الأحد، 30 ديسمبر 2012

اليابان :كارثة اقتصادية او زوبعة انتخابات ...!!!



اليابان :كارثة اقتصادية او زوبعة انتخابات ...!!!

يعيش العالم اليوم  اثار الازمة الاقتصادية الاوروبية ،ولكنه يولي قليل جدا اهتمامه لما يجري في اليابان الذي يرى خبراء الاقتصاد بان الوضع فيها اسواء من اليونان بكثير و تنذر بكارثة اقتصادية كبيرة،
لقد احل رئيس الوزراء الياباني "يوشيهيكو نودا" ورئيس الحزب الديمقراطي الحاكم المتواجد في السلطة بدعوته الشهر الماضي  لحل البرلمان، وتمت انتخابات مبكرة في 16 ديسمبر الحالي وفاز فيها الحزب الديمقراطي الليبرالي وكلف شينزو آبى بعد فوز الحزب بأغلبية ساحقة  بتشكيل الوزارة .
القرار جاء بعد فشل مجلس الوزراء في تمرير قانون اصدار سندات خزينة لأكثر من نصف عام، اضاقة لفشله تمرير اي مرسوم ،مما ساهم بأشهر الحكومة اليابانية افلاسها ،ولكن بعد موفقة المجلس على السندات طلب رئيس الحكومة السابق  اتخذ اقرار الحل بسبب الازمة السياسية التي تنذر بكارثة سياسية واقتصادية .
  الصورة التي احتلت كل شاشات التلفزة العالمية ،ووسائل الاعلام هو التصفيق الحد من قبل اعضاء المجلس اثناء اعلن قرار حل مجلس النواب ، مما يعني بوجد ازمة حكم تعيشها اليابان.
الانتخابات المبكرة والتي اعتبرها رئيس الوزراء الحالي بانها رد فعلي من الجماهير اليابانية على سياسة الحزب الديمقراطي الجديد واخطاءه الباهرة ،فالحملة الاعلانية  الرسمية  ابتدأت  حسب القانون الانتخابي الياباني في 4 ديسمبر الحالي، والتي اسعرت  نيران المعركة بين الحزبين القويان المتصارعين في اليابان :"الحزب الديمقراطي الحاكم والحزب الليبرالي الديمقراطي صاحب الاغلبية في مجلس الشيوخ المعطلة لتنفيذ مشاريع الحكومة الحالية  ".ولكن حسب الاستطلاعات الاعلامية والاحصائية التي تشير الى عودة الحزب الديمقراطي الليبرالي  للحكم مجددا والذي غادرها منذ 3 سنوات ، بعد ان سيطر على الحكم  في اليابان مدة نصف قرن وكان الحليف التقليدي للولايات المتحدة الامريكية في منطقة جنوب اسيا والذي اشتهر بممارسة سياسة عدائية تجاه جيرانه مما ساهم بتوتر علاقاته مع الدول المجاورة لعدم حل المشاكل الحدودية التي لاتزال عالقة منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية .
كان مؤدا عودة رئيس الوزراء السابق تيسنزو آبي لتولي المرحلة الحالية ،من خلال الهرب الى الامام وممارسة سياسة انفتاح خارجية على حساب الازمة الاقتصادية .
حسب كل الاستطلاعات التي كانت   تشير الى انخفاض شعبية الحزبين الى ادنى مستوياتها بسبب المشاكل التي تعيشها اليابان منذ فترة، والتي ادت الى حكم البلاد من ستة وزراء مختلفين، تولى ثلاثة منهم الحكم من خلال سيطرت حزب الديمقراطي الحالي ، الذي تم تأسيسه عام 1998 من قبل مجموعة احزاب ديمقراطية  اجتماعية تنادي بتصليح مسار الحياة الاجتماعية والانسانية والانتخابية اليابانية  "ثورة اصلاحية للتخلص من البيروقراطية  الحاكمة  في البلاد وتولي الاهتمام بالشؤون الداخلية للبلاد"، لكن الحزب فشل في تجسيد افكاره  بسبب المشاكل القائمة والعالقة في البلد.

  تعاني اليابان من ثلاثة مشاكل اساسية تسيطر على حياة العامة :

1-ازمة الحكم القائمة بين الاحزاب الحالية التي تسيطر على البلد وتتحكم في مصيره السياسي والاقتصادي، "صراع الحزبين على السلطة والسيطرة على الحياة السياسة" ،

2-العلاقات الخارجية الدبلوماسية التي فشلت الدبلوماسية اليابانية في تسويق نفسها وحل مشاكلها الخارجية مع الجيران في منطقة المحيط الهادئ ذات النمو الاقتصادي .  لقد تميزت سياسة طوكيو بالعدوانية مع جيرانها في حل المشاكل العالقة:" كمشكلة  جزر  كريل مع روسيا ، الجزر مع الصين وكوريا وتايوان".

3- المشكلة الاقتصادية المتفاقمة والتي ادت الى حل البرلمان والدعوة للانتخابات المبكرة ،فالاقتصاد الياباني مرتبط   باللازمة العالمية التي تشكل اليابان جزاء منها والتدهور الياباني هو انعكاس لهذه الازمة،

اليابان التي تعاني من حالة  الركود الاقتصادي، انخفاض بالنتاج المحلي ،الدين العام لليابان من اعلى المستويات في العالم على مستوى الديون بنسبة 237%، غياب استراتيجية للطاقة البديلة على اعقاب التخلي عن الطاقة الذرية بعد الزلزال البحري وانفجار محطة فوكو شيما النووية في 11 اذار "مارس" 2011.

بغض النظر عن طبيعة الحزب القادم للرئاسة وعن اسم الرئيس القادم فعلى الحزب انتهاج ديناميكية جديدة مع الامور السياسة والخارجية والداخلية التخلي عن السياسة العدوانية تجاه الجيران انهاء ازمة الحكم ،تبني استراتيجية اقتصادية جديدة تقوم على وضع ميزانية عامة للدولة تنقضها من الازمة التي تعيش في ظلها لان التشائم الشعبي قائم وغياب الثقة موجود بظل انهيار الاقتصاد الياباني المشيخ الذي يمتل تأني اقتصاد في العالم مع الصعود الصاروخي لاقتصاد الجارة الصينية .فان فشل اي حزب قادم في وضع حد للمشاكل الاقتصادية والفشل في تخفيض الميزانية العامة سوف تكون الكارثة قادمة على اليابان ومحيطها الاسيوي ذات الاقتصادات المتطورة .

د.خالد ممدوح العزي

كاتب اعلامي ومختص  بالأعلام السياسية والدعاية .

Dr_izzi2007@hotmail.com

الأحد، 23 ديسمبر 2012

روسيا وجورجيا : اعادة علاقات بظل فوز المعارضة الجورجية او ادارة علاقات جديدة في القوقاز...!!!


روسيا وجورجيا : اعادة علاقات بظل فوز المعارضة الجورجية او ادارة علاقات جديدة في القوقاز...!!!
لم يكن اللقاء بين الدبلوماسية الروية والجورجية لقاءا عاديا بعد فترة طويلة من انقطاع العلاقات بن البلدين بسبب الاعمال العسكرية في 8 اب اغسطس عام 2008.
لقاء الثقة او لقاء سويسرة بين البلدين حسب ما اعلنت عنه الخارجية الروسية بان الاجتماع الذي تم بن البلدين هي خطوة اولى لتطبيع العلاقات المقطوعة بين البلدين ،والهدف منه الى بناء علاقات حضارية بين روسيا الاتحادية وجورجيا القوقازية وتحويلها الى علاقات عملية تهتم بمجال النقل والمواصلات والمجال الثقافي والانساني التي ابتعد الشعبين الصديقان عن الصلة فورا وصول الرئيس مخائيل ساكاشيفلي في عام 2004 بعد الثورة المخملية التي عرفها العالم كله  او ثورة "الورود"،  الرئيس الشاب الطامح للحكم لم يخفي عدائه للروس من خلال اللعب على الشعور القومي الهادف الى توحيد جورجيا المفككة تحت قيادته وبدعم مباشر من امريكا .
ساكاشفيلي طموح رئيس وصراع نفوذ:
طبعا هذا الوصول والطموح الشخصي للرئيس الشاب ابتدئه بتوحيد  مقاطعة ادجارية وعاصمتها "سوخومي " التي كانت تميل الى روسيا لكن الروس قدموا المقاطعة املين بفتح صفحة جيدة .لكن الاحول تصاعدت بين روسيا وجورجيا مما دفع بروسيا بممارسة قيود اقتصادية على جورجيا للضغط على نظام ساكاشفيلي الصاعد لكن روسيا فشلت فشلا ذريعا بالرغم من اغطاء الرئيس الشاب بحق شعبه مما دفعت الشعب الجورجي بالالتفاف حول رئيسهم، فالقيود الاقتصادية التي مارستها روسيا ضد جورجيا بأقفال الممرات الارضية والجوية ومنع العملة من العمل في روسيا وفصل جورجيا عن العالم وفرض قيود كبيرة على المنتوجات الجورجية وخاصة النبيذ والعنب والماندرين والخضروات وتزويدهم بالغاز الطبيعي وقطع البث التلفزيون الروسي عن جورجيا وشعبها ، تعتبر روسيا منفذ   رئيسي للجورجين وشريان حياتهم ، مما ساعد الرئيس على ممارسة حملته الدعائية ضد روسيا وقيادتها، والجدير بالذكر بان روسيا عانت من الدكتاتورية الجورجية ايام الحقبة السوفياتية :ولكن تربطها علاقات تاريخية ودينية بجورجيا من خلال التالي :
1- وجود رجل اسمه ستالين(دجوغاشفيلي) رجل الاتحاد السوفياتي الحديد ومدير مخابراته في تلك الحقبة  الجوري باري،
2- جورجيا من التبعية الأرثوذكسية في الديانة المسيحية، والتي حاول بوتن توحيد الكنيسة الخارجية والداخلية لروسية  .
3-جورجيا البلد الشريك  في حقبة الاتحاد السوفياتي السابق ،
4-جورجيا المشاركة بشعبها د الاحتلال الالماني فترة الحرب على روسيا.
5- ارتبط جورجيا بكافة البنى التحتية السوفياتية القديمة .
توتر العلاقات بين البلدين :  
هذه العلاقات المتوترة بين روسيا الاتحادية وجورجيا القادمة للمسرح السياسي الجديد بوجود ساكاشفيلي دفع بها الى معركة عسكرية  ادت الى تدخل روسيا المباشر في تركيا للدفاع عن نفوذها في القوقاز وحديقته القوقازية بظل عودة روسيا الى المسرح السياسي والتي انتهت بتدخل مباشر من قبل اوروبا بواسطة الرئيس الفرنسي  السابق نيقولا ساركوزي وسكوت تام للإدارة الامريكية، مما دفع بروسيا بأرسال رسالة كبيرة لأوروبا والعالم بانها لا تسمح بتهديد امنها القومي وعندها اعلنت اعترافها بدولتي "ابخازيا  واسيتيا الجنوبية “،اللتان لا تودان العودة الى احضان جورجيا وانما تحبذان البقاء داخل الاتحاد الجورجي، بعد الاستفتاء الذي حصل مع هذه الدول الصغيرة عام 1991 عقب انهيار الاتحاد السوفياتي معللين ذلك بانهم ليسوا جزء من جورجيا ويحملون الصبورات الروسية وبالتالي روسيا معنية بالدفاع عنهم وخاصة بعد المعرك التي خاضها ضدهم الجيش الجورجي عام 1991-1992.
ولكن مع وصول المعارضة الجورجية الى الحكم في ايلول الماضي وسيطرتها على اكثرية المقاعد النيابية مما سمح لها بتشكيل حكومة اكثرية حسب قانون البرلمان المعدل الذي يسمح للحزب ذات الاكثرية بتشكيل حكومة ولكون القانون الجديد ينقل جورجيا الى دولة برلمانية تحد صلاحيات الرئيس وبكون الرئيس الحالي لم يتمكن بالفوز بالأغلبية ليكمل حكمه الجديد سوف تنتهي ولايته في تشرين الثاني" اكتوبر" من  العام 2013 مما دفع برئيس الوزراء ورئيس الأغلبية البرلمانية الجديدة بمحاولة فتح قنوات الاتصال مع روسيا .
المعارضة الجورجية :
لم تتمكن روسيا طوال فترة حكم ساكاشفيلي من بناء علاقة ثقة بينها وبين المعارضة الجورجية التي ناضلت طوال فترة حكمه ولم تسمح له بممارسة حكمه بسلسة بل كانت بعيدة عنها بسبب انعدام الثقة والعلاقات المتوترة بين البلدين ولكون المعارضة كنت تعتمد الدعاية القومية بوجه الرئيس كي لا يسجل عليها موقفا سياسيا من خلال الخطوط التي قد يمكن ان تبنى مع روسيا .فوصل المعرضة الجورية الى السلطة بزعامة الملياردير الجورجي "بيدزينا ابفا يشفيلي " اراح موسكو ولكونه بدء يتصرف كونه رجل دولة وليس رجل مليشيا:
1-  التصريح الاول الذي ادلى به في تبلسي في 22 نوفمبر الماضي :" بانه لا ينوي اثارة مسائلة عزل الرئيس الجورجي بل بالتذكير بانتهاء فترة الرئيس الرئاسية ،ربما لعدم اثارة المشاكل الداخلية وتأزيم الوضع في الدولة .
2-ان سبب تأجيله لزيارة موسكو يعود لسبب بسيط  جدا لعدم وجود علاقات دبلوماسية بين البلدين وغياب التمثيل الدبلوماسي بينهما ،ولا يمكن زيارة موسكو بظل ووجود سفارات لروسيا في "ابخازيا واسيتيا الجنوبية"، ولكنه من ناحية اخرى لم يستثني اجراء اتصالات مع بعثات روسيا في دول اوروبية او غيرها. وهنا يكمن تصريح وزيرة خارجية جورجيا الشابة "مايا بانجيكيذزة" بان هدف لقاء جنيف هو الاتفاق على صيغة قادمة للاجتماعات الاتية بين البلدين .
روسيا تلقف اشارات دولية : روسيا التي تحاول إيجاد مخرجا مشرفا للعلاقات المتأزمة بين البلدين بدأت تتلقف الاشارات الدولية والجورجية والذهب  الى فتح باب الحوار مع جورجيا الجديدة لطي مرحلة ساكاشفيلي  من هنا جاء تصريح الرئيس "فلاديمير بوتين" لوكالات نوفستي"  بتاريخ  11 ديسمبر الحالي، بانه يأمل بتصحيح العلاقات بين روسيا ودول القوقاز وجورجيا اثناء لقاه برئيس جمهورية ابخازيا" ليونيد تببيلون ".
على روسيا البوتينية بان لا  تمارس ضعفها السابق  عندما جاءها الى موسكو الرئيس الجورجي السابق "إدوارد شفرنتزه" طالبا المساعدة لإنهاء حالة التفكك في الجمهورية نتيجة الحرب الاهلية وقتها فاكن الرد من قبل الرئيس الراحل بوريس يلتسن بان همي يكفيني . فاليوم الروس يتلقون الاشارة ويحاولون مد الثقة بين الطرفين من خلال عدم الشروط وفتح المجال الجوي امام الشعب المحاصر وفتح الممر البري الوحيد لجورجيا وعودة البث التلفزيوني الروسي على جورجي وكذلك تصريح الرئيس الروسي بان روسيا لا تعارض عودة جورجيا الى رابطة الدول المستقلة دون شروط مسبقة .وتصريح لافروف في 9 ديسمبر بانه من الممكن ايجاد حلول وسطية بشان مشكلة "ابخازيا واسيتيا الجنوبية" والعمل الجاد لتحسين العلاقات بين البلدين ،وتسعى لها روسيا .وهنا لبد من القول بان المعارضة الجورجية الصاعدة للحكم تسعى الى تسوية الخلافات مع روسيا لان الوفد الذي ذهب الى سويسرا واجتمع مع نائب وزير الخارجية الروسية "غريغوري كارسين"لكن " زوراب أباشيدزه " هو ممثل شخصي لرئيس الحكمة الجديد، بدون تكليف من الرئيس الحالي ساكا شيفلي الخصم الفعلي لروسيا. على روسيا اليوم النظر بموضوع جورجيا بعقلانية ومنطقية بعيدا عن النظرة الفوقية التي تحاول روسيا دائما التعطي معها مع شعب الاتحاد السوفياتي السابق بانها الاخ الاكبر لهم ،فالمقولة القيصرية القديمة تكمن بان الذي يسيطر على ارمينيا يتحكم باقتصاد القوقاز ومن يسيطر على جورجيا يتحكم بسياسة القوقاز فهل تتمكن روسيا بذلك بظل انحصار دورها الاقليمي وسياستها الداعمة للدكتاتورية العالمية للمحافظة على مصالحها الاقتصادية التي باتت بخطر فعلي..   
    
د. خالد ممدوح العزي
 كاتب صحافي مختص بالأعلام السياسي والدعاية  
Dr_izzi2007@hotmail.com

الجمعة، 14 ديسمبر 2012

اكراد سورية و حلم التغير: الابتعاد عن الثورة ، او البحت عن الهوية القومية ...!!!




اكراد سورية و حلم التغير: الابتعاد عن الثورة  ، او البحت عن الهوية القومية ...!!!
يعيش الكرد في سورية مرحلة صراح بين مقومات الوطن السوري من ناحية وبين التركيبة الكردية من ناحية اخرى ،ربما شعار الهوية القومية هو الطاغي على مواقف القادة السياسيين  الكرد ، لكن الجغرافيا هي التي اضحت تفرض نفسها على  مواقف الكرد السياسية وليس التاريخ ، وهنا يحاول القادة الكرد تحويل الانظار نحو قضيتهم التاريخية من اجل  التعاطف معهم بظل التغيرات التي فرضتها ثورات الربيع العربي والانتصار التاريخي للأكراد في كردستان العراق ،فالشمال المستقل يحلم  بتكوين دولة كردية مستقلة ، وفي هذا الاطار ، شكلت الثورة السورية  منعطفا خطيرا انعكس في مواقف الكرد المؤيدة للاستقلال، والاخرى التي تجد نفسها انها  مكون اساس  من مكونات الثورة السورية ضد سيطرة الحزب الشمولي ونظامه اي النظام السوري .  وقع الاكراد في فخ النظام السوري  الذي سلم المناطق الشمالية السورية لحليفه حزب الاتحاد الكردستاني  السوري( الوجهة الاخرى لحزب العمال الكردستاني التركي)، والذي يشكل  القوة العسكرية الكبرى المقاتلة والتي تعمل لمصلحة النظام السوري ، ما اعطاه فرصة تاريخية ليكون هذا الحزب الاقوى في كردستان السورية الجهة الغربية لكردستان العراق، لقد  ربط  الحزب  مصيره بالنظام السوري وسوف يحمل الكرد اكلاف معركة قادمة  مع الثوار والجيش الحر الذي يقاتل ضد نظام الاسد .
الاستقلال فرصة تاريخية كردية :
القوميين الاكراد الذين يرون اليوم فرصتهم التاريخية للتخلص من جور وظلم الانظمة العربية وبناء دولتهم المستقلة على حساب سورية والعراق  حاليا واكمالها مستقبليا ضد  تركيا وايران ، فالأصوات الكردية المتطرفة اليوم تعلو و تطالب حكومة كوردستان العراق بدعم كردستان الجنوب بالأموال والعتاد للقتال ضد الجيش السوري الحر  من اجل الاستقلال الكردي والمحافظة عليه باي ثمن .
لكن الاطراف الكردية الاخرى التي تطالب بالبقاء في سورية والحصول على مكتسبات سياسية وانسانية كانت قد حرمت منها من قبل النظام السوري وليس من الشعب السوري ،فالنظام هو من منع دفن الاموات والبكاء عليهم باللغة الكردية ومنع الزفاف والفرحة باللغة الكردية ومنع  الجنسيات للشعب الكردي ،النظام هو من منع تدريس اللغة الكردية في المدارس والجامعات والتعرف على الحضارة الكردية التي هي جزء لا يتجزأ من الحضارات الشرقية التي ورتت منها الحضارة واللغة العربية الكثير. كان واضحا عندما يعلو صوت الاغنية العربية والموسيقى العربية في المطاعم الكردية يتجاوب معها الأكراد ، ولكن عندما تعلو
 الاغنية  والموسيقى الكردية في المطاعم لا يتجاوب معها العربي(على سبيل المثال). وهنا تظهر الهوة ما بين التاريخ والجغرافيا التي لم يكن للشعب العربي دورا في صناعته، فالشعب العربي يعلم بان قادة الاكراد قادته التاريخيون لان صالح الدين ويوسف العظمة هما اكراد كما هو عبد الباسط سيدا ولافا خالد ومشعل التمو، فالشعب السوري الذي لا يقبل بان يكون العربي رئيسه بسبب ظلمه، ويقبل بان يكون عبد الباسط سيدا ممثله في المجلس الوطني ليس لأنه كرديا او عربيا بل لأنه مواطن ومناضل سوري .
الحرب السورية الكردية والكردية الكردية:
لقد دخل حزب الاتحاد الكردستاني في لعبة الاتفاقات والتحالفات تحت شعار بناء الاستقلال الكردي، وهذا ما ترجمته المعارك الدامية الاولى  في" حلب في  حي الاشرفية الحلبي " الشهر الماضي بين مقاتلي الكردستاني والجيش الحر، لتمتد المعارك لاحقا  الى مناطق  تعايش اخرى مشتركة بين المكون الكردي والعربي، لتهدد الشعب الكردي وادخاله في صراع قومي ليس اوانه ، فالمعركة ان حصلت  ستكون فاتحة لصراع اكبر، ومعركة الحسكة التي يحاول الحر السيطرة من خلالها  على سورية الشمالية، واخراج جيش النظام ،بالمقابل الكردستاني يجهز نفسه للدخول في مواجهة مباشرة مع "الحر" تحت شعار منع المتطرفين الاسلاميين من دخول مناطق الحسكة الكردية. فالحزب  نصب نفسه مسؤولا عن مناطق سورية التي يجب ان تتحرر من نظام الاسد تدريجا ،فالكردستاني الذي يحالف نظام الاسد ويمارس اعمالا
 عسكرية تدعم حزب العمال الكردستاني في حربه ضد تركيا يعرض الاكراد لا عباء  كلفة حملة عسكرية  تركية  قد تشن ضدهم في أي وقت ممكن ،لان المواجهات اليومية والخطف المتبادل بين حزب الاتحاد والاحزاب الكردية الاخرى كحزب "البارتي" و"ازادي" وتيار المستقبل وتنسيقيات الحراك الثوري "الخ ...كل ذلك تدل على تأزم العلاقات الكردية- الكردية.
يفرض الهيمنة على الاكراد:
الكردستاني  يفرض معادلة على هذه الاحزاب الكردية تقوم على ان :" البقاء للأقوى"  لكونه  يحاو تقليص دورهم وجرهم الى مواجهة معه بالسلاح وابعادهم عن الثورة السورية ومساندتهم للقوى الثورية السورية وادخالهم في حرب المزايدة الشعبية والتطرف القومي  على كسب الصوت الكردي . فالحزب الدكتاتوري القادم يختزل المشاركة الكردية ويبعد لجان التنسيقيات الكردية عن الواجهة من اجل  الاحتفاظ بدوره الريادي الوحيد في المنطقة لكي يتمكن من لعب أي دور.
"يرى معارضون سوريون أكراد بانهم يتهمون نظام الأسد بمحاولة تأليب الأكراد وخاصة الأحزاب الانفصالية على الجيش الحر وتسليحهم للدخول في صراع مسلح معه لإنهاك قواه، مقابل بعض الامتيازات والمكاسب الخاصة والشخصية. وهذا ما يدفع بالكثير من المحللين السياسيين الى  الخوف  من اشتعال حرب اهلية كردية – كردية قادمة في مناطق التواجد الكردي على ضوء اعمال وتصرفات الحزب الاتحاد الكردستاني .
نخاف الا يتكرر سيناريو الشعب الشيشاني مع الشعب الكردي في سورية فالشيشان  عام 1941-1943 دفعوا ثمن  وقوفهم الى جانب هتلر آنذاك ، مما دفع بستالين الى تحميلهم الثمن وتهجيرهم الى كافة انحاء دول الاتحاد السوفياتي عام 1945.على الرغم من ان العقيد في الجيش الاحمر الذي مع دخل مع سريته  الى ساحة برلين كان من القومية الشيشانية.
د.خالد ممدوح العزي .
نقلا عن جريدة الرواد اللبنانية العدد 80 الصفحة 16 بتاريخ 10 كانون الثاني ديسمبر2012
كاتب ومختص بالأعلام السياسي والدعاية .
dr_izi2007@hotmail.com

الاثنين، 10 ديسمبر 2012

روسيا البيضاء وسوق العمالة العربية...!!!(2-2)


روسيا البيضاء وسوق العمالة العربية...!!!(2-2)
نجد ان الكثير من العرب التي فرضت عليهم  الظروف الحياة  ، للاستقرار في روسيا البيضاء لا سباب مختلفة، و نجد ان قليلا منهم استطاع ان يشق طريقه بنجاح ، فمنهم من اصبح من رجال الاعمال و التجار ، و اخرين استطاعوا ان يثبتوا انفسهم ببعض الوظائف الحكومية ، مثل الاطباء او المهندسين او في مجالات اخرى  و لكن العدد قليل جدا  قياسا بنسبة ابناء الجالية العربية في روسيا البيضاء ، السؤال الذي يطرح نفسه بقوة اليوم  اين ذهب الاخرين؟ و كييف يتدبر أمورهم الحياتية ؟، لقد اضطرت الغالبية العظمي للعمل بالأسواق، او المطاعم او في اكشاك الشاورما ، فالعمل ليس  بعيب ، بل نجدد كل احترام لمن يسعى لتحصيل لقمة العيش و لكن ماهي  الظروف التي يعمل بها هؤلاء العمال و اليات حمياتهم ووضعهم الانساني.

من خلال معرفتي بسوق العمل الضيق في روسيا البيضاء على مدى سنوات طويلة عشتها في هذا البلد الجميل ،اينما ذهبت الى الاسواق (البازارات) في المدن الكبيرة مثل مينسك ، فيتبسك ،غرودنا ،غومل ،برست ، فنجد الوجه العربي بالسوق ، حيث يشتهر ببيع الحمضيات او البالة (السكند هاند) او بعض الالبسة و الاحذية المستوردة، ومواد التنظيف الكيميائية ،والاشياء الصينية و تسمع صراخ الباعة العرب لاجتذاب الزبون ترتفع من هنا ومن هناك ، و لا وقت للجلوس او الحديث الودي مع الاخرين بسبب ضيق الوقت وكثرة الزبائن .
لكن في اثناء وجودي السريع على العاصمة مينسك ، وجولاتي على العاصمة الروسية موسكو وسانت بطرسبورغ والعاصمة الاوكرانية كييف  العاصمة  البيلاروسية مينسك ، و خبرتي  عن مغريات العواصم والمدن الكبرى  و مدى جدبها  للإنسان  ،واثناء وصولي الى هذه المدن اذهب مباشرة الى اسواقها التي تختزن العديد من الاصدقاء القدماء من مختلف الجنسيات العربية الذين قرروا البقاء في اماكنهم رافضين العودة الى بلادهم فأيام الدراسة كانت غنية جدا بالتعارف على الوجوه العربية المشرقية والمغربية ،
  اليوم عندما قررت السفر الى العاصمة البيلاروسية مينسك قررت البحث عن صديقي القديم  ، دكتور الجراحة القلبية في اسواق المدينة  المليئة بالأكواخ والاكشاك والتي تشك تجارة الاكل السريع جزاء لا باس به من تجارة هذه الاسواق  فالقهوة كثيرة ورائحة الشاورما تفوح من كل باب وصوب ،القهوة كثيرة ومتنوعة عربية وتركية وقوقازية ،لكن العرب هم مازالوا يحتكرون تجارتها ويرتزقون منها ، والتجول الكثير اهتديت في اليوم التالي على مكانه او المحال الذي يستمره في تجارة الشاورما ، وجدت صديقي العزيز و بعد ساعات اهتديت الى مكان عمله ، وجدته في احدى حوانيت السوق صاحب قهوة لبيع سندويش الشاورما  ،تحدث معه وشاهدة عمله في القهوة او البار الصغير ونظرت الى العمال العرب والروس الذين يعملون على سيخ الشاورما  تلقيت الضيافات  واحتسينا القهوة والشاي وذهبنا حديث الاخبار طويلا ،، وبعد  كل شيء ،خرجت لا تجول في السوق بعد  تحديد موعدا جديد لمقابلته في اليوم التالي ،خرجت من البار متجها للبحث عن اصدقاء اخرين  و لكن كانت المفاجأة لي  كبيرة ، عندما وجدت صديقا اخرا في هذا السوق في حانوت لبيع الملابس القديمة  بائعا في سوق البالة ،مهندس الميكانيك  السوري  يصرخ بأعلى صوته و يحمل بيده بعض الملابس لعرضها على الزبون، قررت ان انتظر قليلا و اتصلت به تلفونيا و هو لا يراني ، فنظر الى الرقم و لم يجيب ، و لكني التمست له الان العذر، و اخير وصلت اليه وبعد السلام قلت له لا تعتذر فهمت كل شيء ، ولكن المحزن كان يكلمني و يلتفت من حوله و فهمت انه يخشي توبيخ مسؤوله لا نه يضيع الوقت بأمور ليست للعمل، و اختصارا سالته متى تنهي العمل؟ فقال في السادسة مساء فقلت له سأعود اليك بالسادسة
و عند اللقاء بالسادسة ، فهمت انه لا يعيش لوحده بالبيت بل يستأجر غرفة مع المرآة مسنة و لا يستطيع ان يدعو احدا اليه ، فقلت له انت الليلة ستكون في ضيافتي ، و اشترينا بعض الحاجيات و ذهبنا للبيت، بالطريق اخد يحدثني لاتزعل مني ، هذا حالنا، انهض من السادسة صباحا تكون الدنيا ظلمة بالشتاء و ها نحن نعود بالظلمة، و اركب من بيتي الباص ثم المترو كي اصل بالوقت المناسب، و ابدأ بالعمل ، علينا بالصراخ طوال اليوم ، حتى الفت انتباه الزبون، يجب ان اقنع الزبون باي طريقة، لا يوجد كرسي نجلس عليه و ممنوع الجلوس، لا تدفئة بالشتاء، لا يوجد موعد للغداء، لا توجد عطلة اسبوعية، ان تذهب لدورة المياه لقضاء حاجتك هذه ام المشاكل، فقاطعته و لماذا لا تطلبون تحسين ظروفكم، فضحك بقهر و قال تحسين ظروفنا اللي "مش عاجبه الله معه في مكانك عشرة ينتظرون "و باقل من اجرتك  ويوميتك، فقلت له لكن صاحب العمل عربي و مسلم مثلك قال نعم و لكن هذه ظروف العمل بل اقول لك ان صاحب العمل لا يقطع فرضا بالمسجد ، و من اهل الخير ،و لكنها لقمة العيش
و صلنا للبيت و بدأت احضر الطعام و شاهدته وهو يبدل ملابسه ، كم بنطلون داخلي يلبس، كم جراب يلبس، كم سترة من الصوف ، و الأدهى من ذلك كم كنت  قدماه متورمتان، و بينما نحضر الطعام نظرت اليه الا هو نائم، فقمت بإيقاظه و لكنه اراد النوم ، و لكني رجوته و قلبي يتقطع حسرة، فاكل معي قليلا و قال اليوم استطعت ان اوفر شيئا من الراتب ،لان عشائي براني، اما الراتب فيضيع نصفه خلال النهار من شرب  الشاي و قهوة و المأكولات ، و النصف الاخر ادخاره للسجائر و اجرة البيت الذي اعيش فيه .
وفي اثناء اقامتي السرعة في مدينة منسك كنت المفاجأة كبيرة حيث وجدت اصدقائي ومعارفي من الدول العربية المختلفة التي تسني لي سابقا التعرف عليهم او دراسة سنة التحضيري للغة الروسية في معاهد مينسك الحكومة لجمهورية بيلاروسيا والتي ربطتني بهذه الدولة علاقة وطيدة لأسباب خاصة، بالرغم  من دراستي الطويلة في معاهد روسيا الحكومية واكبر مدنها "موسكو وسنتبطرسبورغ "، والتي لا تختلف حياة الطلاب العرب نهائيا عن احوال اصدقائي في العاصمة البيلاروسية الذين ينتشرون في كافة بازارات المدن الروسية والاوكرانية .
فالشاورما هي مصدر رزق العمالة العربية الصغيرة والمبتدئة بالعمل والعمال القادمين لهذه الدول املا بالهروب الى دول اوروبية اخرى ،فالشاورما تبقى الوصفة العربية الخاصة التي لا يزال يحتقرها العرب في هذه الدول وخاصة بطريقة استخدام البهارات العربية والخبز "المرقوق" الذي يستبدل بالخبز الارمني "لافاش " وطريقة الفة العربية للرغيف الذي يمكن أي اجنبي من لف الرغيف "وهذا ما يمز سندويش الشاورما العربية عن "الدونار" التركي .
طبعا هذه الحالة في مينسك لا تختلف عن الاحوال الاخرى في عواصم دول الاتحاد السوفياتي السابق المليئة بالعمالة العربية وخاصة  من ذوي الاختصاصات العلمية  العالية  التي لم تتمكن من العمل في اختصاصاتها العلمية التي تلقتها اثناء درستها في هذه الدول الاجنبية ،والتي اضحت يدا عاملة في اسواق العواصم السوفياتية الصديقة.
د.خالد ممدوح العزي

السبت، 8 ديسمبر 2012

سورية وفلسطين : فلسطين دولة في الأمم المتحدة ،ومشعل في غزة ،والاسد يقاوم شعبه ...!!!


سورية وفلسطين : فلسطين دولة في الأمم المتحدة ،ومشعل في غزة ،والاسد يقاوم شعبه ...!!!
 بعد المعركة الأخيرة التي سطرها الشعب الفلسطيني في غزة، و بعد النصر الدبلوماسي الفلسطيني الذي حقق في هيئة الأمم المتحدة نتيجة نضال الشعب الفلسطيني طيلت عقود  لعقود، والتي ألحقت هزيمة دبلوماسية أمريكية وإسرائيلية، تأتي زيارة خالد مشعل إلى غزة للمشاركة بالذكرى 25 لانطلاق حركة المقاومة الفلسطينية "حماس "،لكن اليوم يطرح السؤال نفسه بقوة ما هو مستقبل حماس السياسي بعد المصالحة الفلسطينية في القاهرة،وما هو دور مصر مرسي في رعاية المصالحة كما رعت التهدئة بين حماس وإسرائيل .
المصالحة قدر الفلسطينيين التاريخية:
في العام 1983 ،أخرجت القوات العسكرية السورية من مدينة طرابلس اللبنانية ما تبقى من قوات عسكرية لمنظمة التحرير الفلسطينية،بعد أن عجزت إسرائيل عن إكمال مشروعها عندما أخرجت القيادة والقاعدة الفلسطينية من لبنان، عندها حمل البحر قوات العاصفة ورئيسها الراحل عرفات على متن السفن الفرنسية، وعندما سئل عرفات إلى أين التوجه يا أبو عمار ،فأجاب عرفات إلى فلسطين،وبعدها صدقت أقوال عرفات وعاد إلى فلسطين بعد استفاضته المؤقتة في تونس الخضراء،فكانت فلسطين ثورة شعبية عارمة قامت بفضل الطفل والحجر وتحرير القرار .
 في العام 2011 أخرج النظام السوري حركة حماس وقائدها خالد مشعل ،من دمشق مجددا بعد ثورة ربيع سورية ،وأطلقت حريته من سيطرت النظام السوري والإيراني ، اللذان استخدموا الحركة طوال المدة  كورقة ضغط  للمزايدة على الأنظمة العربية من خلال شعارات "قومجية،  ووطنجية" للابتزاز ، والمساوامة على القضية والشعب وتعميق الانقسام الداخلي اللذان كان سببه الرئيسي، وكانت الممانعة  العقبة الأساسية بوجه أي مشروع مصالحة و أبقت مشعل وحركته أسيرة ورهينة في سورية طوال المدة الماضية .
الثورات العربية وأثارها على حماس :
منحت الثورات العربية خالد مشعل حرية الحركة من خلال توقيع اتفاق القاهرة في نيسان "ابريل" 2011، مع السلطة الفلسطينية بعد أن كانت مستحيلة بظل وجود النظام السوري.
 لقد خرج خالد مشعل ليقول للعالم بان "المصالحة الفلسطينية هي قدرنا"، ربما هذا هو القول الحقيقي الذي عرفه السيد مشعل متأخرا أو حتى لو كان يعرفه سلفا، لان الشعب الفلسطيني تكمن قوته بوحدته مهما كانت الاختلافات السياسية والإيديولوجية، فالهدف واحد هو فلسطين والقدس .  وبمناسبة مرور الذكرى الثامنة لاستشهاد الرئيس الراحل عرفات لبد أن نقول:" بان القدر شاء مرتين إن يكون النظام السوري سبب المأساة الحقيقية للشعب الفلسطيني ولقضيته الذي حاول النظام البعثي القبض عليها مهما كلف الثمن .
سيطر النظام الاسدي على الورقة الفلسطينية ،من اجل المزايدة الدولية والعربية لتحسين موقعه التفاوضي ،ولكن القدر لعب في المرتين لصالح الشعب الفلسطيني من اجل العودة لبناء وحدته والتفكير بالداخل الفلسطيني وعدم استطاعت أي قوى إجهاض ثورته المحقة  بالرغم من التمترس وراءها حين قاتلت عرفات فذهب إلى الداخل الفلسطيني وشكل حوله قوة سياسية وشعبية كانت عصية على الاحتواء ،واليوم يتكرر السيناريو نفسه مع حركة حماس  الذي حاول النظام السوري استخدامها في معركته الداخلية ضد شعبه و الترويج لنظامه،بالرغم من معركة غزة الأخيرة استمرت 8 أيام خيم السكون أثنائها على سورية في هذه المعركة. لقد رحلت حماس من سورية رافضة مساومة النظام فخرجت من قبضته لتذهب نحو الوحدة الوطنية والمصالحة الفلسطينية ليكون الداخل ركيزتها الأساسية، وربما تكون "تونس، قطر، مصر"، هي محطة انتقالها المؤقت للدخول إلى الداخل.
غزة تحت الرعاية العربية :
لكن زيارة الأمير القطري الأخير بداية شهر نوفمبر تشرين الثاني 2012 وتبنيه فكرة الأعمار في القطاع ،وهي فكرة إبعاد غزة وتحيدها عن الإعصار الإيراني القادم،فاليوم ادخل الأمير القطري "الشنطة "، إلى غزة شخصيا وغاب خالد مشعل نهائيا وظهر أبو العبد ضحوكا كأنه يقول للجميع التوجه نحو الأموال العربية بدل الأموال الإيرانية، فهل الهدنة سوف تستمر وتبتعد غزة عن عين العاصفة أو تهز إيران الريح فيها بواسطة جماعتها لإفشال خطة الأمير  .
الأسد ونتنياهو في نفس الخندق :
لكن الرد السوري كان سريعا حيث أصدرت القيادة السورية أمرا سريعا بإقفال مكاتب حماس في سورية بالشمع الأحمر وتحديدا مكتب السيد مشعل ونائبه أبو مرزوق اللذان هما أصلا خارج دمشق في رسالة مباشرة ،تعلن من سورية الأسد لإعلان القطيعة النهائية مع حماس وجماهيرها بعدما فشلت القيادة السورية بوضع حركة حماس الجزاء الفلسطينيين لحركة الأخوان المسلمين العالمية في خدمة تواجه النظام  والترويج له متناسية قتل شعبه بحجة المقاومة والمانعة وعلى الرغم من أن  الحركة تأخرت كثيرا في إعلان موقفها الفعلي من النظام السوري.
هذه الحالة وضعت الحركة وعناصرها في مواجهة فعلية مع النظام السوري للدفاع المخيمات الفلسطينية السورية التي باتت هدفا يوميا للأسد وادخل الورقة الفلسطينية مجددا في الصراع الإقليمي لتحميل الشعب الفلسطيني ثمنا غاليا. 
وكأن التاريخ يعيد نفسه من جديد بعد خروج منظمة التحرير الفلسطينية من بيروت عام 1982 والتوجه نحو الدول العربية.
عندها حاول الأسد وضع اليد على منظمة التحرير وعلى قرارها ، لكن قائد المنظمة التاريخي كان يعرف ذلك فلم يذهب إلى دمشق ويقدم أوراق الطاعة للدكتاتور الأب.
تاريخ الأب يعيده الابن :
لقد عمد الأب إلى شق الصف الفلسطيني وتم تقسيم حركة فتح في حركة انقلابية تصحيحية كما فعل الأب  نفسه في حزب البعث الذي انقلب عليه وادخل قيادته السجن مدى الحياة نفذ الانقلاب  أثنائها بواسطة جماعة متحمسة أطلقت على نفسها حركة فتح الانتفاضة ،وبدأ القتال الفلسطيني –الفلسطيني بقيادة المخابرات السورية التي تولت زمام الأمور ،لكن الراحل عرفات كشف المؤامرة ولم يجعل فرحة الأسد تدوم طويلا،خاطب الجميع قبل الانشقاق قائلا :" لا تصدقوا الأسد، وكلامه الكاذب ،لن يفتح لكم جبهة الجولان كما وعدكم   لتكون لكم بديلا عن جبهة لبنان فان اعرفه جيدا". ذهب عرفات إلى طرابلس لبنان ،لكن انتقام الأسد الأب وحقده اللذان لا يعرفان حدود،أديان لإخراج الراحل الرئيس ياسر عرفات من طرابلس بحرا تحت حماية دولية وعلى مشاهدة إسرائيلية.
استفرد الأسد بالفصائل العشرة التي أخفقت بتعويم دورها فلسطينيا ، بالرغم من الخدمات المختلفة التي قدمتها للأسد  بما فيها الجبهتان "الشعبية والديمقراطية " التي كانت تسلم بكل شيء للسوري نتيجة وجودها في دمشق،لكن عرفات كان بارعا في ممارسة فن الدبلوماسية الذي كان القائد والرمز للشعب والقضية استطاع عرفات إن يسحب كثيرا من القادة الفلسطينيين من صلب هذه القوى وعدم تركها في يد المخابرات السورية.
بقيت حركة حماس والجهاد الفصليان الإسلاميين اللذان وقعا  في فك  معسكر الممانعة وحاولوا وضعهما كبديل لمنظمة التحرير، لقد ساهما  بشق السلطة الوطنية ووضعوا حماس في خانة المواجهة مع فتح  بعد فوزها بالانتخابات التشريعية الفلسطينية في غزة عام 2007.
 حدث الانقلاب وتفرد الجناح الحمساوي الإيراني المتطرف  بقيادة الحركة وخاصة بعد اغتيال قائدها الأبرز عبد العزيز الرنتيسي ذات التوجه الاخواني الجهادي،سيطر التوجه الإيراني  الثلاثي "محمود الزهار،خالد مشعل، الراحل سعيد صيام " على رقبة الحركة ،مما أدى إلى انشقاق فلسطيني جديد وحرب غزة التي لا نزلنا نعاني من نتائجها والتي دفع ثمنها الشعب الفلسطيني.
 استمر  الرئيس السوري بشار الأسد منذ تعينه رئيسا لسورية بمتابعة سياسة والده الحاقدة على القيادة الفلسطينية وقضيتها الذي حاول بشتى الوسائل السيطرة عليها كما سيطر على الملف اللبناني من خلال نظام الوصايا الأمنية السورية التي تمثلت بلحود وزمرته الأمنية ،محاولين التجديد له للمرة الثانية.
 الرئيس السورية الذي منع كلمة الرئيس عرفات من داخل المقاطعة"رام الله" المحاصرة وعدم التوجه إلى القمة العربية المنعقدة في بيروت عام 2000 والتي صدر عنها المبادرة العربية للسلام  ،فالحقد أعمى قلب الأسد الابن من الرئيس المقاوم المحاصر ومنعه من  مخاطبة المجتمعين عبر الجسر التلفزيون التي وضعته قناة الجزيرة مستغلا رئيس الدورة  العربية الذي ينفذ أمره.
 الابن سر أبيه العالم منهمك بحرب تموز وبحالة لبنان الحزينة بسبب الحرب الإسرائيلية،والأسد  يرسل عصابته ذات المنشئ والصنع إلى معسكرات فتح الانتفاضة  لتحتل مخيم البارد مخيم عرفات فالانتقام من مخيم الراحل فكان العبسي وشركائه في تنفيذ الخطة السورية بما فيهم أبو خالد العملة وابنه الذي أضحى في ذمة  إضافة إلى مسؤول ساحة لبنان أبو فادي حماد "إبراهيم "حماد اخو مستشار الرئيس الحالي أبو مازن نمر حماد اللذان كان طوال الفترة السابقة على خلاف حاد .
الانتقام من القضية الفلسطينية :
لكن الأسد لا يزال يستخدم عصابات جبريل المقاتلة لتنفيذ مخططاته البشعة في لبنان وسورية لتخريب العلاقة اللبنانية الفلسطينية فكانت عملية خطف الإستونين السبعة التي تم السكوت عليهم لبنانيا ،مرورا بمهاجمة الشريط الشائك في الجولان من قبل بعض متظاهري جبريل والدعم المخابراتي وصولا إلى اليوم التي بات فيه مقاتلو جبريل يقتلون الشعب الفلسطيني في سورية من اجل راحة الأسد .
لكن من جديد الأسد يشد العزيمة الفلسطينية بتوحيد كل الجهود الفلسطينية مابين المنظمة وحماس والجهاد التي كانت إيران تحاول أن تفردها بديلا عن حماس بعد خروجها من سورية ،لان إيران لا تستطيع أن تكون ممانعة دون فصيل مقاوم تعوم دورها في القضية الفلسطينية.
مرة جديدة تفقد سورية الورقة الفلسطينية لتكون فلسطين من جديد هي مركز الثقل الفلسطيني ومركز القرار الفلسطيني كما أراد القائد والرمز الفلسطيني الراحل ياسر عرفت حاولت سورية استغلال حرب غزة لا بعاد الأنظار عن ماذا يحدث للشعب السوري الثائر ،لكنها فشلت وخرجت الورقة الفلسطينية نهائيا من يد الأسد لتجسد حلما قديما وتدخل في نضالا جديدا من خلال هيئة الأمم التي منحت الهيئة شهادة ميلاد للدولة الوليدة . فشلت سورية الأسد بالإمساك بالورقة اللبنانية سابقا وهي الورقة الفلسطينية تتحرر نهائيا من دكتاتورها ،وتخرج من الممانعة المصطنعة لتعود إلى موقعها الحقيقي العربي والفلسطيني المستقل الحر الذي أدلى بصوته لصالح الدولة الفلسطينية بنسبة 75%من أصوات العالم  . 
لكن يبقى الخوف الفعلي على الشعب الفلسطيني في سورية من دفع فاتورة مجنية نتيجة أخطاء الفصائل السابقة بمذبحة كبيرة ينفذها نظام الأسد كما نفذ العديد من المذابح سابقا في لبنان.
لكننا نأمل بان تكون زيارة مشعل إلى غزة خطوة أخرى على طريق المصالحة بعد دعمه للتوجه نحو الأمم المتحدة ونيل عضوية المراقب ،التي تسرع بالمصالحة الوطنية الفلسطينية وبالتالي عودة مشعل إلى غزة خطوة مهمة في التوجه نحو الداخل الفلسطيني والتمهيد لاستقلالية القرار الفلسطيني مجددا ،وسحب الورقة الفلسطينية من يد الدول الإقليمية .
د.خالد ممدوح العزي
كاتب وباحث إعلامي مختص بالإعلام  السياسي  والدعائي.
Dr_izzi2007@hotmail.com  

السبت، 1 ديسمبر 2012

روسيا البيضاء وسوق العمالة العربية ...!!!(1-2)





روسيا البيضاء وسوق العمالة العربية ...!!!(1-2)               
الحصول على لقمة العيش لم يكن في يوم من الايام بالأمر السهل او الهين، او تسير امور الحياة و مجاراة المستلزمات الحياتية او الكماليات الشخصية بالأمر السهل او الهين ايضا، من اجل ذلك عند الجميع و خاصة الشباب طموحات لاحدود لها للوصول للمجد الذين يرغبون به، و منهم من اعتقد ان الوصول الى اروبا هو الطريق للمجد ، و لعدم فهم الخارطة و الجغرافيا جيدا و صل الكثير الى" روسيا البيضاء"، معتقدين انهم يستطيعون تغيير حياتهم للأفضل ، و لكنهم اصطدموا بواقع اخر، نعم نسمع قصص عن الوضع في اروبا فيما كان يسمي اروبا الغربية او دول الاتحاد الاوروبي و كيف تتكفل الدولة بكل شيء عن طريق الرعاية الاجتماعية ، فلا مشكلة بالبيت او لقمة العيش او تربية الاطفال ، و هناك عروض كثيرة للعمل القانوني ناهيك عن العمل بالسوق السوداء و طرق التحايل على القانون للحصول على راتب حكومي و اخر من السوق السوداء.
 و لكن تركيزنا في هذا الموضوع عن العمالة العربية في روسيا البيضاء  و كيف و صلت الايدي العاملة الى السوق البيلاروسية.
فمن المعلوم ان "روسيا البيضاء او بيلاروسيا"، هي  احدى دول الاتحاد السوفياتي السابق، حيث تواجد العرب كثيرا بسب الدراسة ، و منهم من استقر لعدة اسباب ، فهناك من تزوج و تأقلم و اثر العيش في عائلته مع عائلته الجديدة و اطفاله، و منهم من اضطرته ظروفه و فشله بالدراسة  لعدم العودة فاشلا و اثر ايضا البقاء عله يعود يوما ما و جيوبه مليئة بالنقود كما يعتقد، و هناك من اشتغل بالتجارة بين روسيا البيضاء و بلده الاصلي و في اخر المطاف اعجب بروسيا البيضاء و جميع إغراءاتها و استقر به الحال فيها ، و نجد ايضا من وصل الى روسيا البيضاء معتقدا انها اقصر الطرق للوصول لأحدى الدول الاوربية و تبخرت احلامه بائعا بإحدى الاسواق، و هناك الكثير و الكثير من الاسباب و التي جعلت ابناء الجالية العربية بنهاية المطاف بائعون على بسطات الاسواق (البازارات) ، و اذا عدنا للوراء قليلا عند استقلال بيلاروسيا عن الاتحاد السوفياتي عام  1991 و كانت تلك الفترة ما بين 1991-1997 تعتبر فترة ركود تعرضت له البلاد لازمات اقتصادية كبيرة بسبب الانتقال لاقتصاد السوق، كانت تلك الفترة فرصة لبعض المقيمين العرب بمزاولة اعمال تجارية بطرق مشروعة و اخرى غير مشروعة و تكوين ثروات هائلة بسبب عدم وجود الاستقرار الاقتصادي ، و صعوبة ظروف المعيشة للمواطن البيلاروسي  ، حيث تفشت الرشوة بشكل كبير و على اثرها كان من الممكن حل جميع المعوقات بالنقود ، فاصبح هناك تجار عرب و رجال اعمال في جميع المجالات منهم من عملوا باستيراد الحمضيات ، و اخرين بالحديد و الاسمنت ، و منهم من دخل عالم الثروة الحيوانية و الزراعية ، و لكن بالنهاية قياسا مع نسبة العرب الموجودين في روسيا البيضاء  فتعتبر نسبة التجار او رجال الاعمال ضئيلة جدا لا تصل حد 5%  من مجموع العرب في روسيا البيضاء ، حيث سنتناول في حلقتنا القادمة احوال السواد الاعظم من ابناء الجالية العربية المقيمة في روسيا البيضاء .
د.خالد ممدوح العزي
كاتب ومختص بالشؤون الروسية ودول الكومنولث
Dr_izzi2007@hotmail.com

الخميس، 29 نوفمبر 2012

الأغنياء الأجانب في الاتحاد السوفياتي السابق وروسيا البيضاء :التاريخ وَ الآفاق...!!!





الأغنياء الأجانب في الاتحاد السوفياتي  السابق وروسيا البيضاء :التاريخ وَ الآفاق...!!!

إنّ رجال الأعمال الأجانب في روسيا البيضاء ينحدرون من حقبة الاتحاد السوفياتي وَ مرحلة التسعينات التي عقبت النقطة المفصلية في تاريخ الجمهوريات السوفياتية – وَ يُمكن تقسيم الأغنياء الأجانب إلى عدة مجموعات:
الطلبة السوفيات: تمتع الطالب الأجنبي في المرحلة السوفياتية بصلاحيات جمة، فكان قادرا على مُغادرة الحدود السوفياتية في أي وقت يُريد يكفي فقط تقديم هدية لعميد كلية الطلبة الأجانب ليُوقع له تأشيرة مُتعددة الرحلات خلال سنة كاملة، وَ هنا تبدأ المُغامرة التجارية – الطالب الأجنبي يتحول في لمحة البصر إلى تاجر الكمبيوترات وَ الكافيار وَ كثير من السلع.
فالعديد من الطلبة الاجانب من  تابع دراسته بإحدى جامعات الاتحاد السوفياتي  وكان يُغادر إلى سينغافورة ليشتري الكمبيوترات الثمينة وَ ثم يُعيد ليبيعها في المؤسسات السوفياتية، وَ في نفس الوقت يقوم بشراء السلع السوفياتية المختلفة من صحون إلى ماكينات وَ حتى سيارات وَ يُحمّلها إلى موسكو عن طريق القطار وَ ثم عن طريق الشحن الجوي على أجنحة الخطوط السوفياتية "أيروفلوط" ينزل بها الى وطنه – طبعاً من أجل الشحن يتطلب عليه أن يحصل على ما يُسمى بتأشيرة الرحلة الأخيرة و تُقدم من طرف سفارة الوطن بعد الحصول على الدبلوم وَ هي تُقدّم مرة واحدة خلال كل البعثة الدراسية، وَ كما هو معروف في تلك الفترة كثير من الشباب الحاصلين على الشهادة لا يملكون الإمكانية المادية لتحميل السلع إلى الوطن، وَ هنا يأتي دور السمسار الذي يقوم ببيع هذه التأشيرة وَ يتم تحميل البضاعة باسم "المُهندس الفقير" أو "الدكتور الذي لا يحسن مهنة التجارة" وَ ما أكثرهم في تلك الفترة.
من جهة أخرى كان الطلبة وَ خاصة المشارقة (الشرق الأوسط) يُتاجرون بالقماش وَ الفواكه وَ الخضارَ التي يُحضرونها   من الشام أو تركيا وَ قد استثمروا الظرف السوفياتي للكسب السريع وَ كما قام البعض بممارسة تجارة الحديد مباشرة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وَ لقد تزامنت تلك الفترة بمرحلة التعمير وَ البناء التي عرفها العراق، لُبنان وَ بعض الدول المُجاورة في المنطقة، كما اختص البعض من هؤلاء الطلبة في تجارة الأبقار وَ اللحوم، إضافة إلى الحبوب و حتى الصقور.
طالب فقير أصبح غنيا: وَ لكن الطالب الذكي هو الذي يبدأ نشاطه التجاري بالبحث عن معارف في أجهزة الدولة وَ مُصادقة صانعي القرار، ففي تلك المرحلة كثيرٌ من رجال الحزب الشيوعي كدسوا أموالا طائلة وَ لكنهم لا يريدون الظهور على ساحة الأعمال وَ منه فإن المواطن الأجنبي يُعتبر فرصة سانحة لتمرير صفقات مهمة على المُستوى الدولي، حيث يقوم الطالب الأجنبي أو المُتخرج بتسجيل شركة مشتركة وَ ثمّ يتفق مع "صاحب المصنع" ليأخذ البضاعة ديناً بشرط أن يدفع بعد أن يتم تصريفها في الأسواق هناك أو بعد أن يتم الدفع في البلد الأجنبي، فكل الوثائق قانونية وَ شرعية وَ لكن "المدير الأحمر" يأخذ عمولته من الطالب بطريقته الخاصة: يُفتح له حساب مصرفي جاري في أوروبا أو في أي بلد آخر وَ تحول الأموال المُتفق عليها منذ البداية. وَ من جهة أخرى المواطن الأجنبي يكسب حصانة كبيرة وَ حماية من مؤسسات الدولة، لأنّ ارتباطه برجال الأعمال الأغنياء الأجانب وَ هم كذلك يرتبطون بمنظومة هرمية لنظام الحكم هناك، فالدولة طبعاً تستعمل هؤلاء الأجانب لتمرير صفقات بطابع آخر وَ يبقى هذا الالتزام على مدى الحياة.
رجال أعمال قدموا جددا: أغلبية ممثلي هذه الفئة لم تكن لديهم خلفية واسعة و تجربة في العمل التجاري وفقاً للمعايير السوفياتية، إما سقطوا ضحية المافيات أو نُصب عليهم من طرف ابن جلدتهم بالتنسيق مع العصابات المُختصة أو حتى مع الشرطة أو مصلحة الضرائب،  تجربة تجارة الدخان في العام 1993- 1994كانت تجربة مريرة كثير من الشباب وَ رجال الأعمال، أوجد "النصابون" طرقا عديدة للحصول على المال السريع منهم  من كان صديق "الشاب المحلي" ومنهم من ساهم بالنصب والخطف لرجل الأعمال الذي يقدم في زيارة عمل وَ ثمّ يتحول إلى رهينة بسعر خيالي يصل إلى ملايين الدولارات – وَ ما أكثر تلك الحيل منهم من كان  يقبع في عنبر شباب الشيشان وَ صديقه الاجنبي  يجلس في المطعم مع أصدقائه وَ هو يحمل صندوق كامل للهاتف النقال وَ يجري اتصالات وَ هو يذرف دموع التماسيح " وَ لكن الأهم هو إنقاذ البوليس .." – وَ حتى أن البعض قاموا بلبس ماسكات (أقنعة) وَ عارضوا طريق ضيفهم الغني وَ أطعموه ضرباً بارحاً وَ ذلك يصرخ "إنقذني يا شباب ..."، كما أنّ الكثير يسحبون بضاعة بالجملة وَ ثمّ يختفون في الظلام إلى أن يصبحوا بدون مأوى أو رمق حياة.
تجار اللجوء السياسي: أما بالنسبة لهذه الفئة فحدث وَ لا حرج، فكما سبق وَ أن ذكرنا فقد تزامن انهيار الاتحاد السوفياتي وكثير من الازمات السياسية في المنطقة المجاورة للفضاء السوفياتي وَ القارة الإفريقية –  هنا كانت تعمل شبكة كاملة من "النصابين" المُحترفين الذين كانوا  يسحبون جوازات السفر من العائلات بحجة شراء تأشيرة إلى أوروبا للحصول على اللجوء السياسي وَ لكن "السمسار" يجمع من كل عائلة ليس أقل من ألفين دولار وَ يختفي بنفسه إلى حين.
تجار الدين وَ القضية: توجد فئة أخرى فريدة من نوعها استغلوا الظرف التاريخي في لانهيار الفضائي السوفياتي  وَ أسسوا جمعيات خيرية وَ بواسطتها استلموا الدعم المادي وَ المعنوي من بعض الدول المانحة، وَ لذلك نجد أن تجار هذا التوجه يرتبطون ارتباطا وثيقاً بالتنظيمات الإغاثية الخيرية، فكثير من الماعونات تتحول إلى بضاعة في الأسواق المحلية.

أصحاب المهنة: لكن الشباب الناجحون فهم من يُتقن حرفة ما أو يُحسن التعامل مع البشر وَ الوثائق وَ مُتمكن من اللغة المحلية وَ ضليع في أمور التشريع و القوانين الجبائية وَ الجمركية، فالشاب الذي يصلح محركات السيارات أو يعرف مهنة الطبخ أو الترجمة الحرفية أو أنه ينشط في مجال التغذية العمومية وَ غيرها من الأمور، فهؤلاء الشباب بقوا في الساحة وَ كثيرا منهم يترددون على الحفلات وَ الفعاليات الرسمية يُمكن رؤية صور بعضهم على موقع
مختلفة في دول الكومنولث الجديد.

د.خالد ممدوح العزي
 كاتب ومختص بالشؤون الروسية ودول الكومنولث
Dr_izzi2007@hotmail.com

الأربعاء، 28 نوفمبر 2012

الانسحاب الامريكي من افغانستان ..."طالبان" :انتصرنا...!!!


الانسحاب الامريكي من افغانستان ..."طالبان" :انتصرنا...!!!
اذا كان عهد الرئيس بوش تميز بالتعذيب وخاصة في سجن غوانتانانمو ،فان الرئيس اوباما الذي اعيد انتخابه لولاية ثانية،  تميزت فترة حكمه الاولى بالقتل من خلال اعطاء الأوامر والسماح لاستعمال الطائرات بدون طيار  التي يعد استعمالها خارج   الاطر القانونية وغير خاضعة  لأي تحقيقات وبخاصة  الرئيس اوباما قادم من تدريس القانون الدستوري ،فكيف سيتعامل اليوم مع مشكلة العصر ،مشكلة افغانستان ،لكونها اطول حرب وضعت امريكا نفسها في هذا المستنقع لمحاربة الارهاب من خلال تحالف دولي شن عام 2001 ،للقضاء على الارهاب وبناء دولة ديمقراطية في بلد يعاني التشرذم والانقسام والانهيار بعد حربا طويلة ضد الامبراطورية السوفياتية وحربا اخرى ضد الامبراطورية الامريكية .
لقد حدد اوباما  موعدا نهائيا لخروج جيشه من المستنقع الافغاني عام 2014 ،يحاول تطبيق ما وعود به سابقا بالرغم من ان الحملة الانتخابية الثانية ، لم تهتم بالمشاكل الخارجية بل اقتضت على معالجة القضايا الداخلية والانكفاء نحو  الداخل والمحافظة على الدولة الامريكية والابقاء على الإمبراطورية في اطار حدودها الحالي  دون ادخالها في حروب مميته وبخاصة بظل الازمة الاقتصادية والسياسية التي تعانيها امريكا .
في الوقت التي تستعد الادارة الجديدة لطرح استراتيجية جديدة من افغانستان تتعرض ادارة اوباما  لا قوى ضربة في المؤسسة العسكرية والامنية بعد استقالة اقوى جنرالين"ديفيد بترايوس ،وكيل الاستخبارات وجون الن قائد قوات حلف الاطلسي في افغانستان بسبب تعرضهم للفضائح الجنسية التي تناولتهم واعترفوا بها .
طالبان وعودتها الى المسرح السياسي :
بظل الترتيبات الامنية والعسكرية التي تجريها ادارة اوباما في كيفية ترتيب الانسحابات والخروج الامن من افغانستان من خلال توقيع معاهدة  عسكرية بين البلدين للإبقاء على قواعد عسكرية وتواجد عسكري  تراوح عدد جنودها ما بين عشرة الالا لف والخمسة وعشرين، والذي سيبت سريعا فورا تولي قيادة امنية وتعين وزير جديد للدفاع .
يخرج مجددا السؤال العلني الذي يطرح نفسه بقوة لمن سيتوؤل دفة القيادة في  افغانستان بعد الخروج الامريكي من بلاد الحروب  الدائمة؟ .
امريكا اليوم ترى حركة طالبان هي الفصيل الاقوى والاكثر تنظيما والتي حاولت منذ اذار الماضي  فتح باب التفاوض معها بسبب قدرتها على البقاء بالرغم من الحرب الطويلة والشرسة التي شنت ضدها طوال الفترة الماضية اضافة الى تمتع حركة طالبان بغطاء شعبي كبير مركب من الاغلبية البشتونية التي تشكل القسم الاكبر من مكونات الدولة الافغانية ولارتباطها بعلاقات عرقية مع دولة افغانستان من خلال منطقة القبائل في وزير ستان التي تشكل منطقة عسكرية لم تستطع الدولة الباكستانية السيطرة عليها ولا ضربات الجيش الامريكي المستمرة على هذا الاقليم الملتهب ذي الارتباط العرقي مما ساعد على تشكيل مكان آمن لحركة طالبان الافغانية بسبب نشوء حركة حقاني المتشددة والتي وضعتها امريكا في خانة الارهاب الدولي.
الساحة الافغانية مصدر القوة :
جاء تصريح قادة الحركة الاخيرة مفاجئا للقيادة الامريكية :"بانها توافق على أي اتفاق يجريه الملا محمد عمر بشان الانساب والتفاوض على مصير الدولة الافغانية وهي بالتالي تستطيع ان تفاوض وان تمارس عملها العسكري لأنها اقوى من أي وقت مضى، وسوف تواصل الضغط العسكري على قوى التحالف الغربي حتى يتحقق لها ما تريد. و"الامريكي" كما تصفه حركة حقاني المتشددة  ينزف اليوم ويخسر قواه العسكرية في هذه المعركة . لذلك لبد من التسريع بالانسحاب من المستنقع  الافغاني، ونحن اقتربنا من النصر وباستطاعتنا تشكيل حكومة اسلامية في كل البلاد".  لم تستطيع امريكا تحقيق اهدافها العسكرية والامنية في افغانستان طوال الفترة السابقة التي خاضت حملتها العسكرية العالمية ضد الارهاب وها هي حركة طالبان تخرج مجددا للساحة السياسية اقوى وانضج بحسب تصريحات قادتها بانهم سوف والكثرين من المحللين السياسيين والخبراء بالشؤون الافغانية، وان الحركة باستطاعتها   قيادة  البلد بطريقة مختلفة وجديدة عكس ما كنت عليه حالة الحركة عام 2000 في فترة تشكيل امارة طالبان الاسلامية ،لكن امريكا التي تعاني من المستنقع الافغاني ، استطاعت بالدرجة الاولى :
 -التقليل من خسائرها خلال واستعدادها لعملية الانسحاب القادمة.
- فك الارتباط بين طالبان والقاعدة واحتواء القوى المعارضة في الباكستان وتوحيدها ضمها تحت عباءة حركة طالبان .
-فتح باب التفاوض مع الباكستان مجددا بعد ان اضحت علاقات البلدين في مهاب الريح نتيجة استباحت امريكا للقتل الجماعي على الاراضي  الباكستانية، بعد ان اضحت بكستان غير قادرة على السيطرة على حركة طالبان بعد ان كانت غطاء منذ تأسيسها عام 1994،
عودة طالبان سوف يحد من دور ايران التي المتنامي في افغانستان  مما يضعها في مواجهة مع حكومة باكستان السنية ، وعودة طالبان تعني عودة الود مع الدول الخليجية وخاصة دولة قطر التي تم فتح  مكتب تمثيل ،  وايضا مع دول الربيع العربي ذات المرجعية السنية ،عودة طالبان سوف يضمن لأمريكا موقعا متقدما في اسيا الوسطى، ولكن السؤال الذي يبقى غائبا بظل ترتيب الانفراج في العلاقات القادمة التي باتت تظهر على المسرح السياسي من خلال الافراج عن العديد من المعتقلين الطالبان من معتقلات وسجون الحكومة الافغانية الحالية ،كيف ستكون علاقات حركة طالبان بروسيا "العدو " التاريخي للحركة المجاورة لدول اسيا الوسطى ذات التواجد السني الكثيف ؟ هل ستدخل الحركة بمواجهة مع موسكو بظل موقف روسيا من الازمة السورية ،وتقع ادرأه بوتين في مرمى نار الحركة نتيجة مواقف روسيا المتشددة من الاسلاميين ووصفها للربيع العربي انه "اسلامي".
نقلا عن جريدة الرواد اللبنانية العدد 78 التاريخ26 نوفمبر تشرين الثاني 2012  الصفحة12
دخالد ممدوح العزي
كاتب وباحث في الاعلام السياسي والدعاية
Dr_izzi2007@hotmail.com