الجمعة، 14 ديسمبر 2012

اكراد سورية و حلم التغير: الابتعاد عن الثورة ، او البحت عن الهوية القومية ...!!!




اكراد سورية و حلم التغير: الابتعاد عن الثورة  ، او البحت عن الهوية القومية ...!!!
يعيش الكرد في سورية مرحلة صراح بين مقومات الوطن السوري من ناحية وبين التركيبة الكردية من ناحية اخرى ،ربما شعار الهوية القومية هو الطاغي على مواقف القادة السياسيين  الكرد ، لكن الجغرافيا هي التي اضحت تفرض نفسها على  مواقف الكرد السياسية وليس التاريخ ، وهنا يحاول القادة الكرد تحويل الانظار نحو قضيتهم التاريخية من اجل  التعاطف معهم بظل التغيرات التي فرضتها ثورات الربيع العربي والانتصار التاريخي للأكراد في كردستان العراق ،فالشمال المستقل يحلم  بتكوين دولة كردية مستقلة ، وفي هذا الاطار ، شكلت الثورة السورية  منعطفا خطيرا انعكس في مواقف الكرد المؤيدة للاستقلال، والاخرى التي تجد نفسها انها  مكون اساس  من مكونات الثورة السورية ضد سيطرة الحزب الشمولي ونظامه اي النظام السوري .  وقع الاكراد في فخ النظام السوري  الذي سلم المناطق الشمالية السورية لحليفه حزب الاتحاد الكردستاني  السوري( الوجهة الاخرى لحزب العمال الكردستاني التركي)، والذي يشكل  القوة العسكرية الكبرى المقاتلة والتي تعمل لمصلحة النظام السوري ، ما اعطاه فرصة تاريخية ليكون هذا الحزب الاقوى في كردستان السورية الجهة الغربية لكردستان العراق، لقد  ربط  الحزب  مصيره بالنظام السوري وسوف يحمل الكرد اكلاف معركة قادمة  مع الثوار والجيش الحر الذي يقاتل ضد نظام الاسد .
الاستقلال فرصة تاريخية كردية :
القوميين الاكراد الذين يرون اليوم فرصتهم التاريخية للتخلص من جور وظلم الانظمة العربية وبناء دولتهم المستقلة على حساب سورية والعراق  حاليا واكمالها مستقبليا ضد  تركيا وايران ، فالأصوات الكردية المتطرفة اليوم تعلو و تطالب حكومة كوردستان العراق بدعم كردستان الجنوب بالأموال والعتاد للقتال ضد الجيش السوري الحر  من اجل الاستقلال الكردي والمحافظة عليه باي ثمن .
لكن الاطراف الكردية الاخرى التي تطالب بالبقاء في سورية والحصول على مكتسبات سياسية وانسانية كانت قد حرمت منها من قبل النظام السوري وليس من الشعب السوري ،فالنظام هو من منع دفن الاموات والبكاء عليهم باللغة الكردية ومنع الزفاف والفرحة باللغة الكردية ومنع  الجنسيات للشعب الكردي ،النظام هو من منع تدريس اللغة الكردية في المدارس والجامعات والتعرف على الحضارة الكردية التي هي جزء لا يتجزأ من الحضارات الشرقية التي ورتت منها الحضارة واللغة العربية الكثير. كان واضحا عندما يعلو صوت الاغنية العربية والموسيقى العربية في المطاعم الكردية يتجاوب معها الأكراد ، ولكن عندما تعلو
 الاغنية  والموسيقى الكردية في المطاعم لا يتجاوب معها العربي(على سبيل المثال). وهنا تظهر الهوة ما بين التاريخ والجغرافيا التي لم يكن للشعب العربي دورا في صناعته، فالشعب العربي يعلم بان قادة الاكراد قادته التاريخيون لان صالح الدين ويوسف العظمة هما اكراد كما هو عبد الباسط سيدا ولافا خالد ومشعل التمو، فالشعب السوري الذي لا يقبل بان يكون العربي رئيسه بسبب ظلمه، ويقبل بان يكون عبد الباسط سيدا ممثله في المجلس الوطني ليس لأنه كرديا او عربيا بل لأنه مواطن ومناضل سوري .
الحرب السورية الكردية والكردية الكردية:
لقد دخل حزب الاتحاد الكردستاني في لعبة الاتفاقات والتحالفات تحت شعار بناء الاستقلال الكردي، وهذا ما ترجمته المعارك الدامية الاولى  في" حلب في  حي الاشرفية الحلبي " الشهر الماضي بين مقاتلي الكردستاني والجيش الحر، لتمتد المعارك لاحقا  الى مناطق  تعايش اخرى مشتركة بين المكون الكردي والعربي، لتهدد الشعب الكردي وادخاله في صراع قومي ليس اوانه ، فالمعركة ان حصلت  ستكون فاتحة لصراع اكبر، ومعركة الحسكة التي يحاول الحر السيطرة من خلالها  على سورية الشمالية، واخراج جيش النظام ،بالمقابل الكردستاني يجهز نفسه للدخول في مواجهة مباشرة مع "الحر" تحت شعار منع المتطرفين الاسلاميين من دخول مناطق الحسكة الكردية. فالحزب  نصب نفسه مسؤولا عن مناطق سورية التي يجب ان تتحرر من نظام الاسد تدريجا ،فالكردستاني الذي يحالف نظام الاسد ويمارس اعمالا
 عسكرية تدعم حزب العمال الكردستاني في حربه ضد تركيا يعرض الاكراد لا عباء  كلفة حملة عسكرية  تركية  قد تشن ضدهم في أي وقت ممكن ،لان المواجهات اليومية والخطف المتبادل بين حزب الاتحاد والاحزاب الكردية الاخرى كحزب "البارتي" و"ازادي" وتيار المستقبل وتنسيقيات الحراك الثوري "الخ ...كل ذلك تدل على تأزم العلاقات الكردية- الكردية.
يفرض الهيمنة على الاكراد:
الكردستاني  يفرض معادلة على هذه الاحزاب الكردية تقوم على ان :" البقاء للأقوى"  لكونه  يحاو تقليص دورهم وجرهم الى مواجهة معه بالسلاح وابعادهم عن الثورة السورية ومساندتهم للقوى الثورية السورية وادخالهم في حرب المزايدة الشعبية والتطرف القومي  على كسب الصوت الكردي . فالحزب الدكتاتوري القادم يختزل المشاركة الكردية ويبعد لجان التنسيقيات الكردية عن الواجهة من اجل  الاحتفاظ بدوره الريادي الوحيد في المنطقة لكي يتمكن من لعب أي دور.
"يرى معارضون سوريون أكراد بانهم يتهمون نظام الأسد بمحاولة تأليب الأكراد وخاصة الأحزاب الانفصالية على الجيش الحر وتسليحهم للدخول في صراع مسلح معه لإنهاك قواه، مقابل بعض الامتيازات والمكاسب الخاصة والشخصية. وهذا ما يدفع بالكثير من المحللين السياسيين الى  الخوف  من اشتعال حرب اهلية كردية – كردية قادمة في مناطق التواجد الكردي على ضوء اعمال وتصرفات الحزب الاتحاد الكردستاني .
نخاف الا يتكرر سيناريو الشعب الشيشاني مع الشعب الكردي في سورية فالشيشان  عام 1941-1943 دفعوا ثمن  وقوفهم الى جانب هتلر آنذاك ، مما دفع بستالين الى تحميلهم الثمن وتهجيرهم الى كافة انحاء دول الاتحاد السوفياتي عام 1945.على الرغم من ان العقيد في الجيش الاحمر الذي مع دخل مع سريته  الى ساحة برلين كان من القومية الشيشانية.
د.خالد ممدوح العزي .
نقلا عن جريدة الرواد اللبنانية العدد 80 الصفحة 16 بتاريخ 10 كانون الثاني ديسمبر2012
كاتب ومختص بالأعلام السياسي والدعاية .
dr_izi2007@hotmail.com

الاثنين، 10 ديسمبر 2012

روسيا البيضاء وسوق العمالة العربية...!!!(2-2)


روسيا البيضاء وسوق العمالة العربية...!!!(2-2)
نجد ان الكثير من العرب التي فرضت عليهم  الظروف الحياة  ، للاستقرار في روسيا البيضاء لا سباب مختلفة، و نجد ان قليلا منهم استطاع ان يشق طريقه بنجاح ، فمنهم من اصبح من رجال الاعمال و التجار ، و اخرين استطاعوا ان يثبتوا انفسهم ببعض الوظائف الحكومية ، مثل الاطباء او المهندسين او في مجالات اخرى  و لكن العدد قليل جدا  قياسا بنسبة ابناء الجالية العربية في روسيا البيضاء ، السؤال الذي يطرح نفسه بقوة اليوم  اين ذهب الاخرين؟ و كييف يتدبر أمورهم الحياتية ؟، لقد اضطرت الغالبية العظمي للعمل بالأسواق، او المطاعم او في اكشاك الشاورما ، فالعمل ليس  بعيب ، بل نجدد كل احترام لمن يسعى لتحصيل لقمة العيش و لكن ماهي  الظروف التي يعمل بها هؤلاء العمال و اليات حمياتهم ووضعهم الانساني.

من خلال معرفتي بسوق العمل الضيق في روسيا البيضاء على مدى سنوات طويلة عشتها في هذا البلد الجميل ،اينما ذهبت الى الاسواق (البازارات) في المدن الكبيرة مثل مينسك ، فيتبسك ،غرودنا ،غومل ،برست ، فنجد الوجه العربي بالسوق ، حيث يشتهر ببيع الحمضيات او البالة (السكند هاند) او بعض الالبسة و الاحذية المستوردة، ومواد التنظيف الكيميائية ،والاشياء الصينية و تسمع صراخ الباعة العرب لاجتذاب الزبون ترتفع من هنا ومن هناك ، و لا وقت للجلوس او الحديث الودي مع الاخرين بسبب ضيق الوقت وكثرة الزبائن .
لكن في اثناء وجودي السريع على العاصمة مينسك ، وجولاتي على العاصمة الروسية موسكو وسانت بطرسبورغ والعاصمة الاوكرانية كييف  العاصمة  البيلاروسية مينسك ، و خبرتي  عن مغريات العواصم والمدن الكبرى  و مدى جدبها  للإنسان  ،واثناء وصولي الى هذه المدن اذهب مباشرة الى اسواقها التي تختزن العديد من الاصدقاء القدماء من مختلف الجنسيات العربية الذين قرروا البقاء في اماكنهم رافضين العودة الى بلادهم فأيام الدراسة كانت غنية جدا بالتعارف على الوجوه العربية المشرقية والمغربية ،
  اليوم عندما قررت السفر الى العاصمة البيلاروسية مينسك قررت البحث عن صديقي القديم  ، دكتور الجراحة القلبية في اسواق المدينة  المليئة بالأكواخ والاكشاك والتي تشك تجارة الاكل السريع جزاء لا باس به من تجارة هذه الاسواق  فالقهوة كثيرة ورائحة الشاورما تفوح من كل باب وصوب ،القهوة كثيرة ومتنوعة عربية وتركية وقوقازية ،لكن العرب هم مازالوا يحتكرون تجارتها ويرتزقون منها ، والتجول الكثير اهتديت في اليوم التالي على مكانه او المحال الذي يستمره في تجارة الشاورما ، وجدت صديقي العزيز و بعد ساعات اهتديت الى مكان عمله ، وجدته في احدى حوانيت السوق صاحب قهوة لبيع سندويش الشاورما  ،تحدث معه وشاهدة عمله في القهوة او البار الصغير ونظرت الى العمال العرب والروس الذين يعملون على سيخ الشاورما  تلقيت الضيافات  واحتسينا القهوة والشاي وذهبنا حديث الاخبار طويلا ،، وبعد  كل شيء ،خرجت لا تجول في السوق بعد  تحديد موعدا جديد لمقابلته في اليوم التالي ،خرجت من البار متجها للبحث عن اصدقاء اخرين  و لكن كانت المفاجأة لي  كبيرة ، عندما وجدت صديقا اخرا في هذا السوق في حانوت لبيع الملابس القديمة  بائعا في سوق البالة ،مهندس الميكانيك  السوري  يصرخ بأعلى صوته و يحمل بيده بعض الملابس لعرضها على الزبون، قررت ان انتظر قليلا و اتصلت به تلفونيا و هو لا يراني ، فنظر الى الرقم و لم يجيب ، و لكني التمست له الان العذر، و اخير وصلت اليه وبعد السلام قلت له لا تعتذر فهمت كل شيء ، ولكن المحزن كان يكلمني و يلتفت من حوله و فهمت انه يخشي توبيخ مسؤوله لا نه يضيع الوقت بأمور ليست للعمل، و اختصارا سالته متى تنهي العمل؟ فقال في السادسة مساء فقلت له سأعود اليك بالسادسة
و عند اللقاء بالسادسة ، فهمت انه لا يعيش لوحده بالبيت بل يستأجر غرفة مع المرآة مسنة و لا يستطيع ان يدعو احدا اليه ، فقلت له انت الليلة ستكون في ضيافتي ، و اشترينا بعض الحاجيات و ذهبنا للبيت، بالطريق اخد يحدثني لاتزعل مني ، هذا حالنا، انهض من السادسة صباحا تكون الدنيا ظلمة بالشتاء و ها نحن نعود بالظلمة، و اركب من بيتي الباص ثم المترو كي اصل بالوقت المناسب، و ابدأ بالعمل ، علينا بالصراخ طوال اليوم ، حتى الفت انتباه الزبون، يجب ان اقنع الزبون باي طريقة، لا يوجد كرسي نجلس عليه و ممنوع الجلوس، لا تدفئة بالشتاء، لا يوجد موعد للغداء، لا توجد عطلة اسبوعية، ان تذهب لدورة المياه لقضاء حاجتك هذه ام المشاكل، فقاطعته و لماذا لا تطلبون تحسين ظروفكم، فضحك بقهر و قال تحسين ظروفنا اللي "مش عاجبه الله معه في مكانك عشرة ينتظرون "و باقل من اجرتك  ويوميتك، فقلت له لكن صاحب العمل عربي و مسلم مثلك قال نعم و لكن هذه ظروف العمل بل اقول لك ان صاحب العمل لا يقطع فرضا بالمسجد ، و من اهل الخير ،و لكنها لقمة العيش
و صلنا للبيت و بدأت احضر الطعام و شاهدته وهو يبدل ملابسه ، كم بنطلون داخلي يلبس، كم جراب يلبس، كم سترة من الصوف ، و الأدهى من ذلك كم كنت  قدماه متورمتان، و بينما نحضر الطعام نظرت اليه الا هو نائم، فقمت بإيقاظه و لكنه اراد النوم ، و لكني رجوته و قلبي يتقطع حسرة، فاكل معي قليلا و قال اليوم استطعت ان اوفر شيئا من الراتب ،لان عشائي براني، اما الراتب فيضيع نصفه خلال النهار من شرب  الشاي و قهوة و المأكولات ، و النصف الاخر ادخاره للسجائر و اجرة البيت الذي اعيش فيه .
وفي اثناء اقامتي السرعة في مدينة منسك كنت المفاجأة كبيرة حيث وجدت اصدقائي ومعارفي من الدول العربية المختلفة التي تسني لي سابقا التعرف عليهم او دراسة سنة التحضيري للغة الروسية في معاهد مينسك الحكومة لجمهورية بيلاروسيا والتي ربطتني بهذه الدولة علاقة وطيدة لأسباب خاصة، بالرغم  من دراستي الطويلة في معاهد روسيا الحكومية واكبر مدنها "موسكو وسنتبطرسبورغ "، والتي لا تختلف حياة الطلاب العرب نهائيا عن احوال اصدقائي في العاصمة البيلاروسية الذين ينتشرون في كافة بازارات المدن الروسية والاوكرانية .
فالشاورما هي مصدر رزق العمالة العربية الصغيرة والمبتدئة بالعمل والعمال القادمين لهذه الدول املا بالهروب الى دول اوروبية اخرى ،فالشاورما تبقى الوصفة العربية الخاصة التي لا يزال يحتقرها العرب في هذه الدول وخاصة بطريقة استخدام البهارات العربية والخبز "المرقوق" الذي يستبدل بالخبز الارمني "لافاش " وطريقة الفة العربية للرغيف الذي يمكن أي اجنبي من لف الرغيف "وهذا ما يمز سندويش الشاورما العربية عن "الدونار" التركي .
طبعا هذه الحالة في مينسك لا تختلف عن الاحوال الاخرى في عواصم دول الاتحاد السوفياتي السابق المليئة بالعمالة العربية وخاصة  من ذوي الاختصاصات العلمية  العالية  التي لم تتمكن من العمل في اختصاصاتها العلمية التي تلقتها اثناء درستها في هذه الدول الاجنبية ،والتي اضحت يدا عاملة في اسواق العواصم السوفياتية الصديقة.
د.خالد ممدوح العزي