومي، وعبد الرازق عيد، ومنتهى الاطرش ،وعامر الصادق ونجاتي طيارة وفداء الحورني ومي سكاف، وفارس الحلو،وعارف دليلة وأنور البني ،وسميح شقير وعمر الفرة وسهير الاتاسي ونجاني طيارة ورزان زيتون ولافا خالد مي ألبقاعي والعديد من الأسماء الكبيرة والكثيرة التي تخلد في ذاكرة السورين وقائدة لمرحلة جيدة يتم فيها بناء سورية الجديدة بعيدا عن البعث والنظام الحالي والأجهزة الاستخباراتية.
د.خالد ممدوح العزي
صحافي وباحث إعلامي،و مختص بالإعلام السياسي والدعاية.
Dr_izzi2007@hotmail.com