السبت، 8 ديسمبر 2012

سورية وفلسطين : فلسطين دولة في الأمم المتحدة ،ومشعل في غزة ،والاسد يقاوم شعبه ...!!!


سورية وفلسطين : فلسطين دولة في الأمم المتحدة ،ومشعل في غزة ،والاسد يقاوم شعبه ...!!!
 بعد المعركة الأخيرة التي سطرها الشعب الفلسطيني في غزة، و بعد النصر الدبلوماسي الفلسطيني الذي حقق في هيئة الأمم المتحدة نتيجة نضال الشعب الفلسطيني طيلت عقود  لعقود، والتي ألحقت هزيمة دبلوماسية أمريكية وإسرائيلية، تأتي زيارة خالد مشعل إلى غزة للمشاركة بالذكرى 25 لانطلاق حركة المقاومة الفلسطينية "حماس "،لكن اليوم يطرح السؤال نفسه بقوة ما هو مستقبل حماس السياسي بعد المصالحة الفلسطينية في القاهرة،وما هو دور مصر مرسي في رعاية المصالحة كما رعت التهدئة بين حماس وإسرائيل .
المصالحة قدر الفلسطينيين التاريخية:
في العام 1983 ،أخرجت القوات العسكرية السورية من مدينة طرابلس اللبنانية ما تبقى من قوات عسكرية لمنظمة التحرير الفلسطينية،بعد أن عجزت إسرائيل عن إكمال مشروعها عندما أخرجت القيادة والقاعدة الفلسطينية من لبنان، عندها حمل البحر قوات العاصفة ورئيسها الراحل عرفات على متن السفن الفرنسية، وعندما سئل عرفات إلى أين التوجه يا أبو عمار ،فأجاب عرفات إلى فلسطين،وبعدها صدقت أقوال عرفات وعاد إلى فلسطين بعد استفاضته المؤقتة في تونس الخضراء،فكانت فلسطين ثورة شعبية عارمة قامت بفضل الطفل والحجر وتحرير القرار .
 في العام 2011 أخرج النظام السوري حركة حماس وقائدها خالد مشعل ،من دمشق مجددا بعد ثورة ربيع سورية ،وأطلقت حريته من سيطرت النظام السوري والإيراني ، اللذان استخدموا الحركة طوال المدة  كورقة ضغط  للمزايدة على الأنظمة العربية من خلال شعارات "قومجية،  ووطنجية" للابتزاز ، والمساوامة على القضية والشعب وتعميق الانقسام الداخلي اللذان كان سببه الرئيسي، وكانت الممانعة  العقبة الأساسية بوجه أي مشروع مصالحة و أبقت مشعل وحركته أسيرة ورهينة في سورية طوال المدة الماضية .
الثورات العربية وأثارها على حماس :
منحت الثورات العربية خالد مشعل حرية الحركة من خلال توقيع اتفاق القاهرة في نيسان "ابريل" 2011، مع السلطة الفلسطينية بعد أن كانت مستحيلة بظل وجود النظام السوري.
 لقد خرج خالد مشعل ليقول للعالم بان "المصالحة الفلسطينية هي قدرنا"، ربما هذا هو القول الحقيقي الذي عرفه السيد مشعل متأخرا أو حتى لو كان يعرفه سلفا، لان الشعب الفلسطيني تكمن قوته بوحدته مهما كانت الاختلافات السياسية والإيديولوجية، فالهدف واحد هو فلسطين والقدس .  وبمناسبة مرور الذكرى الثامنة لاستشهاد الرئيس الراحل عرفات لبد أن نقول:" بان القدر شاء مرتين إن يكون النظام السوري سبب المأساة الحقيقية للشعب الفلسطيني ولقضيته الذي حاول النظام البعثي القبض عليها مهما كلف الثمن .
سيطر النظام الاسدي على الورقة الفلسطينية ،من اجل المزايدة الدولية والعربية لتحسين موقعه التفاوضي ،ولكن القدر لعب في المرتين لصالح الشعب الفلسطيني من اجل العودة لبناء وحدته والتفكير بالداخل الفلسطيني وعدم استطاعت أي قوى إجهاض ثورته المحقة  بالرغم من التمترس وراءها حين قاتلت عرفات فذهب إلى الداخل الفلسطيني وشكل حوله قوة سياسية وشعبية كانت عصية على الاحتواء ،واليوم يتكرر السيناريو نفسه مع حركة حماس  الذي حاول النظام السوري استخدامها في معركته الداخلية ضد شعبه و الترويج لنظامه،بالرغم من معركة غزة الأخيرة استمرت 8 أيام خيم السكون أثنائها على سورية في هذه المعركة. لقد رحلت حماس من سورية رافضة مساومة النظام فخرجت من قبضته لتذهب نحو الوحدة الوطنية والمصالحة الفلسطينية ليكون الداخل ركيزتها الأساسية، وربما تكون "تونس، قطر، مصر"، هي محطة انتقالها المؤقت للدخول إلى الداخل.
غزة تحت الرعاية العربية :
لكن زيارة الأمير القطري الأخير بداية شهر نوفمبر تشرين الثاني 2012 وتبنيه فكرة الأعمار في القطاع ،وهي فكرة إبعاد غزة وتحيدها عن الإعصار الإيراني القادم،فاليوم ادخل الأمير القطري "الشنطة "، إلى غزة شخصيا وغاب خالد مشعل نهائيا وظهر أبو العبد ضحوكا كأنه يقول للجميع التوجه نحو الأموال العربية بدل الأموال الإيرانية، فهل الهدنة سوف تستمر وتبتعد غزة عن عين العاصفة أو تهز إيران الريح فيها بواسطة جماعتها لإفشال خطة الأمير  .
الأسد ونتنياهو في نفس الخندق :
لكن الرد السوري كان سريعا حيث أصدرت القيادة السورية أمرا سريعا بإقفال مكاتب حماس في سورية بالشمع الأحمر وتحديدا مكتب السيد مشعل ونائبه أبو مرزوق اللذان هما أصلا خارج دمشق في رسالة مباشرة ،تعلن من سورية الأسد لإعلان القطيعة النهائية مع حماس وجماهيرها بعدما فشلت القيادة السورية بوضع حركة حماس الجزاء الفلسطينيين لحركة الأخوان المسلمين العالمية في خدمة تواجه النظام  والترويج له متناسية قتل شعبه بحجة المقاومة والمانعة وعلى الرغم من أن  الحركة تأخرت كثيرا في إعلان موقفها الفعلي من النظام السوري.
هذه الحالة وضعت الحركة وعناصرها في مواجهة فعلية مع النظام السوري للدفاع المخيمات الفلسطينية السورية التي باتت هدفا يوميا للأسد وادخل الورقة الفلسطينية مجددا في الصراع الإقليمي لتحميل الشعب الفلسطيني ثمنا غاليا. 
وكأن التاريخ يعيد نفسه من جديد بعد خروج منظمة التحرير الفلسطينية من بيروت عام 1982 والتوجه نحو الدول العربية.
عندها حاول الأسد وضع اليد على منظمة التحرير وعلى قرارها ، لكن قائد المنظمة التاريخي كان يعرف ذلك فلم يذهب إلى دمشق ويقدم أوراق الطاعة للدكتاتور الأب.
تاريخ الأب يعيده الابن :
لقد عمد الأب إلى شق الصف الفلسطيني وتم تقسيم حركة فتح في حركة انقلابية تصحيحية كما فعل الأب  نفسه في حزب البعث الذي انقلب عليه وادخل قيادته السجن مدى الحياة نفذ الانقلاب  أثنائها بواسطة جماعة متحمسة أطلقت على نفسها حركة فتح الانتفاضة ،وبدأ القتال الفلسطيني –الفلسطيني بقيادة المخابرات السورية التي تولت زمام الأمور ،لكن الراحل عرفات كشف المؤامرة ولم يجعل فرحة الأسد تدوم طويلا،خاطب الجميع قبل الانشقاق قائلا :" لا تصدقوا الأسد، وكلامه الكاذب ،لن يفتح لكم جبهة الجولان كما وعدكم   لتكون لكم بديلا عن جبهة لبنان فان اعرفه جيدا". ذهب عرفات إلى طرابلس لبنان ،لكن انتقام الأسد الأب وحقده اللذان لا يعرفان حدود،أديان لإخراج الراحل الرئيس ياسر عرفات من طرابلس بحرا تحت حماية دولية وعلى مشاهدة إسرائيلية.
استفرد الأسد بالفصائل العشرة التي أخفقت بتعويم دورها فلسطينيا ، بالرغم من الخدمات المختلفة التي قدمتها للأسد  بما فيها الجبهتان "الشعبية والديمقراطية " التي كانت تسلم بكل شيء للسوري نتيجة وجودها في دمشق،لكن عرفات كان بارعا في ممارسة فن الدبلوماسية الذي كان القائد والرمز للشعب والقضية استطاع عرفات إن يسحب كثيرا من القادة الفلسطينيين من صلب هذه القوى وعدم تركها في يد المخابرات السورية.
بقيت حركة حماس والجهاد الفصليان الإسلاميين اللذان وقعا  في فك  معسكر الممانعة وحاولوا وضعهما كبديل لمنظمة التحرير، لقد ساهما  بشق السلطة الوطنية ووضعوا حماس في خانة المواجهة مع فتح  بعد فوزها بالانتخابات التشريعية الفلسطينية في غزة عام 2007.
 حدث الانقلاب وتفرد الجناح الحمساوي الإيراني المتطرف  بقيادة الحركة وخاصة بعد اغتيال قائدها الأبرز عبد العزيز الرنتيسي ذات التوجه الاخواني الجهادي،سيطر التوجه الإيراني  الثلاثي "محمود الزهار،خالد مشعل، الراحل سعيد صيام " على رقبة الحركة ،مما أدى إلى انشقاق فلسطيني جديد وحرب غزة التي لا نزلنا نعاني من نتائجها والتي دفع ثمنها الشعب الفلسطيني.
 استمر  الرئيس السوري بشار الأسد منذ تعينه رئيسا لسورية بمتابعة سياسة والده الحاقدة على القيادة الفلسطينية وقضيتها الذي حاول بشتى الوسائل السيطرة عليها كما سيطر على الملف اللبناني من خلال نظام الوصايا الأمنية السورية التي تمثلت بلحود وزمرته الأمنية ،محاولين التجديد له للمرة الثانية.
 الرئيس السورية الذي منع كلمة الرئيس عرفات من داخل المقاطعة"رام الله" المحاصرة وعدم التوجه إلى القمة العربية المنعقدة في بيروت عام 2000 والتي صدر عنها المبادرة العربية للسلام  ،فالحقد أعمى قلب الأسد الابن من الرئيس المقاوم المحاصر ومنعه من  مخاطبة المجتمعين عبر الجسر التلفزيون التي وضعته قناة الجزيرة مستغلا رئيس الدورة  العربية الذي ينفذ أمره.
 الابن سر أبيه العالم منهمك بحرب تموز وبحالة لبنان الحزينة بسبب الحرب الإسرائيلية،والأسد  يرسل عصابته ذات المنشئ والصنع إلى معسكرات فتح الانتفاضة  لتحتل مخيم البارد مخيم عرفات فالانتقام من مخيم الراحل فكان العبسي وشركائه في تنفيذ الخطة السورية بما فيهم أبو خالد العملة وابنه الذي أضحى في ذمة  إضافة إلى مسؤول ساحة لبنان أبو فادي حماد "إبراهيم "حماد اخو مستشار الرئيس الحالي أبو مازن نمر حماد اللذان كان طوال الفترة السابقة على خلاف حاد .
الانتقام من القضية الفلسطينية :
لكن الأسد لا يزال يستخدم عصابات جبريل المقاتلة لتنفيذ مخططاته البشعة في لبنان وسورية لتخريب العلاقة اللبنانية الفلسطينية فكانت عملية خطف الإستونين السبعة التي تم السكوت عليهم لبنانيا ،مرورا بمهاجمة الشريط الشائك في الجولان من قبل بعض متظاهري جبريل والدعم المخابراتي وصولا إلى اليوم التي بات فيه مقاتلو جبريل يقتلون الشعب الفلسطيني في سورية من اجل راحة الأسد .
لكن من جديد الأسد يشد العزيمة الفلسطينية بتوحيد كل الجهود الفلسطينية مابين المنظمة وحماس والجهاد التي كانت إيران تحاول أن تفردها بديلا عن حماس بعد خروجها من سورية ،لان إيران لا تستطيع أن تكون ممانعة دون فصيل مقاوم تعوم دورها في القضية الفلسطينية.
مرة جديدة تفقد سورية الورقة الفلسطينية لتكون فلسطين من جديد هي مركز الثقل الفلسطيني ومركز القرار الفلسطيني كما أراد القائد والرمز الفلسطيني الراحل ياسر عرفت حاولت سورية استغلال حرب غزة لا بعاد الأنظار عن ماذا يحدث للشعب السوري الثائر ،لكنها فشلت وخرجت الورقة الفلسطينية نهائيا من يد الأسد لتجسد حلما قديما وتدخل في نضالا جديدا من خلال هيئة الأمم التي منحت الهيئة شهادة ميلاد للدولة الوليدة . فشلت سورية الأسد بالإمساك بالورقة اللبنانية سابقا وهي الورقة الفلسطينية تتحرر نهائيا من دكتاتورها ،وتخرج من الممانعة المصطنعة لتعود إلى موقعها الحقيقي العربي والفلسطيني المستقل الحر الذي أدلى بصوته لصالح الدولة الفلسطينية بنسبة 75%من أصوات العالم  . 
لكن يبقى الخوف الفعلي على الشعب الفلسطيني في سورية من دفع فاتورة مجنية نتيجة أخطاء الفصائل السابقة بمذبحة كبيرة ينفذها نظام الأسد كما نفذ العديد من المذابح سابقا في لبنان.
لكننا نأمل بان تكون زيارة مشعل إلى غزة خطوة أخرى على طريق المصالحة بعد دعمه للتوجه نحو الأمم المتحدة ونيل عضوية المراقب ،التي تسرع بالمصالحة الوطنية الفلسطينية وبالتالي عودة مشعل إلى غزة خطوة مهمة في التوجه نحو الداخل الفلسطيني والتمهيد لاستقلالية القرار الفلسطيني مجددا ،وسحب الورقة الفلسطينية من يد الدول الإقليمية .
د.خالد ممدوح العزي
كاتب وباحث إعلامي مختص بالإعلام  السياسي  والدعائي.
Dr_izzi2007@hotmail.com