الأحد، 10 يونيو 2012

غسان تويني خسارة لبنان والصحافة ...!!!


غسان تويني خسارة لبنان والصحافة ...!!!
البارحة شيعت مدينة بيروت عاصمة لبنان ،عاصمة الاعلام اللبناني والعربي ،الكاتب والاعلامي والسياسي،لقد شيعت بيروت شمس النهار الصادح ...
رحل فجر النهار...رحل غسان تويني عميد الصحافة اللبنانية، رحل الاعلامي والسياسي والدبلوماسي واستاذ الجامعة، رحل صاحب القرار 425،صانع التحرير الاول لدلة لبنان ،رحل السفير غسان التويني وصاحب مقولة "اتركوا شعبي يعيش في سلام "، في قبة هيئة الامم المتحدة ،طبعا السفير هذا اللقب الذي احبه غسان في حياته ومارسه بمهنية عالية ،لكنه لم يفضله على الصحافة وكتابة المقالة والافتتاحية والاشراف على جريدة النهار حتى في وقت الصعاب ايام الحرب الاهلية والمذهبية اللبنانية التي كان يتنقل فيها بين شطري  العاصمة المنقسمة على طائفيتها، لكي يشرف بنفسه ليلا على اخراج طبعة النهار لتخرج في الصباح ،صباح الفجر عند صياح الديك . رحل ابن قبيلة الغساسنة العربية التي كان لها الفضل  في التاريخ العربي ، رحل فتى العروبة الذي جال في كل بلاد العرب ليكون صحاغيا جولا لصالح النهار ،ابتدائها من تغطية احداث فلسطين في العام 1948 يوم النكبة ، مارس الكتابة متنقلا بين صفحات النهار ليصبح كاتب افتتحايتها الدائم والتي لم يتركها في اصعب الظروف لتخرج في اول يوما لغيابه بيضاء وتحت توقيع غسان تويني ،لكن العميد اودع زوجته نادية التويني واولاده جميعا في جناة الخلودوانتظر الى اليوم ليرح اليهم لانه اشتاق لهم غياب كبير .
رحل في ليلة ظلماء بعدما ترك النهار بين يدين الوراثة والاحباء،والزملاء ،ليكملوا المسيرة، مسيرة الدرب والعطاء الذي عمدها غسان التويني بدمه وتعبه ونضاله ،لتكون مسيرة الحرية الاعلامية في جريدة النهار الموروثة عن العائلة، والتي لم تكن يوما عائلية بل كانت مهنية عالية بل اضحت امبراطورية كبيرة في عالمنا العربي لانها اعتمدت المهنية وتقبل كل الاراء .
رحل الاب العطوف بعد ان ودع تلاميذه الاعلاميين في النهار واوصاهم بان الفجر لبد له من البزوغ ولبد لديك النهار في كل مطلع شرق بان يصيح كما كان دائما يصيح بالكلمة الحرة الجريئة، بالرغم من كل المآسي التي مرت على لبنان ولاتزال تمر وكان النهار كتب لها بان تعيس الماساة اللبنانية كلها .رحل ليترك غسان وصحيفة النهار بين ايادي تلاميذه واحبائه وأولاده، ليتابعوا بعده المسيره بعده مسيرة النهار مسيرة الحرية والكلمة الصادقة في مسيرة النضال الاعلامي الذي فضله غسان تويني على كل المناصب والمراكز التي تولها في حياته ،بالرغم من كونه يحب كلمة السفير لأنه عمل في السلك الدبلوماسي وصاغ القرار 425 في الامم المتحدة وصاحب مقولة "اتركوا شعبي يعيش بسلام "،رحل بهدوء وبصمت وبلحظة سريعة كالخيال ، بعد ان اطمئن قلبه على الجريدة ،لقد ودع التلامذة وحثهم على الاستمرار في تحرير الكلمة الحرة ،لقد نام غسان التويني المناضل اللبناني والعربي والسياسي والدبلوماسي والاستاذ الجامعي والاب والجد ليذهب الى لقاء الاحباء وخاصة ناديا وجبران وسمير ليبشرهم بالثورات العربية، الثورات التي هل هلالها وكانوا هما  من عمادها ومباشريها في ربيع بيروت واستشهدوا من اجلها ،فالعالم العربي اضحى يعيش في ثورات شعبية مماثلة من طنجة حتى بيروت ،ذهب سريعا  في حزيران ليقول لتلميذه سمير قصير الذي استشهد في  2 حزيران  2005:"انتهت في سورية والوقت اضحى على النهاية والشعب صمد بوجه زئير الاسد" ، لقد ثار اليوم يا سمير الشعب السوري الساكت، الصامت طوال الاعوام الماضية ، هذا الشعب المكبوت من السلطة القمعية المخابراتية، الحرية والديمقراطية هي شعار اهل سورية ، سمير لقد كنت السباق باكتشاف الثورة ومحركها الاول و اشرت اليها في مقالاتك اليومية على صفحات النهار، والتي ضمت وجمعت جميعها في كتاب شهير ومميز اسمه :" ديمقراطية سوريا واستقلال لبنان"، غسان يقول لسمير سوف يكتمل ربيع العرب وربيع لبنان .
لقد ذهب غسان التونيني بصمت ،صمت حزيراني ،ولان حزيران في والوطن والعربي ولبنان دوما يعتبر شهرا صاخبا،فاراد ان غسان ان يخرج من حياتنا بصمت ،لكن لبنان شيعه بصخب ولم يقبل جمهور المشيعين الا وان حمله على الاكتاف الى جريدة النهار ،لتكون فيها النظرة الاخيرة عليه ، وفي الصباح خرجت النهار فارغة من الافتتاحية وكان الامضاء غسان تويني كالعادة،ولكن كتابها كتبوا خواطر بالعميد الغائب الحاضر ، فاليوم نفتقد غسان التويني السياسي والاعلامي بالرغم من الثروة الكبيرة التي تركها وراءه من خلال جريدة النهار وكتابته الخاصة ومقالته وكتبه التي اضحت مراجع في علم الاعلام وللبحثين ،لكنن اليوم نفتقده ونحن امام دعوة للحوار الوطني ستعقد غدا الاثنين ،بدونه وخاصة هو كان صاحب دعوتها الاولى في عام 2006 .حاول كسر القاعدة  ليقول لسمير نام هادئا  قرير العين ،وكن مطمئنا في مرقدك الاخير وهانا الى جانبك في المرقد ،لان كتابك الاخير سوف يبصر النور ولن يكون لبنان: ربيع لم يكتمل وحلم ،بل حقيقة . ذهب غسان الى عائلته الكبيرة التي ابتعدت عنه من دنيا الحياة ليجتمع بها في دنيا الغياب الى الابد ودون فراق.
اليوم اضحينا نقول بكل اسف بان الراحل غسان تويني ،كان مدرسة في المهنية والاعلام و السياسة والانتماء ... مدرسة في الديمقراطية والاخلاق العالية ...مدرسة في الوطنية والقومية والعروبة الحضارية الحقيقية . غسان مدرسة بكل معنى الكلمة في احترام الاخر والتلاقي والتنوع والنقاش والشرح ،بل موسوعة من العلم والمعرفة.
غسان تويني  خسره لبنان ، وعالم الصحافة وكل ذي قلم حر ونظيف ...غسان تويني خسارة كبيرة لنا جميعا.
د.خالد ممدوح العزي
كاتب وباحث ومختص بالاعلام السياسي والدعاية.
DR_IZZI2007@HOTMAIL.COM