الأحد، 23 ديسمبر 2012

روسيا وجورجيا : اعادة علاقات بظل فوز المعارضة الجورجية او ادارة علاقات جديدة في القوقاز...!!!


روسيا وجورجيا : اعادة علاقات بظل فوز المعارضة الجورجية او ادارة علاقات جديدة في القوقاز...!!!
لم يكن اللقاء بين الدبلوماسية الروية والجورجية لقاءا عاديا بعد فترة طويلة من انقطاع العلاقات بن البلدين بسبب الاعمال العسكرية في 8 اب اغسطس عام 2008.
لقاء الثقة او لقاء سويسرة بين البلدين حسب ما اعلنت عنه الخارجية الروسية بان الاجتماع الذي تم بن البلدين هي خطوة اولى لتطبيع العلاقات المقطوعة بين البلدين ،والهدف منه الى بناء علاقات حضارية بين روسيا الاتحادية وجورجيا القوقازية وتحويلها الى علاقات عملية تهتم بمجال النقل والمواصلات والمجال الثقافي والانساني التي ابتعد الشعبين الصديقان عن الصلة فورا وصول الرئيس مخائيل ساكاشيفلي في عام 2004 بعد الثورة المخملية التي عرفها العالم كله  او ثورة "الورود"،  الرئيس الشاب الطامح للحكم لم يخفي عدائه للروس من خلال اللعب على الشعور القومي الهادف الى توحيد جورجيا المفككة تحت قيادته وبدعم مباشر من امريكا .
ساكاشفيلي طموح رئيس وصراع نفوذ:
طبعا هذا الوصول والطموح الشخصي للرئيس الشاب ابتدئه بتوحيد  مقاطعة ادجارية وعاصمتها "سوخومي " التي كانت تميل الى روسيا لكن الروس قدموا المقاطعة املين بفتح صفحة جيدة .لكن الاحول تصاعدت بين روسيا وجورجيا مما دفع بروسيا بممارسة قيود اقتصادية على جورجيا للضغط على نظام ساكاشفيلي الصاعد لكن روسيا فشلت فشلا ذريعا بالرغم من اغطاء الرئيس الشاب بحق شعبه مما دفعت الشعب الجورجي بالالتفاف حول رئيسهم، فالقيود الاقتصادية التي مارستها روسيا ضد جورجيا بأقفال الممرات الارضية والجوية ومنع العملة من العمل في روسيا وفصل جورجيا عن العالم وفرض قيود كبيرة على المنتوجات الجورجية وخاصة النبيذ والعنب والماندرين والخضروات وتزويدهم بالغاز الطبيعي وقطع البث التلفزيون الروسي عن جورجيا وشعبها ، تعتبر روسيا منفذ   رئيسي للجورجين وشريان حياتهم ، مما ساعد الرئيس على ممارسة حملته الدعائية ضد روسيا وقيادتها، والجدير بالذكر بان روسيا عانت من الدكتاتورية الجورجية ايام الحقبة السوفياتية :ولكن تربطها علاقات تاريخية ودينية بجورجيا من خلال التالي :
1- وجود رجل اسمه ستالين(دجوغاشفيلي) رجل الاتحاد السوفياتي الحديد ومدير مخابراته في تلك الحقبة  الجوري باري،
2- جورجيا من التبعية الأرثوذكسية في الديانة المسيحية، والتي حاول بوتن توحيد الكنيسة الخارجية والداخلية لروسية  .
3-جورجيا البلد الشريك  في حقبة الاتحاد السوفياتي السابق ،
4-جورجيا المشاركة بشعبها د الاحتلال الالماني فترة الحرب على روسيا.
5- ارتبط جورجيا بكافة البنى التحتية السوفياتية القديمة .
توتر العلاقات بين البلدين :  
هذه العلاقات المتوترة بين روسيا الاتحادية وجورجيا القادمة للمسرح السياسي الجديد بوجود ساكاشفيلي دفع بها الى معركة عسكرية  ادت الى تدخل روسيا المباشر في تركيا للدفاع عن نفوذها في القوقاز وحديقته القوقازية بظل عودة روسيا الى المسرح السياسي والتي انتهت بتدخل مباشر من قبل اوروبا بواسطة الرئيس الفرنسي  السابق نيقولا ساركوزي وسكوت تام للإدارة الامريكية، مما دفع بروسيا بأرسال رسالة كبيرة لأوروبا والعالم بانها لا تسمح بتهديد امنها القومي وعندها اعلنت اعترافها بدولتي "ابخازيا  واسيتيا الجنوبية “،اللتان لا تودان العودة الى احضان جورجيا وانما تحبذان البقاء داخل الاتحاد الجورجي، بعد الاستفتاء الذي حصل مع هذه الدول الصغيرة عام 1991 عقب انهيار الاتحاد السوفياتي معللين ذلك بانهم ليسوا جزء من جورجيا ويحملون الصبورات الروسية وبالتالي روسيا معنية بالدفاع عنهم وخاصة بعد المعرك التي خاضها ضدهم الجيش الجورجي عام 1991-1992.
ولكن مع وصول المعارضة الجورجية الى الحكم في ايلول الماضي وسيطرتها على اكثرية المقاعد النيابية مما سمح لها بتشكيل حكومة اكثرية حسب قانون البرلمان المعدل الذي يسمح للحزب ذات الاكثرية بتشكيل حكومة ولكون القانون الجديد ينقل جورجيا الى دولة برلمانية تحد صلاحيات الرئيس وبكون الرئيس الحالي لم يتمكن بالفوز بالأغلبية ليكمل حكمه الجديد سوف تنتهي ولايته في تشرين الثاني" اكتوبر" من  العام 2013 مما دفع برئيس الوزراء ورئيس الأغلبية البرلمانية الجديدة بمحاولة فتح قنوات الاتصال مع روسيا .
المعارضة الجورجية :
لم تتمكن روسيا طوال فترة حكم ساكاشفيلي من بناء علاقة ثقة بينها وبين المعارضة الجورجية التي ناضلت طوال فترة حكمه ولم تسمح له بممارسة حكمه بسلسة بل كانت بعيدة عنها بسبب انعدام الثقة والعلاقات المتوترة بين البلدين ولكون المعارضة كنت تعتمد الدعاية القومية بوجه الرئيس كي لا يسجل عليها موقفا سياسيا من خلال الخطوط التي قد يمكن ان تبنى مع روسيا .فوصل المعرضة الجورية الى السلطة بزعامة الملياردير الجورجي "بيدزينا ابفا يشفيلي " اراح موسكو ولكونه بدء يتصرف كونه رجل دولة وليس رجل مليشيا:
1-  التصريح الاول الذي ادلى به في تبلسي في 22 نوفمبر الماضي :" بانه لا ينوي اثارة مسائلة عزل الرئيس الجورجي بل بالتذكير بانتهاء فترة الرئيس الرئاسية ،ربما لعدم اثارة المشاكل الداخلية وتأزيم الوضع في الدولة .
2-ان سبب تأجيله لزيارة موسكو يعود لسبب بسيط  جدا لعدم وجود علاقات دبلوماسية بين البلدين وغياب التمثيل الدبلوماسي بينهما ،ولا يمكن زيارة موسكو بظل ووجود سفارات لروسيا في "ابخازيا واسيتيا الجنوبية"، ولكنه من ناحية اخرى لم يستثني اجراء اتصالات مع بعثات روسيا في دول اوروبية او غيرها. وهنا يكمن تصريح وزيرة خارجية جورجيا الشابة "مايا بانجيكيذزة" بان هدف لقاء جنيف هو الاتفاق على صيغة قادمة للاجتماعات الاتية بين البلدين .
روسيا تلقف اشارات دولية : روسيا التي تحاول إيجاد مخرجا مشرفا للعلاقات المتأزمة بين البلدين بدأت تتلقف الاشارات الدولية والجورجية والذهب  الى فتح باب الحوار مع جورجيا الجديدة لطي مرحلة ساكاشفيلي  من هنا جاء تصريح الرئيس "فلاديمير بوتين" لوكالات نوفستي"  بتاريخ  11 ديسمبر الحالي، بانه يأمل بتصحيح العلاقات بين روسيا ودول القوقاز وجورجيا اثناء لقاه برئيس جمهورية ابخازيا" ليونيد تببيلون ".
على روسيا البوتينية بان لا  تمارس ضعفها السابق  عندما جاءها الى موسكو الرئيس الجورجي السابق "إدوارد شفرنتزه" طالبا المساعدة لإنهاء حالة التفكك في الجمهورية نتيجة الحرب الاهلية وقتها فاكن الرد من قبل الرئيس الراحل بوريس يلتسن بان همي يكفيني . فاليوم الروس يتلقون الاشارة ويحاولون مد الثقة بين الطرفين من خلال عدم الشروط وفتح المجال الجوي امام الشعب المحاصر وفتح الممر البري الوحيد لجورجيا وعودة البث التلفزيوني الروسي على جورجي وكذلك تصريح الرئيس الروسي بان روسيا لا تعارض عودة جورجيا الى رابطة الدول المستقلة دون شروط مسبقة .وتصريح لافروف في 9 ديسمبر بانه من الممكن ايجاد حلول وسطية بشان مشكلة "ابخازيا واسيتيا الجنوبية" والعمل الجاد لتحسين العلاقات بين البلدين ،وتسعى لها روسيا .وهنا لبد من القول بان المعارضة الجورجية الصاعدة للحكم تسعى الى تسوية الخلافات مع روسيا لان الوفد الذي ذهب الى سويسرا واجتمع مع نائب وزير الخارجية الروسية "غريغوري كارسين"لكن " زوراب أباشيدزه " هو ممثل شخصي لرئيس الحكمة الجديد، بدون تكليف من الرئيس الحالي ساكا شيفلي الخصم الفعلي لروسيا. على روسيا اليوم النظر بموضوع جورجيا بعقلانية ومنطقية بعيدا عن النظرة الفوقية التي تحاول روسيا دائما التعطي معها مع شعب الاتحاد السوفياتي السابق بانها الاخ الاكبر لهم ،فالمقولة القيصرية القديمة تكمن بان الذي يسيطر على ارمينيا يتحكم باقتصاد القوقاز ومن يسيطر على جورجيا يتحكم بسياسة القوقاز فهل تتمكن روسيا بذلك بظل انحصار دورها الاقليمي وسياستها الداعمة للدكتاتورية العالمية للمحافظة على مصالحها الاقتصادية التي باتت بخطر فعلي..   
    
د. خالد ممدوح العزي
 كاتب صحافي مختص بالأعلام السياسي والدعاية  
Dr_izzi2007@hotmail.com