الجمعة، 26 أغسطس 2011

غورباتشوف :عشرين عام على انهيار الإمبراطورية السوفيتي، أب"أغسطس"1991!!!

غورباتشوف :عشرين عام على انهيار الإمبراطورية السوفيتي، أب"أغسطس"1991!!!

الواقع السوفيتي ونجم غروباتشوف:

في العام 1979 قام جيش الاتحاد السوفيتي باحتلال أفغانستان،بطلب من حكومة انقلابية اعتلى حزب الشعب الأفغاني"الحزب الشيوعي" قيادتها،عندها فهمت الولايات المتحدة الأمريكية بالخطر الشيوعي الذي يمثله الاتحاد السوفيتي،وبدأت العدة تعد لانهيار هذا المارد الجبار،فيقول المفكر الاستراتيجي الأمريكي زبغنيو برجينسكي المستشار السابق للآمن القومي في عهد الرئيس جيمي كارتر ومهندس مفهوم الجهاد الأفغاني يقول: "لقد فهمت أمريكا وأحست بقوة هذا العدو، التي بات عليها التخلص الجاد من خطر الشيوعية ،لكن محاربة السوفيت بالقوة العسكرية والقوة الاقتصادية ، قد فشلت طوال العقود الباردة التي سيطرت على مرحلة الباردة، لذا تم التفكير بالقوة الناعمة التي تعتمد على تفتيت الإمبراطورة السوفيتية من الداخل وهذه المهمة وضعت من جديد أمام كل الخبراء والعلماء الاستراتجيين والاقتصاديين والدبلوماسيين".

في العام 1985 انتخب مخائيل غورباتشوف أمينا عاما للحزب الشيوعي السوفيتي والذي يعتبر اصغر أمينا عام للحزب وكذلك رئيس للسوفيت الأعلى أي رئيس جمهورية كثاني رئيس للإمبراطورية منذ تأسيسها في العام 1917 .

لقد تم انتخاب غورباتشوف لقيادة الحزب بعد أن تم تعيد الطريق أمامه بإقالة أو "استبعاد "كافة الأعضاء القدامى الذين شكلوا قوة حزبية وشعبية في دول السوفيت ، ك"شربينسك" أمين عام الحزب في أوكرانيا السوفيتية، ورمانوف السكرتير الأول للحزب في مدينة سنات بطرسبرغ "لينغراد سابقا"،وحيدر عاليف، سكرتير الحزب في أذربيجان السوفيتية، مما ساعد غورباتشوف من تشكيل قيادات الحزب والمكتب السياسي من شخصيات شابة وجديدة على الحياة السياسية والإيديولوجية السوفيتية،

ففي العام 1988 انتخب غورباتشوف، رئيس للسوفيت الأعلى أي رئيس للجمهورية" الإمبراطورية" وهو الأول منذ تأسيسها في العام ،1917وهذا المنصب استحضره الأمين العام الجديد ومهندس نظرية أعادة البناء الحزبية والإيديولوجية والسياسية في بلد يعاني من العديد من المشاكل الاجتماعية والسياسية والحزبية والاجتماعية، وهذا الانفتاح الذي قام به السيد العجوز بالانفتاح على الغرب بنظرية "البريسترويكا" إعادة البناء التي تبناها القائد الشباب الطموح، والذي نشرت أفكار هذه النظرية في كتاب ،ترجم إلى كل اللغات العالمية والعربية منها تحت عنوان "غورباتشوف :البريسترويكا والغلاسنست " ،فالانفتاح الذي حاول غورباتشوف السير به في بلد عانى الكثير... الكثير... من القمع والبطش والحرمان والتسلط والبيروقراطية، فكانت الخطوات بطيئة وغير سريعة عكس ما توقع القائد الجديد الحالم بالتغير والتجديد في بلد تنخره الأفكار المحافظة والهرمة.

برنامج غورباتشوف التغيري:

عند وصول مخائيل غورباتشوف إلى السلطة طرح برنامجه للتغير وإعادة البناء للدولة والشعب والحزب،ظهرت على الساحة السوفيتية ثلاثة تيارات جديدة:

-التيار الأول الذي يمثله غورباتشوف ويقوم على أساس الإصلاح الشامل الاقتصادي وسياسي بالتدريج من خلال تنمية الوعي الجماهيري الديمقراطي داخل المجتمع الشيوعي والدولة السوفيتية ومؤسساتها المختلفة ،ولكن على استمرار الاختيار الاشتراكي ووحدة الاتحاد السوفياتي .

- التيار الثاني :تمثله مجموعة من التيارات والكوادر الحزبية والأمنية والعسكرية لا يخفون عدائهم الكامل للبريستوريكا وهذا التيار الذي يتبنى مفهوم تطوير الحزب الشيوعي ويعارض إن تستغل الديمقراطية في تفتيك الدولة السوفيتية وإسقاط النظرية الاشتراكية ،وهذا التيار من قاد انقلاب 19 أب "أغسطس "1991.

- التيار الثالث والذي يطلق على نفسه التيار الراديكالي وتمثله الأحزاب الليبرالية وعدد من الشخصيات المهمة في الاتحاد السوفيتي والذي اختلفت مع غروباتشوف وسياسته البطيئة في تطبيق البرسترويكا ومن ابرز هؤلاء المعارضين باريس يلتسين رئيس روسيا السوفيتية،ومحافظ موسكو الكسندر بابوف ،ومحافظ لينغراد انطولي سابشاك، ومنظر الحزب الشيوعي السوفيتي والرجل الثاني بعد غورباتشوف"، الكسندر يكفلوف"الإسرائيلي الهواء"،وادوارد شيفرناذزة وزير خارجية الاتحاد السوفيتي"الغير متكلم اللغة الروسية "وإنما الانكليزية،ويقوم هذا التيار على الاعتراف بإخفاق الماركسية –اللينينية –الستالينية،وبالتالي إسقاط الخيار الاشتراكي لصالح اقتصاد السوق الحرة وإمكانيات التحول إلى نوع من الرأسمالية العصرية في إطار محسوب من العدالة الاجتماعية وان تشمل الحرية الديمقراطية كل شيء ابتداء من المواطنين حتى حق الجمهوريات داخل الاتحاد السوفيتي في تقرير مصيرها بالانفصال أو الاستمرار في صياغة جديدة تحد من سلطة المركز"موسكو"،وهذا التيار الذي انتصر ووقف بوجه الانقلابيين وجز بهم بالسجين،والتي أدت تفك الاتحاد السوفيتي وسيطرتهم على البلاد.

غورباتشوف ينعي نظريته:

لقد دخلت البلاد بصراع من خلال الانقسام الداخلي بين إطراف السلطة ومعارضتهم لنظرية إعادة البناء التي طال انتظار مفاعيلها كثيرا لكنها لم تنجح فعليا في المجتمع السوفيتي،غروباتشوف أدرك أن الاستمرار في السلطة ودفع برنامجه إلى الأمام يعتمدان بالأساس على إيجاد صيغة تواز بين الجانبين ،"الجناح المحافظ والراديكالي ،لان الأول يعارض برنامجه ويراه خروجا على الماركسية اللينينية،أما الأخر الذي يرى في برنامجه الإصلاحي غير كافي ويسير بوتيرة

بطيئة ويطالب تسريح وتيرة التغير والتعجيل باء عادة بناء الاتحاد السوفيتي على النمط الغربي ".لقد أدرك غورباتشوف منذ البداية أن الإجهاز على الجناح المحافظ يقود إلى حرب أهلية في البلاد ،نظرا لسيطرة أنصار هذا الجناح على المؤسسة العسكرية والأمنية وجهاز المخابرات والداخلية ،كما أن القضاء عليه سوف يعظم من مطالب جناح الليبرالي، ومن جهة أخرى أدرك غورباتشوف استمرار جناح الليبرالي بموازاة نفوذ الجناح المحافظ ولممارسة الضغط هذا الجناح هذا الجناح حتى يسلم الجناح المعتدل الذي يقول غورباتشوف.

وفقا لهذه الصيغة أدار غورباتشوف شؤون الداخلية للبلاد المتأزمة، دون أزمات كبرى من خلال هذه الصيغة التوازنية بين الجانين سرعان ما اختلت للعديد من الأخطاء الذي ارتكبها نظرية البناء نفسه على الصعيد الداخلي والخارجي.

ففي آذار "مارس"من العام 1991 توجه إلى الشعب السوفيتي بالاستفتاء على بقى أو عدم بقاء الاتحاد السوفيتي ،فالشعب أجاب بنسبة 76,6% على ضرورة المحافظة على الاتحاد السوفيتي ،مما فاجئ الجميع في مركز القرار السياسي، لذلك طرح سيناريوهات عديدة لانقاد البلاد وطرح مفهوم حالة طوارئ عاجلة في البلاد،بعد أن عرف فعليا برنامجه وصل إلى حائط مسدود،غرباتشوف الذي كان يعلم جيدا بحركة الانقلاب الذي رسم هو معالمه ضنا منه بان الانقلاب ينقذ البلد ويعيده رئيسا بعد فشل مشروعه،لقد لعب غورباتشوف لعبة الثعلب الماكر مع الجناحين لكونه كان يعتبر نفسه هو الرئيس بظل نجاح أي من الاجناحة المتحاربة ،لكنه وقع في خطاء كبير لعدم فهم لعبة التيارات المتصارعة الأمر الذي أدى إلى حدوث انقلاب 19 أب عام 91 وكان ضحيته الاتحاد السوفيتي الذي انتهى عن الخارطة السياسية والجغرافية.

التدخل الأمريكي في الانفتاح:

مما لاشك بان أمريكا لعبت دورا مميزا بدفع الأحوال في بلاد الشيوعية إلى تسارع كبير نحو الانحدار والانهيار،من خلال الضغط الاقتصادي والعسكري والأمني والأخلاقي،وفتح أبوابها أمام الجناح الراديكالي والاتصال بشخصياته السياسية والاقتصادية التي وضحت نفسها في خدمت السياسة الأمريكية التي أضحت تخوض حرب ضد المسكر الاشتراكي بشكل عام،والتي كانت الخطوة الأولى في العام 1989 بتوحيد الألمانيتين وانهيار جدار برلين كخطوة أولى نحو التغير والانفتاح، وعندها بدء التدخل الأمريكي في الشؤون الداخلية السوفيتية بظل الانفتاح ومناخ التغير الذي يطرحه رئيس الاتحاد السوفيتي،من خلال بناء شبكة علاقات داخلية مع أشخاص روسية وسوفيتية بدا الأمريكان المراهنة عليها في التغير القادم في قلب الإمبراطورية السوفيتية،عندها يكتب" زبغنيو برجينسكي"، في إحدى مقالته بان أمريكا تخطو خطوات أجابية باتجاه دولة السوفيت ونعتبر لقد دق أول مسمار في عمر الدولة الشيوعية.بدء العمل الأمريكي الأمني الدؤوب في بلاد الثلج.بالرغم من زيارة المستشار الأمريكي للأمن القومي روبرت غيس قبل يوم من الانقلاب السوفيتي والذي قيل الكثير عن مدى تنسيق المخابرات الأمريكية مع الرئيس الراحل يلتسين والسيناريوهات التي تم رسمها في حال الفشل أو نجاح المعارضة .

لكن تبقى عوامل داخلية وفشل إدارة غورباتشوف لإعادة البناء وتجديد الحزب،وغلاء النفط بعد احتلال الكويت من قبل نظام صدام حسين وإحراق أبار النفط وتدخل القوات الأمريكية والغربية في عاصفة الصحراء لتحرير الكويت،مما عكست نيرانها على الاقتصاد السوفيتي.

لقد كان الانتصار الأمريكي الثاني والكبير بانتصار التيار الليبرالي في استلام السلطة بقيادة يلتسين وحلفاءها ،مما سهل لها السيطرة على كل العالم والعربدة على كل الكرة الأرضية،وخروج القطب الواحد،مما ساعد أمريكا فيما بعد باستعادة كل الأموال التي تم صرفها سابقا على الخطط التي تم وضعها لانهيار الاتحاد السوفتي

انقلاب91 بين بحيرة البجع ودبابات الدولة:

في 19 أب 1991 في السادسة صباحا اقفل التلفاز الروسي الرسمي البث وبداء بث مسرحية بحيرة البجع بموسيقيتها الكلاسيكية والتي تذكر السوفيت بالحزن أو حوادث الكوارث الإنسانية والسياسية، والدبابات تحتل شوارع العاصمة السوفيتية موسكو،فالانتشار الذي سيطر على الساحة الحمراء ومقر البيت الأبيض مركز الرئاسة الروسية تيمنا بالبيت الأبيض الأمريكي،بعدها يتم إعلان البيان الأول من قبل قادة الانقلاب بقيادة نائب رئيس السوفيت الأعلى،غنادي غنايف الذي كانت يداه ترتجف أثناء قراءة البيان رقم واحد لقيادة الانقلاب والذي بررته ، نظرا لحالة رئيس البلاد الصحية تم إعلان حالة طوارئ لقيادة جمعية تدير شؤون البلاد...فالبداية قيادات الجمهوريات أيدت قادة الانقلاب،وأعلنت انضمامها لقيادته،عدى بعض المئات من سكان موسكو الذين رفض التأيد وحاول اعتراض دبابات الجيش بانتظار ردة فعل الرئيس يلتسين،فقادة الانقلاب لم يعتقلوا يلتسين ولا احد من القادة الليبرالية،مما شجع هذه القادة على التحرك والتجمع ودعوة الشعب للتجمهر لكن يلتسين استطاع قطف الصورة من يد قادة،من خلال قيادة الجماهير المنتشرة بالشوارع وصعوده إلى إحدى الدبابات العسكرية وتلى الخطاب الشهير الذي يدعي أهل موسكو وروسيا للتجمهر في موسكو للدفاع عن رئيس الجمهورية المنتخب شعبيا والوقف بوجه الانقلاب الغير قانوني الذي يقوده رجال المخابرات الكي جي بي،التي تحاول إعادة البلاد إلى سيطرة المخابرات،لقد نجح يلتسين بلف الشعب حوله من خلال دعوتهم لمحاربة الانقلابيين ،وفشل الانقلابيين الذين كانوا يحاولون المحافظة على الدولة السوفيتية وإبقاء الإمبراطورية الشيوعية،بطريقة غير عادية "الانقلاب"فالشعب له تجربة طويلة ومريرة مع المخابرات ولا يريد الدفاع عنها،وكذلك غياب الكوادر القديمة التي لها علاقات وثيقة مع الشعب الروسي والسوفيتي.

جئت الفرصة لعند يلتسين وبداء يلعب الورقة بطريقة صحيحة،لقد اتصل بقيادة الوحدات العسكرية وقيادات الجيوش وطالبها بعدم التدخل ،تغير موقف رؤساء الدول السوفيتية الطامحة للسلطة الجديدة،مساعدة المحافظين في المدن الكبرى ،غياب غورباتشوف الذي انتظره الشعب ليأخذ زمام الأمور بيديه، مما استدعى الصحف السوفيية التي خرجت بعناوين مختلفة ولكنها طرحت سؤال جوهري عن مصي رئيس البلاد المنتخب شعبيا وهذه الفرصة التي اضاعها غرباتشوف والتي رفعت رصيد يلتسين بقيادة المواجهة المدعومة شعبيا ضد الماضي الأليم للشعب،وتجربته الخاصة مع رجال المخابرات السوفيتية،لذلك الشعب سمع لدعوة يلتسين في لدفاع عن الجمهورية ضد الحركة الانقلابية.

لقد نجح يلتسين في أنهى الحركة الانقلابية وسحبت الدبابات من الشوارع وفي 20 أب أغسطس 1991 تم اعتقال قادة الحركة الانقلابية والجزب بهم في السجن الذي دام لسنة ونصف دون محاكمة ،دو توجيه أي تهمة لهم من اجل محاكمتهم.لان القرار التاريخي الذي اتخذته الحركة الانقلابية بعدم فتح النار والذي يؤدي إلى حرب أهلية داخلية تسفك فيها الدماء ،وهذا القرار يعود إلى وزير الدفاع السوفيتي المارشال يازف.

22 آب "أغسطس" 1991 لقد أعيد الرئيس غرباتشوف من منفه الاختياري في جزيرة القرم مدينة"فيدوسي " الأوكرانية،لكنه أعيد ليس بصفته كرئيس للدولة الكبرى وإنما أتى به ليوقع اتفاق على حل الدولة الرئيسية الطامحة للاستقلال بناءا لطلب قيادتها وليس لشعبها،وكذلك ليوقع قرار ينهي به عصر الشيوعية ،والحزب الشيوعي الذي امتلك 14 مليون عضو لم يدافع عن إيديولوجيتهم ونظريتهم وحزبهم،بل تركوا الساحة لعض الألف من الليبراليين لتسقطوا الإمبراطورية الكبرى.لقد احتفل الليبرالي بنشوة الانتصار بحل الاتحاد السوفيتي ،وحل الحزب الشيوعي وتحطيم تمثال فيكلس درجنسكي من أمام مقر المخابرات العامة في ساحة اللوبينكا لكون التمثال يرمز لقوة المخابرات السوفيتية.

في 26 اب 1991 انتهى عمل الاتحاد السوفيتي نهائيا بعد توقيع اتفاقية من زعماء الدولة المستقلة الجديدة ،" باريس يلتسين"رئيس روسيا" ولينيد غفراتشوك"سكرتير الحزب الشيوعي الأوكرانية"ومن ثم رئيس أوكرانيا،وستنسلاف شوشكفتش". وفي ذكرى 20 عاما على انهيار الاتحاد السوفيتي وفي مقابلة مع الرئيس السابق مخائيل غورباتشوف على شاشة القناة الروسية ضمن فيلم روئي تحت عنوان رؤية عن انقلاب أب 91 في 22 أب أغسطس 2011 يقول فيها غورباتشوف،ما الفائدة بالذي حصل عندنا،وتعود روسيا إلى الوراء،وان تكون روسيا دولة شمولية تجرى فيها انتخابات حرة ونزيهة وشريفة دون تزوير لنتائجها.

الخاتمة:

الجميع مشاركو أحداث أب العام1991 اسلموا نفسهم لذمة الله ،وأعاد اعتبارهم جميعهم،وتم دفنهم كإبطال للدولة في مقبرة العظماء في الكريملين،حاولوا المحافظة على دولتهم برقهم المختلفة ،بظل رئيس "فلاديمير بوتين" أعاد لروسيا نشيدها الوطني الذي هو نشيد الاتحاد السوفيتي،وفعل دور المخابرات الروسية، وأعاد الاعتبار الرسمي لروسي ودورها على الخارطة الجيو-سياسية الإستراتيجية التي فقدته بعد انهيار الاتحاد السابق

لكن شأن أم أبينا بان غورباتشوف الذي يبرر أحيانا أو لا يبرر كيفية انهيار الإمبراطورية العظمة،وسير الأحداث، بطريقته الخاصة ، لكنه كان يملك أعلى سلطة في العالم ، و لم يتمسك بها،حقنا لإراقة الدماء في دولة تملك اكبر ترسانة سلح في العالم بما فيها أسلحة الدمار الشامل.

د.خالد ممدوح العزي

باحث إعلامي مختص بشؤون روسيا ودول الكومنولث

Dr_izzi2007@hotmail.com

الخميس، 25 أغسطس 2011

ليبيا الجديدة: انتصار الثوار وهزيمة روسيا...!!!

ليبيا الجديدة: انتصار الثوار وهزيمة روسيا...!!!
بغض النظر عن كل الأخطاء والتحليل التي تحاول أن تقرءا الوضع في ليبيا، لكن هناك حقيقة واحدة بان الشعب الليبي أصبح حر ،واسقط دكتاتورية ألقذافي التي استمرت 42 سنة،وهذا هو الواقع الجديد الذي يجب أن يتعامل معه العالم،طبعا أخطاء ألقذافي الذي مارسها بحق شعبه هي التي أدت به إلى السقوط الذر يع ،انتصر الشعب الذي وصفه ألقذافي بالجرذان والفران والمهلوسين ،وأصبح عميد الساسة العرب هو وأولاده مختبئ كالجرذان في أوكار صغيرة في إحياء مدن ليبية لا تزال تكن له باحترام وود،لكن هذا لا يغير من الواقع شيء بان ألقذافي سقط مع سقوط طرابلس وانتهى مع انتهاء باب العزيزية وحرق بيت الصمود الذي كان يعتبر إمبراطورية ألقذافي،بقاء ألقذافي وبعض الموالين له في مناطق أو إحياء يحاولون المقاومة من خلالها لكي يلفتوا نظر العالم بأنهم لا يزالوا موجودين من اجل التفاوض وتحسين شروط التفاوض،لقد انتهت ليبيا وأهلها من ثقل ألقذافي الكبير الذي أرخاه على عاتق ليبيا وشعبها في تبديد أموالها وتحويلها إلى شركة خاصة لأبنائه والمقربين منه،لقد صنع الإرهاب في ليبيا ودعم جماعات كثيرة من الإرهابيين التي دفع ثمنها الشعب الليبي نفسه طوال 15 عاما من الحصار ،تدخل في شؤون الدول العربية والعالمية وحاول زعزعة أمنها،نم الخلافات العربية- العربية،لكن اليوم ليبيا أضحت حرة بفضل صمود أبنائها الشجعان الذي تصدوا لآلة الموت العسكرية التي يملكها العقيد فصمود أهل مصراتة هو الذي افشل وأنهك قوى العقيد وكتائبه الأمنية،نعم تدخل الغرب بطلب عربي ومن ثمة دوافع إنسانية وأخلاقية اتجاه شعب ليبيا الذي كان عرضة لسياسة العقيد الهمجية وحقل تجارب لجحافل خميس ذات التجهيز والتدريب الروسي ،لكن الغرب بداء يفكر في مصالحه في ليبيا وحاول تقسيم ليبيا لإضعاف الطرفين والقذاف ،كان راضي بهذا الطرح الذي يؤمن له الاستمرارية بسيطرة على دولة مهما كان حجمها الجغرافي،لكن الثوار رفضوا هذه الشروط دفعوا العديد من الشهداء في معارك غير متكافئة لا في العدة والعتاد ولا التجهيز الذي كان ألقذافي يتلقه حتى اليوم الأخير لسلطة.اليوم أصبحت ليبيا حرة ويترتب على قادتها وشعبها مسؤوليات كثيرة لكي تحافظ على هذا النصر وتنظم إلى الدول العربية الأخرى التي خلعت رؤساءها.
نعم ألقذافي يملك جبال من العملات الصعبة التي يحاول ان يوظفها في تخريب الأمن والاستقرار العسكري والسياسي من خلال جماعات تكن له بالولاء،وللقذافي دورا تاريخيا وقدرة عجيبة في ممارسة هذه الحرب القذرة الذي مارسها سابقا ضد العالم،لكونه لا يزال يؤمن بان الملاين معه وتحبه .
على المجلس الانتقالي التسريع في تنظيف ليبيا وبناء جيش وطني وقوى امن داخلية والعمل على تامين انتخابات حرة للبرلمان والرئاسة معا لإيصال ليبيا إلى مكانه الطبيعي دولة ديمقراطية يحكمها القانون والعدل على أساس الحرية ،العمل الفوري على ترتيب مناخ المصالحة الوطنية والعفو العام عن المرحلة السابقة كي لأتدخل ليبيا في دوامة العنف الجديد،ترتيب العلاقات مع دول الجوار التي كانت ليبيا مصدر قلق لهم.
لان ليبيا الجديدة سوف يكون لها دورا هاما في نشر ثقافة الديمقراطية والحرية والتسامح ،ولعب دول كبير في المجمعة العربية ،والخروج من مواقع المناكفة والمحاول الخاصة التي اتبعها العقيد سابقا مع الدول العربية ،ليبيا وتنس ومصر سوف يكون لهم تأثير فعلي وكبيير على تطوير وتفعيل دور دول المغرب العربي والدول العربية في جامعة الدول العربية .
طبعا الخراب الدمار هو ثمن الحرية وليبيا دولة غنية جدا وانعم الله عليها بثروة كبيرة من الغاز والنفط المميزان في العالم، بالإضافة إلى أن ليبيا تملك اكبر شط بحري على المتوسط ذات الرمل الأبيض الذي سيحولها إلى عروس المتوسط بالنسبة للسياحة العالمية سيتم تطور هذا القطع بسرعة بعد إن كانت غائبة عنها طوال فترة العقيد نظرا لما تملكه ليبيا من مدن وقلاع رومانية قديمة تما ترميمها من قبل بعثات ايطالية ،إضافة إلى ثروة سمكية هائلة وخضروات وإثمار للفاكهة وجامعات كبيرة ستتحول إلى مراكز دراسية كبيرة للدول المجاورة.
الموقف الروسي ليبيا :
منذ اندلاع الثورة أليبية في 17 فبراير الماضي كان الموقف الروسي مترد وهو ميال إلى حل للمشكلة الليبية وعارضت منذ البدء أي تدخل أجنبي في ليبيا، وانتقدت أعمال الناتو وأخطائه العسكرية العديدة ،لقد أرسلت روسيا مندوبها إلى طرابلس عدة مرات في محاولة لتقريب وجهات النظر بين الإطراف المتصارعة ،لكن روسيا لم يكن لها وجهة نظر تطرحها لكي تعمل على تسويقها فالمندوب الروسي كان خاليا من أي مبادرة تطرح للطرفين وتضغط بها دوليا وعلى أطراف الصراع ،رفض الحرب وعدم إراقة الدماء هو مطلب الجميع ولكن الجلوس على طاولة المفاوضات دون ورقة عمل،اضعف موقف موسكو ومندوبها "مخائيل مرغيلف" .المعركة الروسية مع الخرب من اجل مصالح خاصة في مناطق نفوذ روسيا وليس دعما لنظام ألقذافي لكن الصراع الدولي يفرض إشكالا مختلفة في إدارة الصراع الدولي ،لكن روسيا مطورة حتى اللحظة الأخيرة في بيع الأسلحة والمعدات الحربية والتقنية والكترونية للنظام ألقذافي وتزويده بأفضل المعدات والخبراء ،ويكفي بان جحافل خميس ابن العقيد ألقذافي الفرقة 32 هي روسية الصنع والتجهيز،إضافة إلى بعض الدول التي تخص روسيا كأوكرانية وروسيا البيضاء اللتان زودت نظام ألقذافي بالأسلحة والتقنيات العالية لإدارة حربه. طبعا تعيش روسيا صدى الصدمة التي منيت بها من سقوط نظام ألقذافي السريع،والهزيمة سوف يكون له تداعيات عديدة على روسيا لكونها تفقد حلفاءا لها في الشرق الأوسط من خلال دعمها لدكتاتوريات وأنظمة فاسدة ستتحمل أعباءها في المستقبل القريب.
فالموقف الروسي الذي عبر عنه الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف بتاريخ 24 أب"أغسطس 2011 والذي يقول فيه حرفيا"" اليوم في ليبيا يوجد سلطتين ،والنصر الحالي لا يعتبر نهائيا حتى لو امتلكوا ثلاثين العاصمة وضرورة التفاوض ،ولا نستطيع الاعتراف بالمجلس الانتقالي اليوم ،وسوف نرى مدى شعبيته في البلاد وتأثيره عليهم".
يقول ميدفيديف بان روسيا تطالب بان تبقى ليبيا دولة موحدة دون التفكيك بسبب وضع ليبيا وتركيبتها القبلية المعقدة الذي حافظ عليها النظام السابق كدولة واحدة ،فكيف يمكن للثوار المحافظة عليها دون تفككها والدخول في حرب داخلية تستنزف ليبيا وشعبه .الموقف الروسي يقوم على إيجاد حل سلمي نهائي للمشكلة الليبية،ينقل البلد إلى حياة طبيعية ،كي لا يتعرض الشعب الليبي لحرب أهلية تسفك فيها الدماء.
الموقف الروسي غمض وملتبس وغير واقعي فإذا الصين حليف ألقذافي وصاحبة الاستثمارات الكبيرة البالغ قيمتها 18 مليار تمنت للشعب الليبي الخير وتحترم رغبته وترغب في المشاركة بإعادة أعمار ليبيا،فالروس يحاولون أعادة النظر في الخسارة التي منوا بها في ليبيا ولم يستيقظوا من الصدمة أو أنهم يعرفون ماذا يخبئ ألقذافي لأنهم شركاء معه.
الإعلام الروسي :
الإعلام الروسي الرسمي هو بالنتيجة ناطق بلسان الدولة وقيادتها،فالإعلام الروسي الناطق بالروسية تعمد دوما عدم أظاهر الأزمة الليبية على الشعب الروسي ،واعتباره عادية بين منشقين غير منضبطين على السلطة المركزية ،والتقارير التي كانت ترسل لا تشكل مساحة واسعة من نشرات الأخبار المركزية ،وبالتالي كانت تغيب لفترات طويلة من الشاشة الصغيرة،وعندما كانت تبث أخبارا معينة لصالحة الدولة الروسية أو نظام ألقذافي او بث حدث كبير لا يستطيع التلفزيون الإغفاء عنه،بسبب نشره في القنوات العالمية والصحافة المكتوبة أو المواقع الالكترونية، بالإضافة إلى الغياب الفعلي لقناة روسيا ليوم الناطقة بالعربية التي وقعت بين حدين موقف روسيا الرسمي والسباق الإعلامي العالمي،لذلك فقدت القناة مصداقيتها عند المشاهد العربي.
لكن الأبرز بالتغطية الروسية لإحداث ليبيا بطريقة مضحكة جدا لتلفزيون له قدرات هائلة وخارقة في العمل الإعلامي والدعائي أن يتصرف كالتالي: إذاعة فيستي 24 القناة الإخبارية الروسية التقرير تحت عنوان "في الحرب كل الوسائل متاحة"بتاريخ 24 أب "أغسطس"2011 .
التقرير ينص "على أن دخول الثوار إلى ساحة الشهداء التي كانت تعرف بالساحة الخضراء هي مسرحية مركبة يشك بها نظرا لاستخدام وسائل عديدة من القبل الثوار لإرباك عدوهم من خلال الاستعراض المسرحي الذي يقوم به الثوار ورفع أعلام الانتصار،من خلال الشك بكل شيء العلم الكبير الذي رفعه الثوار في الساحة كيفية اخذ الصور في ساحة الشهداء في الصور التي التقطت في الساحة وكمية الأعداد المتواجدة فيها ،الشك بل شيء.روسيا تقول بان الوسائل الفنية الاستعراضية هي مركبة من اجل الضغط على العدو حتى المدافع هي مركبة.هذا يلخص عنوا التقرير بان كل الوسائل في الحرب متاحة ،لان روسيا لم تقتنع بالسقوط المذوي الذي شهدته العاصمة لان معلومات روسيا حسب مصادر ألقذافي سوف تصمد لعهود فكانت الصدمة الكبيرة التي لم تتحملها روسيا بسبب غياب المعلومات الكاملة وعدم التغطية الصحية والثقة العمياء بكلام الرؤساء وهذا ما سوف تحصده روسيا في سورية التي بات سقوطها قريبا جدا واليمن التي تزوده بأسلحة وعتاد وأجهزة .
ليبيا انتصرت شانا آم أبينا وليبيا الجديدة سوف تكون أفضل من ليبيا ألقذافي إرادة روسيا أن تعترف بهذه الحقيقة أما لا فان سقوط الأنظمة بات قريب وروسيا تفقد الشرق الأوسط وشعوبه بسبب غباء لاستخباراتها ومعلوماتها التي تعتبر بان هذه الأنظمة باقية وصامدة بوجه شعبه الأعزل.
د.خالد ممدوح العزي
صحافي وباحث إعلامي،و مختص بالإعلام السياسي والدعاية.
Dr_izzi2007@hotmail.com



الأربعاء، 24 أغسطس 2011

روسيا البيضاء: نجاح الدولة في الانتخابات ، هزيمة المعارضة وانهيار الاقتصاد...!!!

روسيا البيضاء: نجاح الدولة في الانتخابات ، هزيمة المعارضة وانهيار الاقتصاد...!!!
عين على الجمهورية رقم 3.
بتاريخ 18 آب "أغسطس" الحالي بادرة الإدارة الأمريكية الحالية إلى فرض حزمة من العقوبات الاقتصادية الجديدة ضد الدولة البيلاروسية على ضوء العلاقات المتوترة بين الدولة والعالم الغربي وأمريكا ، مما زاد تعقيد للازمة المطروحة بين الطرفين ، بعد الانتخابات الأخيرة في الجمهورية وغياب المعارضة عن المسرح السياسي ،بعدم اعتراف هذه الدول بنظام الرئيس لوكاشنكو، مما استدعى ردا سريعا من الدولة على حزمت العقوبات الاقتصادية الكبيرة،بإيقاف العمل مع الجانب الأمريكي بتجميد تخصيب "اليورانيوم" حسب الاتفاقية المعقودة بين البلدين في العام 1994 عندما تخلت بيلاروسيا طوعيا عن أسلحتها النووية التي كانت بحوزتها من تركت الاتحاد السوفياتي المنهار.
بتاريخ 19 كانون الأول من العام 2011م، تمت انتخابات رئاسية في جمهورية بيلاروسيا "روسيا البيضاء "،وحسب كل المعطيات التي قدمتها اللجنة الوطنية المشرفة على سير الانتخابات،فان الإعداد المتدفقة على صناديق الاختراع كانت تصل إلى نسبة 90%من عدد الناخبين الذين هبوا لانتخاب رئيس البلاد،وحسب لجنة الفرز المكلفة بمهام فرز الأصوات تقول:" بان نسبة الأصوات الذي نالها الرئيس الحالي "الكسندر لوكاشنكو " وصلت إلى 79% من مجمل الأصوات الناخبة ".هذه الانتخابات التي اشرف عليها اكثر من 1000 مراقب دولي من "دول البعثة الأوروبية، ودول الاتحاد المستقلة"،وكذلك المراقبين المحليين من كافة المنظمات وهيئات المجتمع المدني والأهلي و الذين قاموا بدورهم الكامل كمراقبي ومشرفين على سير الانتخابات.
فالنتائج المعلنة لهذه الانتخابات إعادة انتخاب الرئيس الحالي"الكسندر لوكاشنكو" لتولي سدة ألرأسه لفترة جديدة "فترة رابعة"،بعد أن عدل قانون الانتخابات الذي يسمح للرئيس بالترشح مرة جديدة ،لكن هذا الفوز الذي حققه الرئيس الحالي من خلال ثقة الشعب البيلاروسي المدفع عن مكتسباته حسب عرض الدولة ، والذي حقق إبان فترة رئاسة الرئيس "لوكاشنكو" أزعج جهات عديدة من إعادة الانتخاب لأنها تمنت عدم مشاهدة الرئيس الحالي في موقعه الحالي فالشعب البيلاروسي انتخب الشخص الذي يثق بسياسته الاقتصادية والاجتماعية والأمنية ،لقد دفع عن هذه الانجازات والمكتسبات التي ضمنت لهم أثنى وجوده في الحكم فترة كاملة من الاستقرار الأمني والاقتصادي والسياسي في البلاد .
طبعا كل مواطن يتمنى العيش في أجواء أمنية طبيعية ، ورخاء اقتصادي واجتماعي دون أية مشاكل تذكر في ظل عالم يعاني من العديد للمشاكل التي تعصف بسكانه . فالمواطن البيلاروسي واحد من سكان هذا العالم الذي لا يرد إن تكون بلاده حقل تجارب جديدة لدول أخرى، كباقي الدول المجاورة له ، والتي كانت تعيش مثله في كنف الدولة السوفياتية العظيمة المنهارة .
لوكاشنكو لا يتمنى العودة إلى فترة انهيار الاتحاد السوفياتي حيث عانى فيها المواطن السوفياتي من الفقر والجوع والانهيار الاقتصادي والاجتماعي والأمني والأخلاقي نتيجة انهيار الإمبراطورية السوفياتية العظمة، والذي فقدوا بعدها كل مكونات الدولة الحديثة مما اجبر الشعب الفقير على دفع ثمنا باهظا لهذا التغير السريع لنمط الحياة الاقتصادية، لكنه لا يتخلى عن تلك الحقبة من عمر الدولة السوفياتية، فالمواطن العادي إثناء فترة التحول الاقتصادي والتي مرت بها هذه الدول فقد الكثير من مقومات الحياة الطبيعية. لكن هذا الطرح لصعوبة الفترة الماضية لا يعني الاستمرار في الحكم طوال العمر، خوفا من شبح الماضي الأليم ، كما هي حال الدول العربية التي تسيطر عليها مشاهد التغير من خلال الحراك الشعبي المنتشر في ساحتها والتي تحتلها الجماهير الشعبية المطالبة بالتغير والحرية والديمقراطية.
بيلاروسيا دولة فتية نفضت غبار التغير عنها وخرجت من عباءة المرحلة السوفياتية نتيجة التغير الذي عصف بدول المعسكر الاشتراكي وأوروبا الشرقية للتوجه نحو الديمقراطية الحقيقية التي تساعد شعبها في النهوض الاقتصادي والاجتماعي والفكري. كان على الرئيس الحالي اخذ التجربة الروسية التي اعتمدها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتولي الرئاسة لدورتين وترك المجال لرئيس أخر، خليفة له ولأفكاره الذي ينفذها ويتابع خطواته . وهنا يطرح السؤال نفسه عن دور المعارضة البيلاروسية بشكل عام، و في الانتخابات الأخيرة الذي شارك فيها مرشحها وكان واحدا من المرشحين، لان الدولة البيلاروسية أو" النظام" سمح لكل المرشحين استعمل كافة المجالات الدعائية والإعلامية، التي تساعد المرشح على تسويق نفسه أمام جمهوره وفريقه، لكن الشعب البيلاروسي قل كلمته وحدد خياراته، وانتخب مرشحه الذي لم يجد غيره لكي يعطيه صوته ويدافع عنه . فالرئيس الحالي يشكل بالنسبة للشعب الفقير الخائف من غدر الغد ، القوة الفعلية لإدارة مستقبل الدولة،قد يكون هذا خطاء تاريخ ارتكبته المعارضة في عدم الانفتاح على هذا الشعب ولكن هذه هي الحقيقة .
جمهور لوكاشنكو يتكون من الأكثرية الشعبية في الجمهورية ويتألفون من" الفلاحين وعمال المصانع وكبار السن "المتقاعدين "والجيش والشرطة وبعض الطلبة والموظفين" .
أما الجمهور المعادي للرئيس الحالي أو "جمهور المعارضة"، التي تعتبرهم الدولة مجموعة قليلة جدا في المجتمع البيلاروسي،لكنهم يتألفون من الطلبة ورجال الإعمال،والتجار الصغار، والذين يحاولون بناء دولتهم بطرقهم الخاصة القريبة من الغرب الأوروبي لكونهم مركز أوروبا وقلبها ولا يجوز الابتعاد عن مجرى حياتها،لذلك يصنفون سياسيا ضد سياسة الرئيس الحالي وتوجهاته الاقتصادية والسياسية،هم ضد العبث باقتصاد البلد وبعثرت أموالها، فالدولة تصنف هؤلاء بأنهم من يثيرون الشغب الدائم ، لأنهم يحاولون التغير في بلدهم بطرق مخالفة للقانونية والدستورية ،وإنما حسب المطالب الأجنبية الأخرى،هؤلاء يأتمرون بآمرتهم من اجل تنفيذ مصلحهم الخاصة في تغير النظام لأجل مآرب شخصية واقتصادية وسياسية لهم، حسب الإعلام الرسمي والمحللين السياسيين المقربين من النظام ، الذين يعتبرون بان المعارضة بعيدة كل البعد عن مصالح الدولة والشعب.
وتفسيرا لطرحهم هذا نرى الغرب يتعامل مع هذه الدولة بخشونة ويقف بوجه النظام والشعب ويعمد إلى اقفل طرق أوروبا والعالم بوجههم من خلال منع دخول رجال النظام إلى أراضيه، وكذلك يسن عقوبات اقتصادية قاصية ومجحفة على الدولة ، يتحمل الشعب نتائجها الاقتصادية لأنه اختار الاستقرار والتطور والإنماء الاقتصادي والاجتماعي ، فاليوم يواجه عقبات اقتصادية قاسية أدت إلى انهيار الاقتصاد الوطني من خلال تضخم سريع فورا بعد الانتخابات التي تمت في العام الماضي،فالانهيار بداء بارتفاع سعر العملة المحلية التي تسمى "الروبل البلاروسي"، قياسا مع سعر صرف الدولار والعملات الأخرى التي تفتقدها الدولة لكي تملئ الأسواق والبنوك ، لذلك فتحت السوق السوداء،التي تذكر الشعب بأيام الاتحاد السوفياتي والتي تستفيد منها فئة صغيرا من عامة الشعب،غاب الدولار عن السوق ومراكز التصريف والبنوك ،لقد وصل سعر الصرف إلى 7 الألف روبل للدولار الواحد حتى شهر آب أغسطس من هذا العام ،وأصحب شرطة الاقتصاد تلاحق تجار العملة الصعبة وتعاقبهم ماديا، وهذه الحالة تركت ثقلها على كاهل الشعب، الذي غابت عنه كل الحاجات الأجنبية المطلوبة في الحياة العامة، وأضحت مفقودة من الأسواق ومن واجهات المراكز التجارية التي كانت تعج بها.
وهذا التضخم الاقتصادي يتزايد باستمرار وكل يوم، بالرغم من المحاولات الحثيثة للحكومة لمعالجة هذا الانهيار الاقتصادي لكن كرثة الثلج تتسع وتكبر. لكن الأعلام والخبراء الاقتصاديين والسياسيين يصرون على أن هذا الانهيار الاقتصاد التي تعاني منه الجمهورية والغير معروف مدته وتأثيره المستقبلي على الاقتصاد الوطني والشعب هو عقاب منظم ، تحت حجج وشعارات مبطنة للدولة نظرا " لغيب الديمقراطية والحرية".
فالديمقراطية الغربية التي يجب أن تنقل وتعمم خصائصها على دول لها حضارتها وثقفتها الخاصة، قد انبتت فشلها في العديد من الدول التي لم تستوعبها.
سؤال يطرح نفسه،هل العالم الغربي يقف بوجه الشعب التي اختار حياته الخاصة ودافع عن ديمقراطيته الخاصة كما هو حال بيلاروسيا" .
لان تجارب الدول الأخرى التي نقلت إليها الديمقراطية الغربية كما هي في دولهم، فشالت وانتهت بخراب الدول التي عمت فيها الثورات الملونة ، لقد انتشر الفقر فيها وعما القهر والظلم مجددا على هذه الشعوب وأضحت هذه الدول على قوب قوسين من حروب أهلية لقد تخطتها بصعوبة.
وحسب أراء الخبراء البيلاروس وإلاعلاميين الآخرين كالصحفية الكندية" مشال برند" التي زارت بيلاروسيا وكتبت مقالة في جريدة "واشنطن بوسط الأمريكية" بتاريخ 20 أب "أغسطس"2011 ، والذي تكمن "بان الديمقراطية التي نجدها في روسيا البيضاء هي خيار الشعب الوحيد والذي حدد موقعه ودوره من خلال تجسيد الانتخابات الأخيرة الذي جسد فيها ديمقراطيه حقيقية خاصة، واختيار فعلي لسياسة الدولة والنظام الذي منحها ثقته لإدارة البلد رغما عن إرادة الغرب الذي اعتبر بان هذه الانتخابات هي تزوير لإرادة الشعب وبالتالي هي فاقدة للشرعية القانونية" .
طبعا أذا هذا الكلام صحيح وواقعي ونابع من اختيار الشعب الفعلي نتيجة وعي كامل لتوجته الخاصة حسب الكاتبة ولقاءها بالعديد من سكان البلد ،فإذا كانت العملية الانتخابية تمت دون ضغط من وسائل الأعلام وأجهزة الأمن والسلطة الحالية، فعلينا جميعا أن نحترم خيار الشعب الذي عمل بمليء إرادته وكامل قواه العقلية والنفسية والسياسية باختيار رئيسه.
فالسلطة تعلق على اعتراضات المعارضة والطعن بشرعية الانتخابات، والتي تصف هذا الشغب العلني، بكونها محاولة صغيرة لبعض المرشحين، والتي ظهرت فور بعد إعلان نتائج الانتخابات، هذه الحوادث الصغيرة ما هي إلا زوبعة في فنجان لا تستحق الوقوف إمامها، وهي حالة عامة موجودة في كل دول العالم والمعارضات دوما تحاول أن تصرخ عاليا لكي تسمع صوتها للخارج الذي يدعمها ويساعدها من اجل تبيض الأموال التي دفعت لهؤلاء المرشحين" .
فالنظام الحالي يصر على أن الرئيس الحالي لبيلاروسيا بتحالفاته القديمة والجديدة يبقى هو ضمن للاستقرار الاقتصادية والأمنية والاجتماعية في البلد ،وهذا ما يصفه ويحاول تسويقه الإعلام الرسمي، الرئيس هو الذي يضمن مستقبل تطور الدولة البيلاروسية من خلال خط العلاقة المفتوحة مع الشرق "الصين –الهند – دول اسيا الوسطى والدول الإسلامية ،إضافة إلى العلاقة القوية والمثينة مع دولة الاتحاد الروسي والتي تعتبر من انجح وأفضل العلاقات في العالم بالرغم من الضغوط الشديدة التي يتعرض له الرئيس من أصحاب رأس المال الروسي الذين يحاولون تحقيق مكاسب شخصية لهم بظل العلاقات الأخوية القديمة التي تجمع الشعبين الروسي – البيلاروسي ك"اللغة ،الدين ،التاريخ ،العلاقات الاجتماعية والإنسانية ".
تعتبر الانتخابات في الجمهورية انتخابات مصيرية للشعب البيلاروسي حسب تعبير ساسة الدولة ،لان الشعب أدلى بصوته من اجل المستقبل، مستقبل الشعب والدولة معا من خلال منح لوكاشنكو فرصة جديدة في الحكم.
لكن كيف سيكون رد الرئيس الحالي على حالة الانهيار الذي يسيطر على حياة الجمهورية وشعبها ، وبناءا عليه سيكون رد الشعب البيلاروسي على ثقته الذي منحها لرئيسه في تطبيق سياسته الاقتصادية والمالية الخاصة والفريدة مابين السوق المفتوح والحنين إلى الاشتراكية ، فالشعب هو المحاسب والرقيب على ثقة منحه إياها في بداية هذا العام لإدارة البلاد لولاية رابعة بالرغم من المعارضة الدولية لتجديد هذه الولاية .
د.خالد ممدوح العزي
باحث إعلامي مختص بشؤون روسيا ودول الكومنولث
Dr_izzi2007@hotmail.com