السبت، 2 يوليو 2011

الثورة السورية: والتعاطي الروسي الجديد:

الثورة السورية: والتعاطي الروسي الجديد:

دارسة : لمواقف روسيا اتجاه الثورة السورية :

أنهى الوفد السوري المعارض زيارته إلى العاصمة الروسية موسكو في 29 حزيران "يونيو "2011 بعد دعوة رسمية تلقها الوفد من القيادة الرسمية في الكريملين وتمثل اللقاء بشخص الممثل الرسمي للرئيس الروسي السناتور ميخائيل مرغليف،والوفد المعارض برئاسة رضوان زيادة .بالرغم من عدم اجتماع الوفد بمثلين من الدبلوماسية الروسية بهيئة وزارة الخارجية ،لكن اللقاء عقد بعيدا عن الوعود والتطمينات التي يمكن يتلقها أي وفد أو يقدمها ،لكن روسيا وضعت نفسها اليوم في موقع الوسط الايجابي بين النظام والمعارضة ،من اجل الواسطة الشريفة والتي تحاول روسيا أن تقوم بها ،لكن الواسطة التي تحاول موسكو لعبها لا تزال بعيدة ،بسبب فقدانها لأي مبادرة قد تحملها موسكو وتقنع بها الطرفان ،لان موسكو لا تزال تصر على الحوار بين الطرفين ،وهذا يعني إخماد نار الثورة الملتهب في المدن والنواحي السورية، لكن الملفت للنظر من الموقف الروسي أثناء الزيارة كان تعبير السياسية الروسية العلني والمختلف لكونها تصر بأنه لا يوجد صديق لروسيا في سورية سوى الشعب السوري ،و القيادة تذهب وتأتي والشعب باق.

روسيا والثورات :

لقد اتسعت الهوة بين روسيا وشعوب المنطقة العربية بعد ربيع الثورات العربية التي عصفت بالعالم العربي والتي اربكت الساسة الروس في اخذ المواقف السريعة ،لقد تأخرت روسيا في اخذ المواقف الداعمة لهذه التغيرات العربية معللة دورها بأنها لا تتدخل في الشؤون الداخلية للدول المستقلة ذات السيادة الداخلية ،وهذا مرض موسكو الروسية المزمن ،التي تعاني بدورها من أمراض الربيع ذات الحراك الشعبي،وخاصة بعد ربيع براغ في العام 1968 الذي أدى إلى احتلال تشيكوسلوفاكيا وقتها ،مرورا بحركات التغير التي عصفت سابقا بحديقة روسيا السوفياتية الخلفية والأمامية في عام 1990 والتي أدت إلى انهيار الاتحاد السوفياتي، والدول الاشتراكية بعد انهيار جدار برلين،مرورا بالثورات الملونة التي كادت أن تغير وجهة الحديقة الروسية في العام 2004م والتي كادت أن تعزل روسيا دوليا، وصولا إلى الربيع العربي التي تلقته روسيا شوكا يابسا،مما أدت هذه المواقف الروسية الحذرة من التغيرات، إلى اتساع هوة الثقة بين المنطقة العربية وشباب التغير، مما اجبر روسيا والقادة الروس على تغير مواقفهم وتلينها تدريجيا بعد أن أصبحت الهوة كبيرة بين الأنظمة القمعية والشعب المصر على التغير. بالرغم من الموقف الروسي المؤكد على أهمية التغيير السلمي ونبذ العنف، والدعوة إلى الحوار والحل السياسي ضمن الأطر القانونية وعلى أساس الوفاق الوطني، ورفض استخدام القوة من جانب السلطة في مواجهة المواطنين دون تنديد أو شجب يمثل انتقادا مباشرا للسلطات الحاكمة. وقد اقتصر ذلك على السلوك اللفظي ممثلاً في تصريحات المسؤولين الروس والبيانات الصادرة عن وزارة الخارجية الروسية دون تدخل مباشر أو طرح مبادرات أو محاولة وساطة مباشرة، في كل الثورات بلا استثناء.

موقف المعارضة السورية من روسيا :

في العام 1973 في حرب أكتوبر ضد العدو الإسرائيلي،كانت روسيا في العالم العربي تمثل القوة المدافعة عن العرب والصديق الوفي لقضية العرب في حربهم ضد الصهيونية والامبريالية العالمية،مما دفع بالعديد من العائلات العربية تسمية أبنائهم"بأسماء الأسلحة التي استعملت في حرب رمضان "سخوي، فنتوم، غراد ، سام ،روسيا" عرفانا بالجميل لروسيا السوفياتية ،لكن اليوم اختلف ففي كل المظاهرات العربية وخاصة السورية يتم حرق الأعلام الإسرائيلية والروسية،والابتعاد الشعبي عن روسيا وعدم الثقة بسياستها، باعتبارها حامية ومدافعة عن الأنظمة الدكتاتورية العربية ،وهذه المواقف الغير واضحة في السياسة الروسية بالنسبة لشعوب المنطقة تمهد لقطع العلاقات من روسيا في المستقبل بحال تغير الأنظمة الحاكمة . لذا ذهبت المعارضة إلى روسيا من اجل عرض موقفها وطرحها المستقبلي،وهذا النهج اتبع مع المعارضة الليبية حين تم استقبالها في روسيا ،فالمعرضة السورية وعلى لسان رئيس الوفد المعارض رضوان زيادة شخص المشكلة بان على روسيا أن تلعب دورا مميزا في مستقبل سورية الجديدة دون الدفاع عن نظام بائد مصيره الذهاب، وهناك عدة نقاط تم تحديدها وتم تكليف روسيا القيام بها ومن أبرزها تسليم السلطة سلميا إلى نائب الرئيس لكي يتم التمهيد لتشيل حكومة انتقالية .

موسكو والثورة السورية الجديدة:

يرى محللون سياسيون وخبراء استراتجيين،بان روسيا الذي أغضبها التدخل العسكري الدولي ،في ليبيا ترفض التعاون مع هذه الدول الراعية في ممارسة الضغط على سورية،حرصا منها على صون علاقاتها الوثيقة مع هذا البلد .
يصر الخبير الروسي "اكسندر فيلونيك"أستاذ الدراسات الشرقي في معهد الاستشراق في أكاديمية العلوم الروسية ،":لقد رأت روسيا ما جرى في ليبيا،ويمكن افتراضا منطقيا بان موقف روسيا من سورية سيكون أكثر صرامة من موقفها بشان ليبيا،"احتمال أن تأخذ الأحداث في سورية منحى مشابها لما يجري في ليبيا مما يثير قلق روسيا ".
إن موقف روسيا من مشكلة ليبيا مع المجتمع الدولي كان بسيط اذهبوا بأنفسكم إلى ذلك الميدان الملغم . أما بالنسبة إلى سورية موقفها أكثر بساطة، المنطق يدعو روسيا بان تقول لا.
لان المشكلة أصبحت اكبر من توافق أو لا توافق، موسكو لا تريد لنفسها أن تكون شبه ملحقة بالقرار السياسي الأمريكي الذي يطلب منها الموافقة على أي قرار يريده دون الأخذ بمصالح روسيا المنطقة،وتجاهلها وتجاهل دورها وقدرتها.
العلاقة مع نظام سورية ليس على حساب شعبه،كما تصور النظام السوري الذي خرج بمظاهرة كبيرة في سورية كتبت على يافطاتها، شكرا "روسيا والصين" وكان النظام يظن بان روسيا تعطيه كرت ابيض بإجرامه وبطشه،طبعا ليس الوضع على يتصوره النظام السوري :
-أولا من خلال تصريح وزير الخارجية الروسي" سرغي لافروف"، الذي دعا السلطات السورية إلى معاقبة المسؤولين عن مقتل المتظاهرين خلال مواجهات مع قوات الأمن السوري.
-ثانيا من خلال مواقف روسيا السابقة التي تعارض وتحاول الدخول بواسطة،ولكنها بالنهاية لا تعارض القرارات الدولية، وكلنا يذكر جيدا موقف روسيا من العقوبات الاقتصادية على إيران والتي روسيا أيدتها ولم تعارض المجتمع الدولي.
- ثالثا روسيا التي تحاول أن تفعل شيء قبل فوات الوقت للنظام الذي كان محسوب عليها وقريب من روسيا.
-رابعا روسيا تعمل بالدرجة الأولى لحساب مصلحتها الأساسية التي من خلالها تحاول أن تفرج عن شيء مقابل سيء خاص بها، وهذا قانون الدبلوماسية العالمية وروسيا أصبحت فنانة في إدارة العلاقات الدبلوماسية الدولية .
العلاقة الروسية - السورية :
لقد تمثل موقف روسيا بالنسبة لسورية من خلال موقف نائب سفيرها في الأمم المتحدة بانكين،الذي أكد بان: "الأزمة في سورية لا تشكل خطر على السلام والأمنيين الدوليين،وإنما الخطر الفعلي والحقيقي على الأمن الإقليمي قد يأتي من تدخل خارجي،أن مثل هذه الأساليب تؤدي إلى دوامة عنف بلا نهاية وقد تسبب في حرب أهلية"
بالطبع روسيا لا تريد توتر حاليا العلاقات مع البلد الذي تربطها به علاقات قديمة منذ الحقبة السوفياتية، بالوقت الذي زار سورية أول رئيس روسي فكان الرئيس الحالي "ديميتري ميدفيديف" في العام 2008، والذي وعد بتنمية التحتية في قطاع الغاز والنفط وبناء محطة نووية.بالوقت التي تشتري سورية الجزاء الأكبر من أسلحتها من روسيا ،وسورية كانت من الدول القليلة التي دعمت التدخل العسكري السوري في "اسيتيا الجنوبية" عام 2008،منطقة جورجيا الانفصالية الموالية لروسيا. فإذا كانت اليوم روسيا تحاول إيجاد مخرج مناسب للنظام السوري للخروج من أزمته،من خلال مواقفها الاعتراضية على التحركات الدولية، لا يعني هذا بأنها ستقف وراء أخطاء النظام السوري وتعاطيه مع الشعب بهذه الوحشية والقمعية ، ولن تقف روسيا ضد الشعب وتحمي النظام وهذا الوضع بالطبع لن يدوم كثير،روسيا التي سوف تجد نفسها وسيط نظيف أو مساعد في حل الأزمة السورية. فإذا كان الرئيس السوري يبلغ نظيره الروسي ميديفيديف أثناء اتصال هاتفي بتاريخ 24ايار 2011 ،بأنه عازم على محاربة القوى المتطرفة في سورية وإحباط قدراتها، لكنه لم يستطيع حسم المعركة مع الشعب المطالب بإسقاط النظام .

نصائح ميدفيدف للاسد باصلاحات سريعة :
لكن الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف كان السباق بتقديم الصيحة للرئيس السوري وفق معلومات خاصة منشورة، وأشار على نظيره السوري بأخذ تجربة آخر رؤساء الاتحاد السوفييتي ميخائيل غورباتشيوف في الاعتبار. غورباتشوف الذي انتخب عام 1985 أمين عام الحزب الشيوعي السوفيتي،الذي كان وراء نشوء نظرية "البيريسترويكا" كسبيل للخروج من الأزمة الشاملة التي كان يمرّ بها البناء الاشتراكي نتيجة الخلل والفساد الذي تراكم على امتداد عقود من الزمن استمرّ في التبشير بهذه النظرية على مدى ثلاثة أعوام قبل أن ينفرط عقد الاتحاد السوفيتي وتنهار دوله ويخرج غورباتشيوف من السلطة ويحلّ محلّه بوريس يلتسين.،في تجربة مريرة وأليمة لروسيا الاتحادية دامت ثماني سنوات عندما انتهت بانتخاب الرئيس فلاديمير بوتين.ومن خلال المعرفة الحيثية لمسار تجربة "الغلاسنست والبيريسترويكا" فإن مسارعة غورباتشيوف إلى تطبيق الإصلاحات التي روّج لها كانت ستوفر للاتحاد السوفييتي السابق الوصول إلى اقتصاد مختلف عمّا حصل في مرحلة لاحقة، لكنه أجهض بنفسه المسار المفترض والطبيعي للأمور ممّا أدى إلى ضياع "ثروات" علمية وتكنولوجية كبيرة إذ أضاع 3 سنوات في الكلام على الإصلاح ولم ينفّذه كما لم يفسح لانتقال تدريجي من سيطرة الدولة إلى القطاع الخاص وعدم القفز إلى هذا الأخير دفعة واحدة ممّا سهّل اختلال روسيا والدول التي كانت تدور في فلك الاتحاد السوفييتي قبل أن تستقر.
الموقف الروسي الاولي من الثورة السورية :
روسيا التي تعمل وفقا لاستقلالية خاصة بها لأنها لا تريد أن ترى نفسها مجبرة على اللحاق بالمواقف الأمريكية والغربية،من خلال موافقتها التلقائية لكل القرارات التي تأخذ في مجلس الأمن،دون الوقف أمام مصالح روسيا الخاصة، وحقوقها المستقبلي،حول دورها في هذه المناطق ،أو الدول الذي يتغير فيها الحكم ،والعراق كان المثل الحي لروسيا . إذا كانت روسيا لا تطمح إلى لعب دولي مميز في خارطة الدول السياسية ،لكن هذا لا يمنع أن يحافظ على مصالحها الاقتصادية والتجارية ،في دول ربطتها علاقة لعقود طويلة .
طبعا إن لإستراتيجية الروسية الجيدة المتعامل بها مع كافة الدول والتي بدأت تتغير من تحالفات إيديولوجية إلى تحالفات اقتصادية،روسيا التي لها باع طويل في صراعها مع أمريكا، تعرف متى وكيف ترفع الصوت بوجهها،من اجل الوصول إلى مكتسبات خاصة،يمكن التفاوض عليها والتي تهم بالدرجة الأول دول الاتحاد الروسي،وحديقتها الخلفية التي تعتبر مركز نفوذ تاريخي لها ،فإذا روسيا لن تأخذ بنصائح روسيا،لن تصارع روسيا العالم من اجلها.
ومن هنا نرى تصريحات روسية تقول بأننا لا نريد أن نتحول إلى فترة الحرب الباردة من خلال نشر أسلحة الدرع الصاروخية مجددا في مناطق أوروبا الشرقية المحاذية لروسيا، بعد أن حسم هذا الملف ليعود مجددا إلى ساحة الصراع الدولي .

لقد أشار الرئيس بوتين بحديث هام جدا يتعلق بروسيا ودول الاتحاد الروسي وخلفيتها على اثر الاحتجاجات في ليبيا بأنه يخاف من انتقل ألعدوه العربية ،"عدوت الثورات" إلى الفضاء الروسي ،في مناطق النزاع المتوتر في بلاد القوقاز. من هنا يأتي الموقف الروسي الرسمي الدائم الذي يقول بأنه لا يجب التدخل في أية دولة وفي شؤونها الداخلية ذات السيادة المستقلة ،وهذا ما عبر عنه الرئيس بوتين بتريح في 26 نيسان "ابريل "2011:" لماذا التدخل في ذلك النزاع،،،"الليبي" ،،،أليس لدينا أنظمة أخرى عوجاء في العالم ؟؟؟هل سنتدخل في كل مكان النزاعات الداخلية؟؟؟هل سنقصف كل الدول. إذا الموقف الروسي موقف تابت وغير متغير من مسألة التدخل بالشؤون الداخلية. ولكن هناك استدراك للموقف الروسي من خلال تطور موقفها في ليبيا الذي أقرت بتمثيل المجلس الانتقالي، ومن ثمة لاحقا في استقبال وفد المعارضة السورية.

سورية الأسد وروسيا الاتحادية:

يكتب غسان شربل في صحيفة الحياة اللندنية مقالة بعنوان "القرارات الصعبة بتاريخ 13 حزيران" يونيو " 2011" والذي أعرب فيها عن أمله بألا تقع سورية في خطأ الإسراف في الرهان على الموقف الروسي". ولبد من التذكير بان روسيا الحالية هي غير روسيا القديمة أو الاتحاد السوفياتي، روسيا التي تنظر لعلاقاتها وتحالفاتها من خلال مصالحها الاقتصادية الهائلة مع أوروبا لا تقارن بمصالحها مع سورية، على رغم أهمية الأخيرة خصوصاً لجهة توفير موقع على المتوسط . فإن التفكير الروسي الجديد لا يعتمد على التحالف الإيديولوجي الذي انتهى وقته منذ زمن وإنما مع المصالح الاقتصادية والمالية. "ومن خلال هذه الإستراتيجية رسمت روسيا دورا بدأنا نلاحظ فيه، الاختلاف، والصراع التي تخوض غماره اليوم مع الأمريكان على عدة أمور منها:" تعددية القطب الواحد، الحديقة الخلفية لروسيا ،ملف إيران النووي، المحافظة على مصالحها الخاصة في مناطق نفوذها التاريخية ، عدم محاصرتها من خلال توسيع حلف الناتو في الجمهوريات السوفيتية السابقة على حسابها" وهذه الرسالة التي أرسلتها روسيا للعالم في حرب جورجيا في أب"أغسطس"من العام 2008 ...الخ ".

السلاح الروسي :

لقد أتبت السلاح الروسي قدرته العالية في استخدامه لقمع الجماهير العربية المنتفضة، على الأنظمة والتي استخدمت هذا السلاح في حربهم ضد الداخل بدل استعماله ضد الخارج وتحديدا ضد العدو الإسرائيلي، كما كانت هذه النخبة العسكرتيرية تروج لهذه الأنظمة بناءا لعملية التوازن الاستراتيجي في إقامة معادلة التوازن العسكري بين العدو والأنظمة العربية من اجل الحرب القادمة،لكن هذه الأنظمة نجحت في فعل أحداث توازن رعب في داخل الأنظمة نفسها،لكن اليوم بات هذا السلاح ضروري في الاستخدام ضد الشعب،كما هو حاصل في كل من ليبيا ،اليمن وسورية، فكان للدبابات الروسية 72 دورا هاما في محاولة إخماد الثورات العربية ، كما كان للرشاشات "ال بي كي سي"، والطائرات المروحية والمدافع المباشرة ،ونقلات الجند "بي ام بي" وصواريخ "الغراد ".لكن السؤال الذي يطرح نفسه اليوم هل يحقق دور موسكو الرافض لأي قرار إدانة قد تصدر عن مجلس الأمن الدولي يدين بها النظام السوري.

فالموقف الروسي الرافض والمتعنت من إي إدانة دولية للنظام السوري من خلال قرار أممي في مجلس الأمن الدولي ، خوفا من إدخال المنطقة بحروب خارجية كالتي حصلت في ليبيا،بالرغم من تصريح مبعوث الرئيس الروسي "مخائيل مرغيلوف" من بنغازيفي 10 يونيو/حزيران ،والذي يقول فيها بأنه على موعدا قريب بلقاء وفد من المعرضة السورية في موسكو والتي تمت فعليا بزيارة الوفد المعارض في أواخر حزيران ،وكأن روسيا تقول للعالم سوف احسم موقفي إذا أتت المعارضة إلى روسيا،وإذا كانت هناك من ضمانات دولية مؤكدة لا تسمح بتكرار سيناريو ليبيا.

بالرغم من الخوف الذي يسيطر على روسيا لكنها تقر وتعترف بان عملية الانتقال يجب أن تتم على أيدي السوريين أنفسهم دون التدخل الأجنبي،كما صرح بها المتحدث باسم الخارجية الروسية الكسندر لوكاشيفيتش،وكذلك يجب إعطاء القيادة السورية وقتا كافيا لإتمام الإصلاحات التي وعدة بها ،وتنفيذ الأفعال بدلا الأقوال .

الموقف الروسي الجديد من الثورة:

تكمن مشكلة النظام السوري بأنه بعيدا جدا عن القراءة الجيو- سياسية والتغيرات التي تعصف بالعالم ككل،لكنه اعتمد الحل والنظرية الأمنية هذا تصريح بوتين رئيس وزراء روسيا من فرنسا في 21 حزيران، "يونيو"من هذا العام ، والذي يضع مصير القتلى في سورية على ضمير الرئيس بشار الأسد ويقول بأنه لا يمنع من الضغط الدولي على سورية دون التدخل العسكري الغربي فيها ، والذي يخيف موسكو هو التدخل العسكري تحت غطاء أممي كما حدث مع ليبيا في اتخاذ القرار الدولي بحماية المدنيين ،وهنا يشير بوتين ضمنا إلى طلب ضمنت دولية حول أي تحرك مستقبلي باتجاه سورية ،ويصر بان سورية ليست حليفة لروسيا وانتهى عصر التحالفات الإيديولوجية السابقة،واليوم تقوم الإستراتيجية على الاستفادة الاقتصادية المتبادلة بين الدول ، فسورية هي الأقرب إلى فرنسا وأمريكا منها لروسيا لان سورية نامت في الأحضان الغربية و فرنسا في أيام الرئيس "نقولاي سركوزي"،كانت عراب هذه العلاقات الجديدة ومفتاح الانفتاح على النظام السوري ، وحسب تصريح بوتين بان روسيا ليس لها إي أطماع عسكرية واقتصادية في سورية. وهذا ما يؤكده رئيس معهد التقييمات الإستراتيجية بموسكو ألكسندر كونوفالوف، يقول بأن روسيا لن تتيح تكرار خطأ القرار الليبي. ويعتقد الخبير، إذا لم تمرر بشكل أو بآخر إمكانية التدخل العسكري، فإن روسيا يمكن لها “تمرير” القرار.

ولنفاذ القرار يجب أن تصوت عليه تسع دول من أعضاء مجلس الأمن، بما في ذلك عدم اللجوء إلى “حق الفيتو” من قبل الأعضاء الدائمين الخمسة في هذا المجلس.

وإذا امتنعت روسيا و الصين، فإن مشروع القرار سيُعتمد، حتى لو صوتت ضد ذلك دول مثل لبنان وجنوب أفريقيا والهند والبرازيل. ويشير خبراء إلى أن روسيا يمكن أن تمتنع عن التصويت، ما سيجعل الصين تقليدها في الموقف

إضافة إلى الحديث الصحافي الذي أدلى به الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف إلى مجلة" فنينا نشيال تايمز" في 19 حزيران يونيو من هذا العام بأنه متعاطف مع الرئيس الأسد إنسانيا، لأنه يعاني من ظروف صعبة، الأسد تأخر في إدخال الإصلاحات، بالرغم من رغبته في الإصلاح وسقط ضحايا كان يمكن أن لا يسقطوا،بالطبع يتحمل مسؤوليتها من هم في السلطة ،لأننا ابلغنه بأنه عليه أن يجري إصلاحات والتحضير لانتخابات حرة والجلوس على طاولة الحوار مع المعارضة،لأننا لا يمكن مساعدته كما حصل مع القرار 1973 مع ليبيا.وتأكيد على تصريح السناتور مرغيلوف في موسكو بان صديق موسكو الوحيد هو الشعب السوري يعني بأننا أصبحنا فعليا أمام تغير في الخطاب الروسي الرسمي.

روسيا إذا تساوم الغرب على الحفاظ على مصالحها الخاصة والتي تهم دولة الاتحاد الروسي ، ومن هنا لبد من الإشارة بان صقور الكريملين في روسيا لا يدافعون عن نظام راحل دون عودة ولا يستطاعون تحمل جرائم النظام السوري الذي يرتكبها ضد شعبه .



فأمام هذا التحول في الخطاب الروسي المتوازي مع الخطاب الدولي في رفع النبرة ضد نظام الأسد،وبظل تمدد الحراك الداخلي السوري الخارج وعن انضمام المزيد من المحتجين إلى حركة الثورة السورية،وبظل فشل الحل الأمني والعسكري في الإطباق على المدن من قبل القوات العسكرية ،وبظل المشاركة القوية للمدن المحتلة ،لبد من القول بان النظام السوري يتلاش شيا فشيا ،أمام حركة الشارع اليومية والتي تمنع النظام السوري من الصمود بوجه قوته .

Dr_izzi2007@hotmail.com

د.خالد ممدوح العزي.
كاتب صحافي، محلل سياسي، وخبير استراتيجي في الشؤون الروسية ودول الكومنولث.

الإعلام الفضائي في العراق الجديد ودوره

الإعلام الفضائي في العراق الجديد ودوره

لم يعد الإعلام ورقة وقلم فحسب ،إنما تعدى ذلك بعد الثورة التكنولوجية التي عمت العالم في أواخر العقد الأخيرمن القرن العشرين. فأصبح العالم قرية صغيرة على أثر التطور الكبير في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات .ظهر الإعلام العربي بمختلف وسائله المقروءة والمسموعة والمرئية والقنوات الفضائية ومواقع الإنترنت ليقف جنباً إلى جنب مع الإعلام الغربي وشريك أساسي في نقل الخبر ، وربما تفوق في ذلك من حيث سرعة الوصول للمتلقي وتقديم التسهيلات بلا تكاليف مادية، وبأعداد غير محدودة من القنوات الفضائية العربية والعراقية . ففي العراق الجديد، تم إنشاء إعداد كبيرة من القنوات الفضائية العراقية التي تبث من العراق أو من خارجه. لقد امتلكت معظم الإطراف العراقية محطاتها الفضائية ،هناك محطات جنوبية، وشمالية وغربية ،محطات علمانية وقومية وإسلامية ، ومناطقية واثنيه للأقليات العرقية التي تعيش على ارض العراق ،العراق المتنوع والغني في ثقافة شعبه ومواطنيه، المتشعب القوميات المختلفة،والانتماءات المتنوعة ، فهذا يعني بان العراق يعيش حالة جديدة من الديمقراطية والانفتاح على كل شيء وخاصة بان البلد لايزال يلملم جراح الحرب التي مازالت تسنزف دم شبابه،وثرواته الاقتصادية والبشرية والعلمية،لقد حاولنا معرفة اسماءها التي تعذر علينا بسبب الكمية الكبيرة للمحطات ولتنوع أسماءها ،ولكن الهدف الأساسي ليس دراسة الأسماء أو ألاماكن التي تبث منها هذه المحطات ،لكن الدورالذي تقوم به هذه المحطات الإعلامية. من القنوات التي تسنى لنا معرفتها أثناء متابعتنا للقنوات العراقية والتي نذكر منها القنوات التالية :" الفيحاء ، البغدادية ،صلاح الدين ،بغداد، الانبار ،بلادي، الرافدين،العدالة،أشور ،البابلية ،الاتجاه،أهل البيتasc،الغدير الدينية الفرات ،السلام،الأنوار ،السومرية،العراقية ،الشرقية ،الكوثر،الزهراء،العراقية التربوية،العراقية الاقتصادية ،تلفزيون كوردستان،التركمان،المنصور ، العراقية الرياضية ،الكردية للأطفال، والعديد من المحطات الكردية والمحطات الأخرى الغنائية" التي لم نستطع معرفتها كلها.إذا كان نمو المحطات الفضائية بهذه الطريقة السريعة تعود لسيطرة التلفزيون على الحياة في العالم والعراق جزء من هذا العالم ،والتلفزيون هو الوسيلة المهمة لتوصيل الرسالة للمتلقي"الجمهور" الذي يتم التوجه إليه و مخاطبته من خلال هذه الوسيلة الإعلامية السريعة .طبعا لم نفاجأ أبدا بهذه الكمية الكبيرة من المحطات الفضائية في بلد مثل العراق بلد الثقافة و الشعر والأدب و بلد المرجعية،فالذي يكتب في مصر ويطبع في لبنان يقرأ في العراق. ولكن الذي لفت نظرنا ثلاثة مسائل أساسية وهي :

1- محطة الحرة الفضائية: الذي أسسها الكونغرس الأمريكي كمحطة فضائية ضخمة بعد عملية غزو العراق والذي ضخ فيها أموالا كبيرة تبث مباشرة من واشنطن هدفها الأساسي هو تبيض صورة المحتل الأميركي الذي غزاالعراق ، من خلال خطاب إعلامي هادف يحاول إظهار حالة المحتل وهدفه الأساسي التي تمكن الأميركي من فعله طوال فترة الاحتلال وإبراز الصورة الجميلة للسياسة الأمريكية في المنطقة والعراق خاصة ولان مهمة الحرة الأساسية هي بالأصل إيديولوجية ،

2 غياب التلفزيون العراقي الرسمي ، أن كثرة المحطات الفضائية ونمو حالة الإعلام في العراق هي حالة من العافية التي يتبعها النظام الحالي بالرغم من الملاحظات الكثيرة التي يمكن إن تسجل عليه والتي تمحيها الحالة التي يعيشها النظام وشفائه البطيء من حالة الفوضى التي عصفت به من العام 2003،لكن هذه الحالة لم تعف ابدا من سياسة بناء تلفزيون وطني عراقي رسمي جامع لكل العراقيين ،مهمته الأساسية هو اضهار صورة العراق كدولة، وحضارة وتاريخ ووطن لكل ابنائه ،هذا التلفزيون هو الناطق الرسمي باسم جميع العراقيين وقياداته الحالية .

3 الغياب الفعلي لإستراتيجية إعلامية عراقية هادفة ،من خلال تأسيس تلفزيون وإعلام هدفه الرئيسي الدفاع عن العراق ،عراق التاريخ ،عراق الشعب ،عراق الحضارات ،عراق المرجعية الدينية للمذهب "الشيعي ألاثني عشري" عراق الكوفة مركز الإمام علي بن أبي طالب ،العرق عراق الرشيد،عراق دجلة والفرات بلاد مابين النهرين ، عراق الحضارة البابلية والأشورية والسومرية،عراق حضارة 5000 سنة"لهذا كله يجب أن تبنى إستراتجية إعلامية كبرى موجهة للدفاع عن كل هذا الإرث الذي يحاولون سلبه وتهميشه ،لتبنى محطات بلغات أجنبية تخاطب شعوب العالم كله وتشرح له كل هذا كما تم بناء محطات أجنبية من دول كبرى لتخاطب الشعوب العربية بلغتها من خلال سياستها الرسمية،لتكن هذه المحطات الكثيرة حجر الأساس نحو هذه الإستراتجية ،والاستفادة من خبرات كل العاملين في هذا المجال الإعلامي والتقني .
لايزال الخطاب الإعلامي العراقي بالرغم من كثرة عدد المحطات التلفزيونية، والإذاعية، والصحف إلا أنها تفتقد لخطاب وطني جامع .وبعضعها يقدم الخطاب الطائفي او الاثني على الخطاب الوطني الجامع الذي هو بأمس الحاجة اليه العراق الأن.فالطفرة الاعلامية العراقية والعربية التي نعيشها اليوم على الرغم من اهمية الحرية الصحافية وحرية الراي كحاجة ملحة لتطوير مجتمعاتنا .الا انها تفتقد للتنافس الموضوعي من خلال عملية السبق الصحافي الذي تحاول بعض القنوات من الظهور فيه،من خلال هذه الميزة أو لبعض العاملين في المحطات الإعلامية .

رغم الحالة المراهقة التي يعيشها الإعلام العراقي من تخبط إلا أن الأمل موجود ومعقود على الفئة المثقفة التي ستغلب بإذن ربها والتي تسعى من خلال الطرح المتزن إلى احترام عقول ومشاعر المتلقي وتكريس مقومات الفضيلة ونبذ المغالطات والمشاحنات ودعم البرامج الهادفة والبناءة والتي تحاكي اهتمامات الإنسان في أرجاء العراق و الوطن العربي.

الدكتور –خالد ممدوح ألعزي

باحث إعلامي ومختص بالإعلام السياسي والدعاية .

Dr_izzi2007@hotmail.com

الأحد، 26 يونيو 2011

سورية: مظاهرات مستمرة، جمعة وراء جمعة، نزوح متوالي، والضحايا في ارتفاع يومي والنظام في انتظار المجهول.

سورية: مظاهرات مستمرة، جمعة وراء جمعة، نزوح متوالي، والضحايا في ارتفاع يومي والنظام في انتظار المجهول.

مئة يوم من المظاهرات في سورية، 100 يوم من المواجهة الشرسة مع نظام بشار الأسد الأمني ،ومقارعة فرق الموت والكتائب الأمنية وشبيحة النظام ،100 من التصدي لكل أنواع العنف الذي يمارسه النظام السوري الأمني الإستخباراتي ممثلا بالحرس الجمهوري والأجهزة الأمنية والفرقة الرابعة، وكل البعثتين والمستفيدين من نظام البعث البائد، مئة يوم من الانفراج في حياة الشعب السوري والثورة السورية ، وليس مئة عام من العزلة كما روى الكاتب ألأممي غبريال غرسا مركيز في روايته الشهيرة مئة عام من العزلة "،جمة وراء جمعة تظاهرات مستمرة مسيرات ليلا نهارا،روافد شعبية متزايدة ،رقعة التظاهرات تنتشر باستمرار ،تظاهرات في حلب وجامعتها وريف دمشق بالرغم من سلاح القتل والفتك والبطش التي يمتلكه النظام السوري والذي يوجه ضد شعب اعزل دنيهم الوحيد أنهم يطالبون بالحرية والديمقراطية ،وهذه المطالب تعني إسقاط النظام ،نظام البعث والعائلة الحاكمة ،نظام الفساد والإجرام ، تظاهرات سلمية شعبية منظمة الصوت قوتها وغصن الزيتون شعارها ،لكن النظام يرفض رفضا باتا إبقائها سلمية كما تبغي ،من خلال ارتكابها لا فضع أعمال العنف والترهيب ضد شعب اعزل خالي من أي سلاح،تاركا دماء السورين تسيل أسبوعيا ويوميا ،لكي يبعدها عن سلميتها،لقد أدهشتم العالم بثورتكم .

جمعة إسقاط الشرعية :

جمعة جديدة يخرج فيها السورين إلى شوارع المدن والنواحي في القطر السوري ليسجل أعلى نسبة مشاركة منذ بداء الحراك الشعبي في سورية ،حسب وكالة رويتر ،والذي بلغ عدد المشاركين بحوالي 3 مليون شخص نزلوا في جمعة إسقاط الشرعية بتاريخ 24 حزيران"يونيو "2011 ليقولوا لبشار الأسد لا وألف لا ، هذه التسمية والتي لها مدلولات حسية على الأرض من خلال الرفض الفعلي لشرعية الرئيس الناقصة في ثمتيل الشعب السوري،بهذه التسمية التي عمدة إلى تسميتها منسيقيات الثورة السورية،لكونهم يردون على خطاب الرئيس بشار الاسد المرفوض جملة وتفصيل بعد ان طال انتظاره وتوقع الجميع من محاولة معالجة الأزمة بالصدمة الايجابية .

وانطلاقا من ذلك قررت المنسيقيات السورية قطع الطريق النهائي أمام الرئيس الأسد من خلال طرح مسالة الشرعية التي باتت مفقودة مع رئيس يصر على قتل الناس ويصف شعبه بالمجرمين والإرهابيين ، وممارسة الحلول الأمنية للسيطرة على المدن من خلال القتل الجماعي الذي ت تركبه قواته بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة.

نجحت دعوة المنسيقيات السورية بالخروج إلى الشوارع وباستقطاب جمهور جديد ينظم إلى حلقة الاحتجاجات الشعبية ،بظل ممارسة القتل وحركة النزوح المستمرة التي تفرضها عصابات المرتزقة على الشعب السوري من اجل الفرار نحو الحدود اللبنانية والتركية ،والتي سجلت حركة النزوح الرسمية نحو البلدين 17 ألف لاجئ سوري ، لكن حسب معلومات غير حكومية تؤكد بان حركة النزوح بلغة أكثر من 70 ألف لاجئ،وهذا الوضع ما يلق السياسيين الأتراك .

خطاب الأسد:

مما لاشك فيه ببان الأسد أضاع فرصة تاريخية في خطابه الذي انتظره العالم بأجمعه ضننا منهم بان الأسد سوف ،يقدم على طرح مواضيع إصلاحية سريعة تقوم على امتصاص نقمة الشارع والعالم بعد أن أضحت سورية وشعبها رهينة بيد سياسة الأسد الكيدية ورجاله المجرمين.

لكن العالم لم يفهم من شرح الأسد الفلسفي الديمغوجي الذي عمد إلى اختيار مصطلحات فلسفية وقانونية وطبية ،بعيدا عن التبسيط والواقع التي تمر به سورية،لان الدم لم يجف من الشوارع والأهالي لم تدفن موتها ،فكان التبسيط من خلال تقسم فئة المجتمع والذي نحاول جهدا التسليم بتقسيم الأسد للمجتمع السوري ،لكننا لم نستطيع ،فإذا اقر الرئيس الأسد بان مطالب الفئة الأولى هي الأكل والخبز ،فان ذلك يعني بوجود أزمة ،فالسؤال الذي يطرح نفسه إذا ،؟؟؟طالما إن هناك مشكلة في الداخل السوري ،فلماذا الإمساك إذا بالورقة اللبنانية والعراقية والفلسطينية،والمناكفة مع دول الجوار"الأردن والسعودية "طالما الشعب محروم من الخبز فكيف كنت تبني رويتك الإستراتيجية بان سورية بعيدة عن كل ما يجري في الوطن العربي من حراك شعبي.

السؤال الثاني الذي يطرح نفسه؟؟؟ أيضا إذا كان الإرهاب اليوم ينخر سورية ويتفشى في مناطقها منذ مدة ،فما هي الصلة أذا التي تربطكم بالتنظيمات التكفيرية التي بنيتها لتهديد آم العراق ولبنان والأردن ومقايضتها مع العربية السعودية،عندها لم تكن هذه القوى إرهابية تحاول العبث بأمن سورية ،فالنظام الذي يهدد من محاولة الحرب المذهبية يعمل على تسعيرها من خلال وصف جماعة كبيرة من الشعب السوري بأنهم سافيين وتكفيريين ويسعر إلى لهيب حرب طائفية الشعب والمعارضة تبتعد عنها.لذلك أضاع الرئيس بشار فرصة ثمينة في أنقاض سورية من إراقة الدماء الطاهرة والنقية التي تسيل على مدبح الحرية .

التحدي والمناكفة :

فالرئيس بشار الأسد في خطابه بشر العالم بإعطاء دروس في الديمقراطية التي سوف تكون سورية أنموذج مميز لهذه الديمقراطية الجديدة، في القتل والتعذيب واحتلال المدن وتهجير أهلها ،لقد فرفض كل النصائح التي قدمت له من جميع الحلفاء والأصدقاء بمن فيهم تركية التي تمارس ضغط شديد على نظامه بعد أن باتت المسالة تعني تركية مباشرة من خلال الأمن القومي الذي يهدد يوميا من خلال عربد الجيش السوري جانب الحدود المتفق على نزع كل الأعمال العسكرية منها من قبل الطرفين ،إضافة إلى تفاقم أزمة النازحين التي باتت بدورها مشكلة إنسانية عالمية تشكل خطر على تركية التي لا تستطيع تدفق كثرة القادمين إليها هربا من القتل والاعتقال.وهذا يأتي كله بعد فشل موفده إلى تركيا "حسن التركماني" بإقناع تركيا بعدم ممارسة مزيدا من الضغوط على سورية أو العدول عن مواقفها الثابتة المعترضة النظام السوري ،وفشله في إدارة الأزمة السورية الحالية ،من خلال تصرفه البشع مع شعبه،وهذا أدى بسورية بالذاهب سريعا إلى إيران بإرسال مستشار الرئيس للشؤون الإيرانية "محمد نصيف خير بك" للشكوى من تصرف تركيا وقطر الضاغطتان على نظام بشار الأسد ،عله يلاقي هذا التأيد في إيران ونظامها .

لكن تركيا التي فوضت بإدارة الملف السوري لن تسمح بخروج نظام بشار الأسد منتصر من هذه الأزمة مهما قامت بسيرته ،لان انتصار الأسد هو حصار تركيا نفسها الطامحة إلى لعب دور مميز من المنطقة العربية ،فتركيا لن تساهم بنمو حلف جديد ضدها مكون من "إيران ،بغداد ،سورية لبنان".

مابين خطابين :

المقارنة مابين خطاب الملك المغربي والرئيس السوري ،فإذا قمن بقراء موضوعية للخطابين الذي قدمهم كل من العاهل محمد الثاني ،ملك المغرب ،وبشار الأسد رئيس سورية بناءا لعواصف التغير التي تهب في دولهم ،والتي فرضت عليهم هذه الأحداث أن يحاول تقديم حلول خاصة للازمة من اجل إخراج البلاد من مشاكل داخلية قد تؤدي إلى حروب داخلية .

فالمغربي لم يقدم كل شيء للشعب من خلال خطابه وتحويل المغرب الى ملكية دستورية ،لكن فتح الحلول من خلال تقديم خارطة طريق تقوم ببعض الإصلاحات التي لا تزال تتطلب نضال طويل من القوى المغربية لكي تنفذ كامل خططها المطالبة بالإصلاحات والتغيرات الجذرية،لكن بشار اقفل كل الطرق أمام أي إصلاح مستقبلي ،لقد اقفل كل أبواب التي تعمل على التغير فكأنه اقر ضمنيا بأنه يتخلى عن جزاء بسيط من الصلاحيات ويستطيع ان يضحي بالحزب ،وجعله حزب مستفيدين ورجال أعمال والخ كالحزب الوطني في مصر ،لقد اقفل البواب ورمى بالمفتاح إلى الخارج .فالرئيس الأسد يراهن على سياسة الانتظار ،لكن انتظار ماذا لا احد يعرف تسونامي،هزة أرضية، زلزال،انتخابات فرنسية أمريكية روسية حرب عالمية ،لا نعرف ،ولكن هذا الانتظار هو الكفيل بتغير ميزان القوى على الأرض لمصلحة سورية .

خاطب المعلم :

مما لاشك به بان النظام السوري مربك سياسيا وموتر نفسيا بسبب ضخامة الحركة الاحتجاجية التي لم يستطيع أخمدها ،لا بالطرق العسكرية أو الأمنية ،مما ساهمت هذه الحركة بمزيد من الضغط الدولي والعزلة السياسية التي يفقدها النظام وتشل هذه العزلة حركته وقدرته على الحركة والتفكير،فكان خطاب الأسد الغير موفق ،ودون المستوى المطلوب لمعالجة المشكلة ،والذي تلقى الصفعة الداخلية من خلال الخروج السريع للشعب إلى الشوارع ،في رفض كلي لطرحه وهذه الحركة العفوية تبطل كل الأقوال التي تشير إلى قوة خارجية تحرك الشارع وتملي عليه طرحاها السياسي.

ردود الفعل الدبلوماسية والسياسية الأوروبية والعالمية من الخطاب الغوغائي، فكان مؤتمر الصحافي لوليد المعلم الذي حاول الوقف أمام أمرين

1-تجاهله لدور أوروبا ونسيانه لها أو شطبها عن الخريطة السياسية، وهذا يعني مناجاة أوروبا ومطالبتها بالتحدث مع النظام السوري الذي وقع في قاع الزجاجة عليهم فتح هذه الزجاجة لان تجاهل الشيء لا يعني إزالته .

2-الترحيب بالموقف الإيراني وحزب الله الداعمان لنظام الأسد ،فالمعلم الذي يرسل رسالة امتنان لحلفاءه الذين سانده في قمعه للانتفاضة السورية ،وكذلك يحاول أن يخاطب الغرب وأمريكا بان لا تضيعوا الفرصة من خلال الضغط على نظام الأسد فالبديل جاهز"إيران وحزب الله"وهذا الطرح أو الغازل يعني الكثير.

فالنظام السوري لا يزال مقتنع بأنه يستطيع الصمود بوجه العالم كما صمد في العام 2004، واستطاع إن يفرض على العالم وجهة نظره الخاصة بسبب انفتاح الغرب عليه دون شروط تذكر ،واليوم الفرصة سانحة ولا تقل أهمية عن الفترة السابقة وليده العديد من الأوراق الذي يمكنه لعبها بنجاح في المنطقة ،طبعا لا تزال العقلية الأمنية هي التي تسيطر وتدير سياسة النظام السوري وهنا تكمن المشكلة لان الرئيس بشار الأسد قد تبنى كليا هذا الخطاب وطرح فكر المؤسسة الأمنية في خطابه الأخير.

خطاب نصرالله الأخير:

لقد تعمد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله التحدث عبرا الشاشة نهار الجمعة التي أعلنها السورين جمعة خلع الشريعة، عرفا بالجميل للنظام السوري الذي ساهم مباشرة بوصول حالة حزب الله إلى هذا المستوى فالنظام السوري مأزوم ومحاصر عالميا وسياسيا وشعبيا وإسلاميا ،محاولا استغلال بعض النفوذ التي يتمتع بها عربيا وإسلاميا من اجل شيء من الدعم الخارجي أو الانفتاح الإسلامي وخاصة بعد دعوة الشيخ يوسف القرضاوي لتخصيص الجمعة القادمة للتضامن الإسلامي مع الشعب السوري ،فحاول مخاطبة الشعب السوري والعربي بان النظام السوري نظام مقاوم ممانع قدم الكثير للمقاومة ولإيران على مدى ثلاثة عقود ،فالعتب كبير على الإخوان المسلمين والحركات الإسلامية كيف تعمل على إزاحات نظام شريف مقاوم قومي عربي،فالسيد لم ينتقد ممارسات النظام الأمنية لم يقف مع الشعب الذي يذبح ويقتل يوميا ،لم يتقدم بأية مبادرة تضمن للشعب السوري حقه وتعيد اعتباره،فكان الخطاب خالي من مشاهد التراجيدية اليومية ،فكل شيء يغتفر بنظره لحليفه بشار الأسد ونظامه ،لان حزب الله يتحالف مع النظام السوري وليس الشعب السوري الذي صنع بطولاته على ظهر هذا الشعب.فالشعب السوري هو مقاوم ووطني ومناضل وقومي ومسلم إذا سكت عن جرائم الأسد،فالسيد وحزبه وإيران فوقهما يقومن بتحالفات ليست شعبية من خلال الشعوب المقاومة البطلة ،بل تحالف أقليات بين فئات وقوى تعمل على تهميش دور الشعوب إذا رفضت الإقرار بهذا الطرح .

الموقف الروسي الجديد:

تكمن مشكلة النظام السوري بأنه بعيدا جدا عن القراءة الجيو- سياسية والتغيرات التي تعصف بالعالم ككل،لكنه اعتمد الحل والنظرية الأمنية ،هذا تصريح بوتين رئيس وزراء روسيا من فرنسا الذي يضع القتلى في سورية على ضمير بشار الأسد ويقل بأنه لا يمنع من الضغط الدولي على سورية دون التدخل العسكري الغربي الذي يخيف موسكو،ويصر بان سورية ليست حليفة لروسيا وانتهى عصر التحالفات الإيديولوجية السابقة ،فسورية هي الأقرب إلى فرنسا وأمريكا منها لروسيا ، روسيا التي تساوم الغرب على الحفاظ على مصالحها الخاصة والتي تهم دولة الاتحاد الروسي ،روسيا لا تدافع عن نظام راحل دون عودة ولا تتحمل جرائم نظام يرتكبها ضد شعبه .

أمام هذا التحول في الخطاب العالمي والدولي في رفع النبرة ضد نظام الأسد ،وبظل تمدد الحراك الداخلي السوري وانضمام المزيد من المحتجين إلى حركة الثورة السورية،وبظل فشل الحل الأمني والعسكري في الإطباق على المدن من قبل القوات العسكرية ،وبظل المشاركة القوية للمدن المحتلة ،لبد من القول بان النظام السوري يتلاش شيا فشيا ،أمام حركة الشارع اليومية والتي تمنع النظام السوري من الصمود بوجه الخارج وعقوباته .

لبد من الوقف مع الشعب السوري وقفة إنسانية أخلاقية تضامنية لنقول لكم انتم صنعتم من لا شيء شيء فالثورة السورية" انتم صنعتم المستحيل من العدم، لنكون كلنا في الساحات لنموت جميعنا أو ننتصر، لننتصر". بفضل دمائكم الزكية الطاهرة التي تدفعون ثمن رصاصاتها التي يطلقها النظام وأعوانه على كل فردا فيكم ...

بانتظار ردكم وحراككم يا ثوار، على تأزم النظام وأعوانه والتي أضحت معالمه واضحة في كل حركة ولفظة وتصرف منهم جميعا.

د.خالد ممدوح العزي

صحافي وباحث إعلامي،و مختص بالإعلام السياسي والدعاية.

Dr_izzi2007@hotmail.com